هل أصبح الصعود في التكسي ترفاً ؟

الجماهير || زينب شحود

عزيزي القارئ أكاد أستطيع تخيل صورتك وأنت تقرأ هذا المقال جالساً في منزلك ثاني أيام عيد الفطر وبجانبك زوجتك تبتسم في وجهك تلك الابتسامة التي تعلن من خلالها بدء حرب ( النق ) عليك قائلة بصوت خافت ولكنه يحمل في طياته الكثير من القوة والجبروت ” خذني إلى بيت أهلي لأعايدهم ”
وأنت صامت لا ترد وتفكر بأجرة التكسي إلى هناك والتي باتت تساوي أكثر من ربع الراتب وتقول في ذاتك ” ماذا لو أقنعتها بالذهاب مشياً على الأقدام بحجة الجو جميل والسماء صافية ؟! أم أقنعها باستقلال الباص والتكدس مع باقي فئات الشعب ( المعيدين ) مثل المكدوس ( أوفر للجيبة ) ؟! ”
وفجأة تزمجر زوجتك بغضب وكأنها سمعت حديثك الداخلي مع نفسك قائلة ” خذني بالتكسي يا حبيبي ” وهنا تتذكر ما قاله لك صديقك ” أبو عبسي ” ناصحاً إياك في حال اضطررت للصعود في التكسي بألا تتجاوب مع الحديث الذي قد يفتحه السائق معك لأنك ستدفع زيادة عن الأجرة كضريبة على المحادثة الممتعة معه .
هذا الحديث يبدأ عادة بأنه لا يوجد عمل وأن البنزين باهظ الثمن وأن الرسائل لاتصل وأنه يعبئ ” بالحر ” كمقدمة منطقية تجر رجلك إلى فخ الدفع أجرة زائدة عن المطلوب وطبعاً لا يمكنك أن تنسى ” العيدية ” لسائق التكسي لأنك وعلى قولة أهل حلب ( خلفته ونسيته على باب الجامع ) الأمر الذي يجعلك تشعر بامتعاض شديد تجاه كل من هم حولك والذين يشاركونك بمرتبك كل شهر ابتداءً من أبو الأمبير الحنون وانتهاءً بشوفير التكسي الظريف مروراً بزوجتك وأطفالك والبقال وربما جارتكم أم سعيد أيضاً !
وتتذكر العبارة الشهيرة لصديقك أبو عبسي لحل مشاكلك مع التكسي ” اتفق معه على الأجرة قبل الصعود ” ولكن هل تنجح هذه المحاولة فعلاً ؟ لأنه عندما تسأل عن الأجرة المطلوبة ترى السائق يفكر ويصفن قليلاً قبل أن يجيبك وكأنما يتأمل شكل وجهك ولباسك ويحاول التنبؤ بالمبلغ الموجود في جيبك حتى يسحبه كله وللأسف دائما تكون النتيجة ليست لصالحك ولكنك تحاول على أية حال جاهداً لعل وعسى .
مؤلم جداً هذا المشهد ، رجل يدس يده في جيبه يتحسس نقوده في محاولة منه لعدم عدها حتى لا تطير بركتها يفاصل على أجرة التكسي أمام زوجته وأطفاله ولكن ما باليد حيلة فالعيد مرة بالعام ” ما المانع أن نكون باحترامنا ونذهب المشاوير معززين مكرمين دونما أن ننحشر في باص النقل الداخلي المزدحم ” يتساءل في سره ؟!
عزيزي القارئ أصبح الصعود في التكسي ترفاً ومعاناة اقتصادية ونفسية واجتماعية لذلك ينبغي على الجهات المعنية معالجة هذا الغلاء والتسعيرات الزائدة التي يطلبها السائقون ومن هون لوقتها عليك التحلي بالصبر واقناع زوجتك بقضاء المشاوير سيراً على الأقدام أو تزعل وتبطل تطلع من البيت .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار