سوق القوافين أو الصرماتية ..

  

• وفاء شربتجي

يقع سوق الصرماتية بالقرب من سوق الحبال ، ويتكأ على الحائط الجنوبي للجامع الأموي الكبير .

يبدأ هذا السوق بالقرب من سوق الحبال ، وينتهي عند سوق النسوان .

سمي “بالصرماتية” نسبةً إلى صناعة ( الصرامي الحمر ) التي تشتهر بها مدينة حلب ،حيث كانت تصنّع وتباع داخله.
وهي عبارة عن أحذية تصنّع يدوياً من الجلد الطبيعي المصبوغ بالقرمز وقشر الرمّان .

يحتوي هذا السوق على حوالي (٣٠) محلاً تجارياً موزعاً بالتساوي على كلا الطرفين .

تغيرت بضاعة هذا السوق على مرّ الزمان ، بعد عزوف الناس عن تلك الأحذية القديمة واستبدالها بالأحذية الجلديّة الحديثة ، لتتحول البضاعة داخله لاحقاً إلى بيع الإيشاربات المصنّعة من قماش المركزيت ، والألبسة ، والأقمشة وبعض المهن الأخرى .

بقي الوضع على حاله لغاية عام ٢٠١١ م .
حيث أقدم الإرهابيون على حرق ونهب أسواق المدينة القديمة ومنها هذا السوق .
تم بعد ذلك وبحمد الله تحرير مدينة حلب من رجس الإرهاب عام ٢٠١٦ م .

ومازال هذا السوق يقبع بالخراب والإهمال حتى يومنا هذا .

وأثناء جولتي ضمن هذا السوق ، التقيت مصادفة بصاحب أحد المحال ، حيث كان يتفقد محلّه ومحال أخوته وأجداده ..
عرّف عن نفسه قائلاً :
أنا “أحمد حافي” و لي أخ إسمه محمود له محل جانب محلّي وآخر لوالدي وجدي .
وقد توارثنا محالنا تلك أباً عن جد ّ.

كنا سعداء بعطاء الله لنا وللهفة التي كانت تربطنا مع بعضنا البعض نحن وجيراننا ضمن هذا السوق إلى أن جاءت الحرب اللعينة وفعل الإرهابيون مافعلوه من نهب ودمار كما ترين ..
ومن وقت لآخر أمرُّ على سوقنا هذا وأتحسر على محالنا ، وأفرح بالوقت ذاته حين أرى البعض من أسواقنا ترمم حالياً ، آملين أن يطال الترميم سوقنا هذا .
أضاف السيد”حافي” ..
والله لو عندنا المال لقمنا بترميمه على حسابنا الشخصي ، لكن وضعنا المالي سيء حالياً فنحن قبل الحرب ليس كبعده ،
يتابع السيد “حافي” حديثه عن ذكرياته في هذا السوق قائلاً :
كان جدّي يعمل في صناعة الصرامي الحمر وهي الأحذية الجلدية المصنّعة يدوياً ، والتي كانت تُنتعل قبل مائة عام تقريباً .

حيث كان هذا السوق قديماً معظمه لتجّار وصنّاع الصرامي الحمر .

وبعد دخول الصناعة الحديثة للأحذية ، ألغيت تلك المصلحة وأصبح معظم أصحاب هذا السوق يعملون بمهن مختلفة ،
وينهي حديثه مشيراً بحرقة وألم عن مكان محله المتهدم وكذلك إلى محال أخيه ووالده وجدّه ،
ويتابع حديثه وهو في حالة من التعجب ليسألني بلهجته الحلبية المحببه ( قولك بيرجع هدا السوق ، وبيرجعوا جيراننا الغوالي ) .؟؟
وينهي حديثه بغصة مشيراً إلى السوق الملاصق له وهو سوق الباطية ،
ويستكمل شارحاً لنا عن دوره المكمّل في صنع الصرامي الحمر .

– سوق الباطية ..

يقع سوق الباطية بين سوق العطارين وسوق القوافين أو سوق الصرماتية .
وفيه تباع الجلود ومايلزم القوافين من خيطان وقصب قديماً .
ثم تحولت لاحقاً إلى مهن مختلفة كالبياضات والمناشف والشراشف .

يحتوي هذا السوق على(٥٠) محلاً تجارياً موزعاً على كلا الطرفين .

يبدأ هذا السوق من تفرع سوق “الحبال” وينتهي عند سوق “النسوان” .

يصعب الوصول إلى داخله حالياً ، لأن نسبة الدمار فيه كبيرة فقد تكدّست عند البوابة الأمامية والخلفية أكوامٌ من الحجارة ..
تلك الحجارة التي صمدت أمام بطش الإرهابيين ..

ويتابع السيد ” أحمد حافي” صاحب أحد المحال داخل سوق الصرماتية حديثه عن الصناعة التي كانت قائمة فيه قديماً ، والتي كانت تعد المتممة لصناعة الصرامي الحمر ، حيث من خلاله يظهر الشكل النهائي للحذاء الحلبي الشهير .

قائلاً : منهم من يرجع معنى سوق “الباطية” إلى الباطنية ، لأن الأحذية الجلدية التي كانت تصنّع ضمن سوق الصرماتية الملاصق له كانت تذهب إلى هذا السوق كي يبطنوا قلب أو داخل الصرامي الحمر بجلد الحور ، وبعد التبطين كانوا يقولبونها على القالب ثم يدهنوها بدهن القطن من أجل الحفاظ على لمعانها وطراوة الجلد .

والطريف في هذا الأمر أن قالب الصرامي واحد ، أي لايوجد فرده يمين وفرده شمال للحذاء ، لأنها بعد ذلك تتقولب على شكل قدم صاحبها .
يعني أن هذان السوقان المتلاصقان ، الباطية والصرماتية هما متجاوران لإنهاء مهمة إنجاز الصرماية الحمراء الحلبية .

ويتابع قائلاً : هذان السوقان يجاورهما سوق إسمه سوق “العتقية”حيث يباع فيه الصرامي العتيقة وبضائع متفرقة قديمة ،
حيث يحتوي سوق “العتقية” على( ٤٨) محلاً تجارياً ..

وينهي السيد “حافي” حديثه آملاً عودة أسواق مدينة حلب إلى الحياة من جديد لأنها الشريان الإقتصادي والتجاري والسياحي الهام لتلك المدينة .

 

⤵️⤵️⤵️⤵️⤵️

بإمكانكم متابعة آخر الاخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام ⯑⯑
https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار