الجماهير / أسماء خيرو
أي شخص -مهما كان – لو كان مكاني لشعر بالألم والمأساة مثلما شعرت لحال الشاب أبو عبدو وحال عائلته المؤلفة من ثمانية أفراد معاقين ذهنيا ، الذين قمت بزيارتهم برفقة رئيس مجلس إدارة جمعية الأسد العلمية للمعينات الحركية منذ عدة أيام بهدف الاطلاع والكتابة عن أوضاعهم المعيشية ، اللقاء كان في منزل والده الكائن في حي من الأحياء الشرقية .
والحقيقة أن المنزل كانت حاله يرثى لها، إذ أن لا شيء يشبه ولا أغالي إن قلت أنه أشبه بكهف أو خرابة .
كنت أتأمله وهو يتحدث ويتحدث عن ظلمة المكان وعدم وجود إنارة وتشقق الجدران ورائحة العفن ورماد القصاصة المحترق، وأكياس القمامة، والأثاث المحطم، والأنقاض المتناثرة هنا وهناك ،عن عمر حاصره الإرهاق والتعب والألم والفقر المهين المترامي في أرجاء المكان ، كانت كلماته ممتلئة بمر الأحاسيس وعلى شفتيه يرتسم الأسى فهو مسؤول عن ثمانية أفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة جلهم إناث ..
معاناة هذا الشاب قديمه ولكنها تضاعفت بعد أن توفى والده إذ تولى مسؤولية العناية الكاملة بـ ٧ إناث وشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة .
يقول الشاب أبو عبدو عن ذلك؛ توفي والدي منذ عشر سنوات ومن وقتها أقوم بمساعدة والدتي برعايتهم والاعتناء بكافة شؤونهم الحياتية ، إعاقتهم وراثية، خمسة منهن لديهن إعاقة ذهنية تقارب ٣٥ % واثنتان منهن لديهن إعاقة ذهنية تقارب ٤٠ % . والشاب لديه أيضا إعاقة ذهنية تقارب ٥٠ % وتتراوح أعمارهم مابين ال/ ٤٥حتى ال ٥٥ / عاما هم حاليا يقطنون في منزل والدي الذي لايمتلك أية مقومات معيشية في حي باب النيرب بالقرب من جامع البادنجكي ..
ويتابع الشاب أبو عبدو ويقول: بأن العناية بأخوته عمل يومي يضاف إلى عمله المهني إذ يقوم يوميا بالمجيء من مكان عمله في حي الميدان قاصدا بيت والده في حي باب النيرب كي يؤمن لهم احتياجاتهم من طعام وشراب فهم لايفقهون شيئا من هذه الحياة سوى الأكل والنوم، مضيفا بأن والدته البالغة من العمر/ ٧٣/عاما حالياً مصابة بمرض أقعدها عن خدمتهم والاعتناء بهم وهذا ما زاد أعباءه عبئا على عبء ، وأنه أب لخمسة أطفال ويعتني بأولاد أخيه الأيتام فضلاً عن الاهتمام بشؤون أخته الأرملة وابنتها الصغيرة البالغة من العمر خمس سنوات التي بالرغم من إعاقتها الذهنية الخفيفة إلا أنها تقوم بتقديم القليل من المساعدة كالطبخ والاهتمام بنظافة المكان ..
الشاب أبو عبدو يعتمد في تأمين حاجيات أخواته المعيشية اليومية على بعض المساعدات العينية من أهل الخير والرحمة ومن جمعية الأسد العلمية للمعينات الحركية ولكن هذه المساعدات في ظل الظروف المعيشية الخانقة باتت لاتكفيهم فالأسرة بحاجة إلى المزيد من الرعاية والدعم والمنزل يحتاج الكثير من الإصلاحات وخاصة مع قرب قدوم فصل الشتاء …
يقول أبو عبدو عن ذلك : لم أترك بابا إلا وطرقته معظم الناس يأتون ويطلعون على الوضع يقدمون المساعدة لفتره قصيرة ومن ثم يختفون وأنا لاألومهم في ذلك فالأوضاع الاقتصادية ليست جيدة بل على العكس أنا ممتن لهم ولجمعية الأسد العلمية للمعينات الحركية، لما يقدموه من دعم لي ولعائلتي ،وإن كان لايسد إلا الرمق ، ولكن المسؤولية التي أحملها كبيرة جدا علي تفوق طاقة البشر ، تحتاج إلى صبر أيوب وتحتاج الى الدعم المادي فالمنزل يحتاج إلى تركيب أبواب وشبابيك وإلى كثير من الإصلاحات في الحمام والمطبخ ، المنزل لايوجد فيه أي شيء يحتاج إلى كسوة كاملة ، إضافة إلى أنه يحتاج لترحيل الأنقاض وشراء بعض الأثاث ، كما أن العناية بثمانية أفراد من ذوي الإعاقة الذهنية يحتاج إلى الكثير من المال فهم لهم احتياجات ومستلزمات كثيرة أنا لم أعد قادراً على تأمينها” فالمصروف كبير والمسحوب قليل ” وخاصة أنهم أصبحوا متقدمين في العمر وهم بحاجة إلى الدواء إضافة إلى الحاجيات الأساسية .
الشاب أبو عبدو بالرغم من كل الصعوبات التي يواجهها للعناية بأخوته المعاقين ذهنياً إلا أنه لم يفكر يوما بأن يتخلى عنهم ،متحليا بالصبر طالبا من الله أن يعطيه القوة ويمده بالعافية ليستمر بالاهتمام بهم والقيام بكافة شؤونهم إذ أنهم على حد قوله أمانة في عنقه فهم وصية والده المتوفي ، هو فقط يطلب من أهل الرحمة والخير والجمعيات الخيرية أن يكونوا عونا له في محنته هذه التي أختاره الله بأن يكون عرابا لها، فهل لكم أن تكونوا عونا له في محنته بتخفيف العبء عنه ولو قليلا ؟ .