يا عاشقة الورد

· يمنى حمامي

يذكرني تاريخ هذه الأيام ، بربيع كنا نزهو به ، و تتغير ملامحنا للأجمل ، نعم اذكر ذلك ، فلقد اعتدت في مثل هذه الأيام ، والورد يملأ شوارع مدينتي و أزقتها ، أن أحضر نفسي ، و أتبرج وأتعطر و كأني في حفل استقبال لهذا الفصل البهي !!

و كأنما الورد يختال ضاحكا ليستفز بي ما استطاع الشتاء كبحه ، أرجاء المدينة سكرى من فرط روائح الجوري ، والناس في سباق لشراءه .

كنت اتعمد السفر إلى الريف لأشهد ملحمة القطاف تلك ، لقد كنت احتفظ بثوب استعرته من إحداهن ، مرسوم عليه كل ورود الدنيا ، وأتقنت حينها قلبه والإمساك بطرفيه للأستعداد للقطف ، ووسط أهازيج النسوة وضحكاتهن ، كانت تتفتح كل البراعم حولهن ، وكنت أغني ( يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك ) .

وأنا أقطف وأجمع ورودي في ثوبي الزاهي ، بالفعل كان يوما مميزا لا أنساه ، و ختموا لي نهاري (( الذي طبعت الشمس فيه حمرتها على وجهي)) ، بطوق من الورود على رأسي ، فحملته مع ما قطفت و عدت إلى مدينتي وجسدي متعشق به شذى الورود وعبقها ، انتهت مرحلة ، وبدأت غيرها ، فالآن يحتاج الورد لفرشه على أرض نظيفة والبدء بنزع و فصل بتلاته عن مياسمها ، ونخله للتخلص من كل الشوائب ، ليبدأ فصل رش السكر والقليل من ملح الليمون وفرك البتلات ببعضها لتحفيز ماء الورد على النضوح ،،،

( يا عاشقة الورد ، إن كنت على وعدي ، فحبيبك منتظر ، يا عاشقة الورد ) …

هكذا غناها زكي ناصيف ، و في هكذا مناسبة لابد من سماعها ، ألا تعلمون لماذا يقال أن للطبخ نفس ؟!!!

النفس الذي يتبع الروح وليس الذي يتبع لغة الجسد !!

وباعتقادي أن المرأة التي تعد الطعام بحب ، تستمتع عائلتها في طعامها ، وأنا لابد لي أن اغرم بكل التفاصيل حتى أغيب بها وتطفو هي على روحي ، كما طاف ماء الورد حينها و بات مستعدا للغليان حتى يلامس شفاه القدر و يبدأ بالتقطر ، لأتبعه بالبتلات و في مشهد الإنسجام والامتزاج لابد لك أن تنتشي ،

لأنك انجزت مالا يستطيعه سوى أهل مدينتك تلك ، الغارقة حتى الثمالة في بساتين من وله وورود وطيب ، مدينة تحول ورودها لأطيب انواع المربيات و ( العصائر) ،

مربى الورد الذي امتازت به مدينتنا الجميلة ، والذي كان يزين فطورنا و عشاءنا ، نعم إنها مدينتي التي يغفو ياسمينها على شعر نسائها و يختبئ الفل في صدورهن ،

لم يبقى علي وقتها سوى أن أتكئ ، و بجانبي شراب الورد صنعته بيدي ، و أرتشفه على أنغام ( الورد جميل ، جميل الورد …) .. لأعلن وصول الربيع إلى روحي وليس فقط لشرفات منزلنا .

رقم العدد 16388

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق