مشروع “حياة ” جهود مشتركة لتحقيق مقولة” لا إعاقة مع الإرادة ” ..وتفعيل دور أفراد ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع

الجماهير / أسماء خيرو

هناك في حارة من حارات حلب بالقرب من حي الشعار وفي داخل بيت عربي متهالك الجدران وبإمكانات متواضعة جدا يعمل الشاب مصباح اسكيف برفقة كادره التطوعي على تقديم كل ما يلزم لتغيير واقع أفراد ذوي الاحتياجات الخاصة وعائلاتهم ،بعد أن تمكن من أن يحصل على المكان من محمود السردار رئيس مجلس إدارة جمعية الأسد العلمية لأصحاب الإعاقة الحركية من أجل البدء بمشروع “حياة ” الذي كان يجهز له منذ سبع سنوات متنقلا من جهة إلى جهة ومن شخص إلى آخر دون جدوى إلى أن التقى رئيس جمعية الأسد واتفق معه بأن يهبه المكان الذي شكل نقطة البداية لمشروعه الإنساني ، فعلى مايبدو بأن الاستمرار في السعي لتحقيق هدف ما رغم كل العقبات كفيل بأن يجعل الإنسان يتغلب على هذه العقبات لينطلق من جديد ويرتفع بمستوى عمله إلى الإبداع والابتكار ..

 

*عمل مشترك ونتائج مرضية ..
– الجماهير توقفت مع الشاب اسكيف ومع الكادر التطوعي للحديث أكثر عن هذا المشروع ..
يقول اسكيف مدير مشروع “حياة ” لقد شاءت الظروف بأن يتأخر هذا المشروع سبع سنوات بسبب عدم الاهتمام من جميع الجهات التي قصدتها من أجل تحقيقة، لقد طرقت أبوابا كثيرة ولكن كلها أغلقت في وجهي ولا أعلم لماذا لم يرغب أحد بتبني الفكرة ودعمها ، ولكن المتابعة والإصرار جعلاها اليوم تتحقق، فبمساعدة الأستاذ السردار الذي وهبني المكان ومشاركة كل من عائشة العمر، ونها دالاتي، وروان شيحان ، أمل الجسري ، وغرام قواس بدأ المشروع مرحلته الأولى منذ خمسة أسابيع وها هو في طور التقدم والنجاح، مشيرا إلى أن فكرة المشروع تقوم على دمج الأسوياء مع ذوي الاحتياجات الخاصة وليس العكس إضافة لتأهيل وتطوير الذات الداخلية ، وأن والمشروع يتألف من عدة مراحل وهي ( جلسات الدعم النفسي للأهل، أنشطة ثقافية وفنية- تعليم بعض المهارات كتدوير الورق والكرتون والبلاستيك ومخلفات المنزل ، إضافة لدورات تدريبية لتنمية القدرات الفنية والتمثيلية والثقافية لذوي الاحتياجات الخاصة التي ستبدأ بعد أشهر قليلة بمجرد الانتهاء من جلسات الدعم النفسي ).

وبين اسكيف بأن المشروع يستقبل جميع أنواع الإعاقات سواء كانت “ذهنية أو حركية أو بصرية” كما يستقبل الأطفال الأسوياء ودون أي أجر ، وأن عدد العائلات التي التحقت به تقارب ٢٥ عائلة والهدف منه هو بناء إنسان الاحتياجات الخاصة وتمكينه اقتصاديا وتنمية مهاراته الفكرية والجسدية ليشارك في بناء المجتمع ، فضلاً عن معالجة المشكلات النفسية والاجتماعية لدى الأهل ، مشيرا إلى أن المشروع إمكاناته ضعيفة جدا ويحتاج إلى المزيد من الدعم والاهتمام من جميع الجهات المعنية التي يتوجب عليها بأن تهتم أكثر بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة فليس لديهم إمكانية لتوظيف الكوادر التعليمية أو تخصيص مواصلات لنقل الأطفال والأهالي إلى مقر المشروع الكائن في حي الشعار بالقرب من مشفى الدقاق ، والفريق بأكمله يعمل دون أن يتقاضى أي أجر .

* لا إعاقة مع الإرادة
– وقالت السيدة عائشة العمر اختصاصية نفسية متطوعة في المشروع : انطلاقا من إيماني بعبارة ( لا إعاقة مع الإرادة ) والدور الكبير الذي يلعبه أفراد ذوي الاحتياجات الخاصة عندما تتاح لهم الإمكانات المساعدة لإبراز ما لديهم من قدرات ومهارات ، كانت المشاركة في “مشروع حياة” ، في البدء كان لابد من التواصل مع أولياء الأمور وإقامة جلسات الحوار حول الحالات الخاصة بأبنائهم وتصنيف هذه الحالات لوضع الخطط اللازمة والمحاور التي سيتم مناقشتها ومن هذه المحاور : الضغوطات النفسية التي يعاني منها مقدمو الرعاية للشخص المعاق ، وأنواع الإعاقات ، وطرق التعامل مع كل نوع والاحتياجات النفسية لديهم، وكيفية تنمية قدرة ومهارة ذوي الاحتياجات الخاصة ،الأعمال التي يمكن أن يتعلموها ، الجهات والمؤسسات الراعية لذوي الإعاقة ودورها في تقديم المساعدة اللازمة منوهة بأن المشروع تجربة جيدة وتتمنى لها النجاح ..

وأشارت نها دالاتي اختصاصية اجتماعية في تأهيل أفراد ذوي الاحتياجات الخاصة متطوعة ومشاركة في المشروع، أشارت إلى أن العمل التطوعي من صلب عملها فهي عملت في مجال الإغاثة منذ سنوات وحاليا تقدم محاضرات الدعم النفسي والاجتماعي وهي تحاول بانضمامها للعمل في هذا المشروع بأن تساعد أهل ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفالهم وتقديم كل ما يلزم لهم للخروج من كل الأزمات التي خاضوا تجربتها خلال الحرب سواء النفسية أو الاجتماعية، إذ تناقش معهم هذه المشكلات وتنصت إليهم وتقترح الحلول المناسبة لافتة إلى أن المشروع بدأ بجلسات الحوار المتبادل ما بين العائلات والإصغاء للأطفال لمعرفة مشاعرهم المختلفة ، ما الذي يجعل الطفل لا يستجيب أو لا يحسن التصرف؟ وماهي الطريقة الأمثل للتعامل مع الطفل لتغيير سلوكه للأفضل ؟ موجهة الشكر لجمعية الأسد لاستضافتهم ومنحهم المكان، وللعائلات الذين حضروا للاستفادة من جلسات الدعم النفسي بالرغم من كثير من العقبات التي تمنع حضورهم، منها عدم وجود مواصلات .

الشابة روان شيحان أيضا متطوعة وتعمل حاليا كمشرفة في المشروع، تؤمن بأن الإنسان جوهر وجوده وحياته بأن يقدم مايفيد للآخرين دون مقابل حتى يستفيد ويفيد ، مضيفة بأنها تحاول من خلال عملها أن تعلم طفل ذوي الاحتياجات الخاصة كيف يعتمد على ذاته ويصبح اجتماعيا قوي الشخصية لا يخاف من شيء، كما تعلمه كيف يطور مهاراته ، ويندمج مع أقرانه من الأسوياء فهي تحاول من خلال عملها تغيير النظرة القاصرة لأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، فالتعامل مع هذه الفئة ودخول عالمهم البريء والجميل يعزز مفاهيم المحبة والتعاون والعطاء أكثر وأكثر ويطور من أساليب فن التعامل والتواصل ..

*المشروع بادرة أمل .
الأهالي بدورهم كان لهم رأي بهذا المشروع بعد حضور عدد من الجلسات فلقد رؤوا فيه بادرة أمل لاحترام وتفعيل دور أبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تقديم الأنشطة التعليمية والثقافية إذ أنهم لمسوا بعض التقدم في حالتهم النفسية وسلوك أطفالهم وذلك منحهم الطاقة الإيجابية ..

إذ قال والدا الشاب سالم مصاب بالتوحد بأن جلسات الدعم النفسي كانت بمثابة بداية خير وتفاؤل وأمل ، وأن معاناتهم مع ابنهم الشاب الذي بلغ من العمر الثالثة والعشرين بدأت تتلاشى قليلاً وشعور الإحباط الذي كان دائما يلازمهم حل محله الأمل بإمكانية فهم ابنهم المصاب بالتوحد أكثر ومعرفة عالمه الغامض والتقرب منه .

السيدة حريري والدة الطفلة سنا المصابة بمتلازمة داون كانت سعيدة جدا بتمكنها من الانضمام إلى هذا المشروع المجاني الذي رأت فيه بداية جيدة من خلالها تستطيع تطوير قدرات ابنتها التي تحب الرسم والرقص..
أما السيدة أم عبد لله فكانت معاناتها مختلفة ومريرة فهي لا تعرف ماذا تفعل وكيف تتصرف مع ابنها الذي أصيب منذ سنوات خلال الحرب برصاصة في الرأس أدت إلى ذهاب عقله وعودته طفلا صغير لا يستطيع القيام بأبسط الأمور مع أنه شاب تجاوز الثلاثين عاما فهو يحتاج إلى من يقدم له الطعام والشراب وإلى من يرافقه دائما لذلك التحقت هي وابنها بهذا المشروع حتى تتحدث عن معاناتها ليجدوا لها حلا فوضعها مأساوي بكل ماتعني له الكلمة ..

– وفي ختام اللقاء وجه الشاب اسكيف دعوة لحضور مشروع التخرج ، وعبر عن امتنانه الشديد لكل من ( الشاعرة ابتهال معراوي ، الكاتبة جيني شحود ، والكاتبة غفران سويد ، والكاتبة سناء علي ) لمساعدته وإرسال نصوص مسرحية وغنائية، كما نوه بالشاب فراس حموي الذي بالرغم من أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة إلا أنه آثر بأن يتطوع ويقدم ما لديه من خبرة في مجال الكمبيوتر لتدريب طلاب مشروع حياة ..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار