شعر || محمود علي السعيد
ـ بطاقة العشق أهدي منصفاً حلبا دقت على البعد فارتد الصدى حقبا
ـ قسائم المجد في أسواقها انتعشت وطائر الوصل من أحداقها اقتربا
ـ يعانق الصيف مشغوفاً بمبسمه هيهات يظمأ من من سحره شربا
ـ أبراج قلعتها في رونق شمخت كي تفرط الريح من عنقودها العنبا
ـ تميس والقامة الهيفاء تسعفها حجارة الوعد سبحان الذي وهبا
ـ نسغ الخلود يضخ الومض ذاكرة ما مرة طفله في حضنها اضطربا
ـ وفستق الدار قرص الشمس ورده يهيج اللحن في أوتاره القصبا
ـ يرد للنخل بعضاً من فضائله فيسقط الجرح من عليائه الرطبا
ـ والبرتقال إذا جن الشتاء به يافا على مفرق (أما له وأبا)
ـ ترنيمه الطيب هامت في مساكبها وجدول الدفء من أعطافها انسكبا
ـ هنا قطار الصبا رقت نسائمه وقرب شط الندى في صدرها لعبا
ـ أزقة الحي كم تحلو بزخرفها وقد ترقرق بوح العود وانتسبا
ـ الى الأصالة والعينان منتجع جدائل الضوء هامت فيهما صخبا
ـ غزلانها البيض من شباك رابية تهدهد الحلم إن شف المدى عتبا
ـ تصمي بطرفة همس من يسامرها إذا تقلب فوق الآه واحتسبا
ـ عاينت خمر النوى في أوج سلطته ألفيت عن رشفة في الكأس ما اغتربا
ـ أبو فراس وقد أنت يمامته يرنو الى مرتع من عمره سلبا
ـ والبحتري جنون الشعر (علونه) إن أشرق الورد في الخدين أو غربا
ـ من جوهر اللون في حمى نصاعته يطرز الأفق في قمصانه شهبا
ـ منصة العرش من شطحاته اكتأبت ودون بحة صوت أمطرت لهبا
ـ السهروردي لا يغفو على مضض يؤجج القول في تجواله غضبا
ـ وشاغل الخلق لا تفريق بينهما كانوا أعاجم بالأشواق أم عربا
ـ يضج بالشعر في فرعين من عبق لم يسمع الدهر أرقى منهما أدبا
ـ أبو العلاء يعيد اليوم في صلف للطقس خضرته لو صيرت حطبا
ـ في دولة سيفها ـ والغزو مرتهن ـ على القرنفل في تغريده احتربا
ـ فيها استقامت خطوط الضاد مسطرة تجدول الحرف في أنساقه كتبا
ـ إذا تناسى شغاف الروض تربتها يشع نبض الشذا من رحمها ذهبا
ـ وجه النضارة مهما أورقت محن هيهات تلمسه لو مرة شحبا
ـ تسابقت مدن الدنيا برمتها كي تقطف الفوز من صحن الردى غلبا
ـ فزقزقت دونها للعلم عاصمة وصفق الموج للتاريخ وانتخبا
ـ أيقونة العمر لا تخفى شمائلها إن ضاق بالنجم صدر الليل أو رحبا
ـ رغبت تلويحة من رمشها فدنت وكل من أشعلت أعراسها رغبا
ـ ما حط طير على أغصان روعتها إلا ولو قبلة من ثغرها طلبا
ـ من شرفة الغيم والذكرى تزنره بنفسج الروح طعم الزرقة اكتسبا
ـ حورية الكون نفح من خواطرها في ملعب البحر إن طافت به عذبا
ـ شرق الحضارة ما مرت به أمم إلا توهج في مرآتها عجبا
ـ إن فجر الهم آلامي أطمئنه قارورة الدمع يهمي جفنها طربا
ـ جوارح العصر ملت من طرائدها وظل ينهش أعماقي وما تعبا
ـ في غمضة من عيون الحق حاصرها غرب من الصمت بالتضليل واغتصبا
ـ اثنان في واحد أمست على قلق الماء والنار رغم الفرقة اصطحبا
ـ فصل المودة والأيام مترعة مواسم الخصب في أمطاره جلبا
ـ جور المنافي يقيني كلما عصفت بي المصائب واشتد الردى عطبا
ـ سألت شعلة خيط الوجد عن سبب فما وجدت لأطياف الرؤى سببا
ـ أطل فجر من الماضي يصارحني بكل ما سطر المظلوم واحتجبا
ـ لي موطنان فلسطين وقد بعدت ليحضن القلب مصطاف الهوى حلبا