الجماهير – عتاب ضويحي
على صدى نداءاته الغليظة، تسارعت وقع خطوات المنتظرين لفتح باب “السرفيس” والولوج دفعة واحدة إلى داخله، وكأنه ثعبان يبتلع الفريسة دون مضغ، بدأت الأوراق النقدية تزحف الواحدة تلو الأخرى إلى يد السائق، وما بين ألف واحد وخمسمائة اثنين، ومئتان واحد، مضت الرحلة بسلام، حتى تنّبه السائق إلى نقص في الغلة ” وبصوته المزعج سأل مَن منكم لم يدفع، بدأ الجميع واحداً ينظر للآخر كحركة تنبيهية للدفع إن أنساه الشيطان، وكانت المفاجأة عندما صاحت إحداهن بأن هناك مقعدا شاغرا، هنا جن عقل السائق، وبدا وكأنه عجلة منفوخة فجّرها خبر المقعد الشاغر، نزل من سرفيسه يرعد ويزبد، وانهال على الجميع بالمسبات واللوم على الفعل الإجرامي بحقه، ويلوم نفسه لأنه غير خط سير سيرفيسه من الدائري الشمالي إلى المعري، ظناً منه أن ركاب هذا الخط أكثر رقياً من الخط الثاني، على حسب قوله، فما كان منه كرد فعل انتقامي إلا أن حشر كل أربعة أو خمسة بذات صف المقعد ، ناهيك عن الجاثمين أرضاً والمتمسكين بالباب، ويتابع مسيره، وهو يشتاط غيظاً، وكأنه يوصل الركاب مجاناً، أو حسنة على روح أمواته.
عينة من المستغلين الطامعين الجشعين، تتكرر مشاهدتها يومياً، والمواطن كل ماعليه، أو بالأصح واجب عليه أن يتحمل تلك العينات والنفسيات المتهالكة، لأنه لاحول ولا قوة، محكوم بهم، ومصيره بين يدي شايلوك الأوضاع الصعبة، التي حولت أغلب السائقين”سرافيس وسيارات” لملوك تم تتويجهم، وعلى الجميع أن ينالوا رضاهم، فوحدهم من يحددوا التعرفة ومن يقرر إنهاء الخط عند المسافة التي تروق له.
فمتى سيتم عزل ذلك الملك المتوج؟!…