“خان البرغل” …و حكايات لاتزال في الذاكرة..

••وفاء شربتجي

يقع خان البرغل داخل سوق المحمص بجوار خان النحاسين .
ُبني هذا الخان عام ١٤٧٢ م .
و كان مقراً للقنصلية البريطانية في حلب حتى بداية القرن العشرين .

يطل علينا هذا الخان بباب خشبي كبير ذو مصراعين ، وله فتحة باب صغيرة تستخدم للدخول إليه عندما يغلق الباب الكبير مساءً ،
حاله كباقي أبواب الخانات القديمة .
يحوي هذا الخان على عدة غرف موزعة مابين علوية وسفلية ، العلوية منه كانت تستخدم للمبيت والسفلية تستخدم كمستودعات لترويج البضائع ، جميعها تطل على فسحة سماوية .

وعن التفاصيل الداخلية لهذا الخان ..
بدايةً، من جهة اليمين يوجد ثلاثة محال تجارية ،ومن جهة اليسار محلين بجوارهم درج حجري مُلتف يُصعد من خلاله إلى غرف المبيت وعددها ستة غرف .

وحين تسند ظهرك إلى ذلك الدرج تطالعك عدة محال تجارية من على الجهتين ،
جهة اليمين توجد غرفتان لهما خاصية مميزة كونهما يطلان على الداخل وعلى خارج الخان أي تشرفان على سوق المحمص .
كما توجد غرفة للمستودع لها سطح يصعد إليه بواسطة درج حديدي برّام نصل من خلاله إلى الدَّاخل المؤلف من غرفة مكتب ومطبخ وحمّام وقبو عميق كان يستخدم قديماً لتخزين الطعام وتعتيق النبيذ ،
كما يوجد أيضاً بئر ماء عذب صالح للشرب حتى يومنا هذا ، و درج داخلي يوصلنا لخان النحاسين الملاصق له أو لدار “بوخه” .

أما عن طرف اليسار ، توجد هنالك عدة محال أرضية من بينها محل يصعد من داخله إلى غرفة علوية كبيرة مقببة ،
تهدمت لاحقاً .

نعود أدراجنا حيث قدمنا إلى هذا الخان ونسند ظهرنا لبوابة الدخول منها نحو فسحة أرضية كبيرة تتصدر هذا الخان الكبير تضم بعض محال أرضية ودرج يتموضع طرف اليسار ، يستقيم كسلم يصعد نحو عدة غرف متلاصقة برشاقة تطل على تلك الفسحة السماوية جهة اليمين ، وعن جهة اليسار من تلك الفسحة يتموضع فوق أحد محلاتها غرفة استقبال كبيرة باهرة الجمال ،

ومع مرور الزمن عمل السيد “جورج مرّاش” القنصل الفخري لبلجيكا على تحويل الغرف العلوية إلى نزل لإقامة القناصل الأصدقاء القادمين من عدة دول .
وتحوّلت المحال السفلية إلى محال تجارية .

وفي عام ٢٠١٠ م عمل السيد “فريد مرّاش” إلى تحويل تلك الغرف الست إلى فندقٍ أثري جميلٍ له صفات الحداثة والعراقة معاً .
لكن للأسف جاءت الحرب اللعينة على مدينة حلب وقام الإرهابيون بهدم هذا الخان وتحويله إلى أطلال .. لكن الغرف العلوية بقيت نوعاً ما محافظة على ذكريات إعادة ألقها .

وعن ذكريات خان النحاسين والبرغل حدثتنا السيدة “ماري ميشيل مرّاش” إبنة السيدة “أوجيني بوخه” ، وأخت السيد “باسيل مرّاش” القنصل الفخري لبلجيكا قائلة :
عشت طفولتي في دار بوخه دار أجدادي المتواجد داخل خان النحاسين
وكان لدي الكثير من الذكريات الجميلة بالأفراح و الأعياد ..
كما كانت الجلسة مع جدي غنية جداً بكل تفاصيلها ومقاييسها ، فقد تعلمنا جميعاً منه الكثير .
كان لجدي مكتبة قديمة يحثنا دائماً للإطلاع عليها لغناها بمواضيع عدة ،
كما أن الأثار الموجودة داخل تلك الدار كانت بمثابة متحف بصري جميل نستلهم منه غنى مدينتنا وأهمية لُقاها الحجرية الثمينة ..

كذلك الصور التي كانت تزين الجدران .. الخ

كل تلك الأشياء المطبوعة بذاكرتي اللحظية آنذاك ، كانت تحكي لنا عن تمسك جدي بمدينته وعشقه لها، إلى أن توفي جدي “أدولف” وأهتمت والدتي بالمنزل من بعده ، وتوفت هي الأخرى منذ سنوات قريبة رحمها الله ، وهأنذا أكمل وأخوتي المشوار من بعدها ..

وتنهدتْ وأكملتْ : هنا مثلاً مكان مانجلس أنا وأنتِ ..
كنا نجتمع على طاولة الطعام ، وهناك على تلك السماوية التي تربطنا مع خان البرغل كنا نلعب .
ذلك الخان الذي كان ملكاً لأخ جدي “رودولف” الذي كان تاجراً وقنصلاً ، عاش في خان البرغل وتزوج فيه وأنجب ولداً وبنتاً ..

وبعد وفاة الجد الأكبر ، كان لدينا حلم أن نجعل من تلك الغرف الستة فندقاً.
وبدأ أخي “فريد مرّاش” المشروع عام ٢٠١٠ لكن لسوء الحظ .. بدأت الحرب اللعينة ولم يكتمل الحلم !!!
آملين إستكماله لاحقاً.
وختمت السيدة “ماري ميشيل مرّاش” قائلة :
أحلم أن يلتم شمل عائلتنا ونعود ونجتمع حول تلك الطاولة من جديد كما كنا أطفالاً ،
وأن نبني ماتهدم من الخانين معاً ،
أتمنى عودة الحياة إلى أسواق مدينة حلب القديمة ، تلك المدينة التي ورثنا عشقها جيلاً بعد جيل .

وكل ما أسعى إليه أن يبقى الدار مفتوحاً للأمل والحياة من جديد .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق