الجماهير – أسماء خيرو
عرّف الفنّان عبد الحميد ندّاف لوحته التي عنونها ب ( ٢٠٢١ ) بهذه العبارات: بأنّها أشبه بدرس تحليلي يشير إلى تناقض مواقف الدول التي تدعي الحضارة إزاء مايحدث في الواقع العربيّ، إذ يتبدّى لنا في اللوحة الإصرار على الصمود والحاجة الشديدة على الوقوف بقوّة وعزم في وجوه سارقي الحياة من أبناء الحياة .. فالطفل يتوسّط اللوحة يشير إلى أطفال يحتفلون بليلة الميلاد بينما هو يعاني من مرارة الجوع وذلّ التشرّد مصارعاً البقاء، يفتح كفّه صارخاً بصمتهِ المهيب: أيّها الناس” أريد الحريّة لوطني” فلايجد سوى صدى بحروف
مغمّسة بالشقاء ملوثة بضجيج الحرب وتحجّر العواطف وموت القلوب وتخلّف الضمائر عن رؤية أنين الفوضى والخراب الذي أحدثته الدول المتقدّمة التي ترفع شعار “الديمقراطية” في البلاد العربية، فالأرض لم تعد ترغب بوجوده، تخلّت عنه، قوّضت أحلامه البريئة ومشروعاته المستقبليّة، وتأبى عليه تحقيقها، وفي تساؤل أبدي عن كيفيّة الخلاص وعن الغد المجهول الهويّة الذي ينضح من نظرته الخرساء الشاكية، كان ثمّة حديث مات على شفته الصغيرة قبل أن يولد وانعكست جثّته في العيون المشرّدة والأجساد النحيلة، وفي الضياع والخيبة والانكسار، والخوف والروح المتعبة، مؤكّداً على التناقض المفجع لتلك الدول التي تنادي بالحريّة، وفي الوقت عينه تشعل الحروب وتنشر الفوضى.
رقم العدد 16341