المخرج السلتي للجماهير : الأزمة من أبرز أسباب عدم إنتاج النص السوري محلياً … والدراما العربية لديها أزمة مؤلف … والحالة الإبداعية تفتقد الاهتمام

الجماهير / أسماء خيرو

كان من المفترض أن أجري حوارا مع المخرج صالح السلتي حول تأليف مسلسل” بناية هب الريح” الذي عرض في شهر رمضان الفائت ، ولكن الحديث فجأة تشعب ليأخذ منحى آخر أثار الكثير من القضايا التي تؤرق الكاتب بشكل خاص والنص السوري بشكل عام فكان اللقاء مع شخصه رحيبا أثبت بأنه شخصية صقلتها التجارب فبلغت من التنوع والغنى درجة متفوقة في التأليف والإخراج على حد سواء ، إنه نموذج للإنسان السوري الذي يمتلك طاقة هائلة تتأجج كفاحا وفكراً وتوجهاً وكتابةً واهتماماً بقضايا الوطن ..
وهنا ماجاء في حوار الجماهير مع المخرج والمؤلف السلتي …

 * البدء كان بحديث المؤلف السلتي عن ولادة نص مسلسل”بناية هب الريح ” إذ قال عنه :
الحقيقة نص” بناية هب الريح” ولد منذ عام ١٩٨٥ في ظروف اقتصادية شبيهة بالظروف الحالية ولكن شاءت له الأقدار بأن يتم إنتاجه الآن وليس سابقاً ، والنص في طابعه العام اجتماعي كوميدي ، يتحدث عن مجموعة من الجيران يجمعهم بناء سكني واحد، تحدث بينهم خلافات تؤدي إلى العداء فيما بينهم ، والتسمية جاءت نسبة لمقهى كان موجودا في ذاك الزمن اسمه ( هب الريح ) كانت تجتمع فيه كل المستويات الفكرية والاجتماعية وتدور فيما بينهم النقاشات والحوارات عن الأوضاع المعيشية والحياتية ، والهدف من النص الدعوة للعودة إلى التعامل الجيد والراقي مابين أبناء الوطن الواحد وبالعامية “أن نتحمل بعضنا البعض ” هو يطرح سؤالاً غاية في الأهمية ما الذي تغير حتى لم نعد نتحمل الآخر بعيوبه ؟ الناس فيما مضى عايشت نفس الظروف وكانت تختلف فيما بينها ولكن بالرغم من ذلك لم تعامل من تختلف معه إلا بكل ود واحترام ومحبة ، وهذه المعاملة الجيدة للأسف افتقدناها في وقتنا الحالي .

* التعديل من أكثر المشكلات التي تعيق النص الجيد وهي إشكالية تثير الجدل كثيرا، فهل أنت مع تعديل النص لإرضاء السوق ولماذا ؟
لا لست مع فكرة تعديل النص لإرضاء السوق، أنا مؤلف لديه هدف يريد إيصاله ، لاتهمني الفائدة المادية بقدر مايهمني إيصال المعنى الجيد الذي يحرك الروح ولكن أحيانا تقضي الضرورة ذلك، صراحة لقد طلب مني تعديل نص “بناية هب الريح “ليناسب البيئة اللبنانية ، وكون المنتج من الكويت والممثلين من جنسيات عربية مختلفة قمت بعدة تعديلات تخدم بيئة العمل ولاتمس بالهدف الذي أردت إيصاله للمتلقي ، إذ أني ألغيت منه البعد السياسي، إضافة إلى تقليل من عدد الشخصيات، فأصبح يحمل فقط البعد الاجتماعي بقالب كوميدي ..

*النص يعد أحد أركان نجاح العمل التلفزيوني برأيك لماذا النص الجيد يتم إنتاجه عربياً ولا يتم تبنيه محليا ؟ وأين هو المؤلف السوري ؟
– بهذا السؤال لقد أثرت جرح ووجع عميق ، أنت من المؤكد تعرفين بأن المسلسلات السورية منذ عشر سنوات لم يعد أحد يرغب بشرائها والتسويق لها وهذا بسبب الأزمة السورية وتداعياتها حتى أن شركات الإنتاج المحلية اضمحلت لم يعد في سورية سوى شركتي إنتاج فقط ، والنص السوري لم يعد أحد يرغب بشرائه إلا إذا كان مدعوما أو ممولا من القنوات الخليجية أو العربية وتلك للأسف حقيقة تجبر المؤلف السوري لتسويق عمله خارج سورية ، والمؤلف السوري الجيد حاليا يأخذ استراحة محارب وعلى ما أعتقد السبب في غيابه من الساحة الثقافية هم الهواة من المؤلفين الذين حالياً يتحكمون بسوق الدراما العربية ، إذ لم تعد ساحة الدراما تهتم بالنص الذي يحمل قضية إنها تهتم فقط بالنص الذي يجلب لها الأرباح الضخمة وإن كان لايحمل مضمونا جيداً وهذا من وجهة نظري الخاصة، في الحقيقة إن ساحة الدراما العربية بأكملها تعاني من أزمة مؤلف وليس فقط سورية .

-*قلت بأن ساحة الدراما تعاني من” أزمة مؤلف ” سببها تحكم الهواة من المؤلفين ؟ كمؤلف يحمل قضية ماهو الحل للخروج من هذه الأزمة؟
الحل هو الاهتمام بتطوير الحالة الإبداعية عبر البحث عن المواهب الوطنية ورعايتهم من قبل المؤسسات الوطنية من ( اتحاد العمال – مديرية الثقافة – منظمة طلائع البعث – اتحاد شبيبة الثورة) وغيرها.
وسأضرب لك العديد من الأمثلة التي كانت فيما مضى سبباً في تطور الحالة الإبداعية ، إذ كانت مديرية الثقافة تقيم مهرجانا للتأليف المسرحي والشعري والأدبي هذا تم إلغاؤه في الوقت الحالي، وهنا نضع أمام هذا التصرف ألف علامة استفهام وتعجب ؟!! حتى على مستوى اتحاد شبيبة الثورة كانت تقام مهرجانات للتأليف والكتابة والشعر والقصة القصيرة فضلا عن دورات لتنمية المواهب ، وسأذكر لك أيضا كان الأب ابراهام كوستنيان مدرب كورال في ذاك الزمن كان يجول مدارس حلب فقط لانتقاء وجمع المواهب الإبداعية ، أيضا كل من ( الكاتب محمد الدروبي ،والمخرج ايليا قجميني – والمخرج المسرحي كريكور كلش) كل هؤلاء كانوا يقيمون الدورات من أجل انتقاء مواهب إبداعية ، فالحل بالمختصر المفيد علينا أن نحذو حذو من تكلمت عنهم آنفا ،وإن لم نفعل لن تتطور الحالة الإبداعية وستبقى أزمة المؤلف تؤرق ساحة الدراما الوطنية والعربية، وللأسف لقد وصلنا إلى حالة غير مرضية سببها عدم الرعاية والاهتمام ..

* هل من الضروري للكاتب أن يعيش التجرية حتى يكون عمله ناجحاً ؟ وهل للمؤلف دور في تطور العمل التلفزيوني أو السينمائي ؟
، لا ليس ضروريا بأن يعيش الحالة أو التجربة التي يريد أن يكتب عنها فقط عليه أن يرقبها في الواقع من بعيد ويطلع على بعض التفاصيل والأشياء التي تحقق له الواقعية في العمل، المؤلف قادر أن يعيشها بافكاره ويحاورها بخياله ليخرجها وفقا لرؤيته ، فالنقل الحرفي للحالة أو التجربة باعتقادي يفقد النص معناه لايكسبه جمالية يسلب من النص روحه النابضة .
والمؤلف بالطبع لديه دور في تطور العمل التلفزيوني أو السينمائي حين يواكب تطورات عصره في جميع الميادين سواء الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية فضلاً عن مواكبته جانب التطور التقني والعلمي ..
* وختاماً حدثني عن آخر أعمالك وعن نصيحة تسديها لكل من أراد أن يمتهن التأليف ؟
– آخر أعمالي كان مسلسل ( فتح الأندلس ) اشتركت فيه كمؤلف ومخرج ، وحاليا تتم له عمليات الجرافيك وتعديل الألوان لأنه تم تصويره وفق أحدث التقنيات والإمكانيات المتوفرة في العالم، فالعمل يعد من الأعمال الضخمة ، إذ أنه مسلسل يتألف من ٣٠ حلقة، ويضم ممثلين من ١٢ جنسية عربية ،وفنيين من ١٣ جنسية ، وفي الوقت الحالي أنا بصدد تأليف الجزء الثاني من مسلسل” بناية هب الريح” وهو قيد الإنجاز وبالطبع سيكون شبيه بالجزء الأول في إطار اجتماعي كوميدي .
والنصيحة التي أسديها لكل من يريد أن يمتهن التأليف والكتابة أن يقرأ الآداب العالمية والمحلية والعربية ، فالاطلاع على هذه الآداب يمثل الركيزة المتينة التي من الممكن للمؤلف الشاب أن يستند عليها .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق