الجماهير – عتاب ضويحي
زادها في الحياة الحمد والابتسامة فبهما تواجه قسوة الظروف، ولأنها اعتادت العمل منذ صباها، لم تثنها سنوات عمرها عن الاستمرار، وعندما سألتها لما تعملين أجابت ولمع بعينيها العسليتان بريق قوة وتحدٍ ربما كان نادراً عند بعض الشباب وقالت “أنا ما بمد إيدي لحدا حتى لولادي ” أعمل لأعيش وأكسب من عرق جبيني.
السبعينية “أم محمد ” من يسكن في الأحياء القريبة من منطقة “النيّال” لابد له وأن رآها تقف هناك حاملة قطع صوفية متناسقة الألوان، وتدّل على بضاعتها بصوت منخفض وتقول “مسّاكات”، عندما اقتنيت قطعة منها وسألتها بعض الأسئلة أدركت بفطنتها أنني صحافية، ولم تمانع من سرد حكايتها، فعلى حد قولها هناك الكثيرات من عمرها وأكبر منها سناً، يعملن ليكسبن قوت يومهن ولا ينتظرن العون إلا من الله وحده.
حكاية أم محمد أم لخمسة أولاد “أربع فتيات وولد وحيد “مع العمل بدأت منذ 54 عاماً عندما كانت خياطة نسائية، لكن لأن المهنة لم تعد تجلب همها، وضعف بصرها، اتجهت لبيع “المساكات” تحيكها من الألبسة الصوفية المستعملة، لأن كرة الصوف غالية الثمن عليها، تمضي ساعتين أو أكثر كل يوم لبيع بضاعتها وتعود لبيتها لتجهز بضاعة اليوم التالي إن لم تخذلها الكهرباء وأصابعها المتعبة من الحياكة.
أحلام أم محمد بسيطة مثلها، فكل ماتتمناه أن يمنحها الله الصحة وتأمن لقمة عيشها، وأن يكرمها بجمع مبلغ لتصلح لثتها وتضع طقم أسنان لتستطيع الأكل بسهولة.