•• وفاء شربتجي
يقع خان الجاكي ضمن سوق المجيدية أو مايُعرف بسوق “خان الحرير” ، أمام خان الحرير ، جانب خان البنادقة .
سمّي “بالجاكي” نسبة إلى مالكه القديم السيد موفق الجاكي .
يحوي هذا الخان على حوالي (٧٠) محلاً تجارياً موزعاً مابين محال أرضية وأخرى متموضعة في الطابق العلوي .
ويشتهر ببيع الأقمشة الوطنية والمستوردة بكافة أنواعها .
بابه الخارجي خشبي مدعّم بالحديد ، ذو مصراعين تعلوه قنطرة حجرية كبيرة يتناوب فيها لوني الأصفر والأسود .
وعند بوابة العبور نحو الداخل جهة الشمال
يوجد مدخلان مستقلان لدرجان يصعد من خلالهما لغرفه العلويه .
تتسع المساحة عند صحنه حيث يتصدّره محلّان كبيران تحتهما أقبية كانت تستخدم قديماً إسطبلاً للدواب .
وعلى جهة اليمين من صحنه، يتقابل درجان يفضي كل منهما إلى غرف علّوية عدّة .
وبعد صعودنا على هذا الدرج جهة اليمين المؤدي للغرف العلوية ..
نشاهد بدايةً بهو كبير مستطيل الشكل خلفه غرفتان ،
تلك المساحة عائدة إلى السيد “عبد الكريم أبيض” رحمه الله صاحب ورشة نجارة للموبيليا والمفروشات .
وتمتاز تلك الغرف بسقفها الخشبي القديم حيث ترتص بعضها إلى جانب بعض كأصابع بيانو رشيق ، وقد بقيت محافظة على جودتها مدى تلك السنين كون هذا الخشب من نوع ( مورين ) المعالج الغير قابل للتسوس .
تلك الأسقف الخشبية هي من أعطت خاصية البرودة في الصيف والدفء في الشتاء ، مثلها مثل معظم البيوت الحلبيّة القديمة .
ويحكى عن ذكريات السيد “عبد الكريم أبيض” ، أنه قد زارته فترة شبابه إمرأة فرنسية مسنّه حكت له عن ذكرياتها الجميلة داخل هذا الخان حيث بقيت فيه لعدة ليال وقتها كانت غرفه العلوية تلك فندقاً .
وبعد شرحنا لنقطة الدخول العائدة للسيد أبيض ، نتجه بعدها جهة اليمين حيث توجد غرفتان متجاورتان مطلّتان على خارج الخان ، وبداخلهما درج يوصل إلى سقيفه كبيرة ، وبجانب تلك الغرفتين يوجد غرفتان كبيرتان متداخلتان ، جانبهما مكتب صغير له باب منفرد يستخدم كمكتب .
كل تلك التفاصيل تعود لمعمل “شنينة” للقطنيات الداخلية .
وقد التقيت بالسيد “عبد القادر شنينة” صاحب هذا المعمل الصغير وقد حدثنا بدوره عن تاريخ ونشأة هذا المعمل قائلاً :
بدأ معمل “شنينه” عمله في منطقة الجلّوم عام ١٩٧٦م، وقد كنّا الأوائل في تصنيع القطن الحلبي بعد السيد يوسف مشخص الذي أمم معمله أيام الوحده .
جئنا بعدها إلى هذا الخان أنا ووالدي وعمي حج وليد شنينه وحج طاهر جبنه عام ١٩٨٧ م، حيث قمنا بتجهيز معملنا الخاص بنا الذي توسع بدوره لننقل عمّالنا الذي بلغ عددهم حينها /٤٠٠/ عامل إلى منطقة كفر حمره التي تقع خارج المدينة القديمة، وبقينا نبيع بضائعنا ضمن هذا الخان جملة ومفرّق .
وتابع السيد “شنينه” حديثه قائلاً :
كانت أحوالنا ممتازة ، وتجارتنا في القطنيات يزداد عليها الطلب يوماً بعد يوم لما تمتاز به من جودة في القطن ومتانة في الصنع .
وأصبحنا نبيع ونصدّر إلى بعض البلدان العربية كالأردن وبعض الدول الأوربية كالإتحاد السوفيتي ألمانيا وفرنسا .
إلى أن جاءت الحرب اللعينة على مدينة حلب عام ٢٠١٢ م .
حيث أقدم الإرهابيون على نهب وسرق معملنا في كفر حمره من ثم دمّروه ، كما قاموا بنهب وتدمير المدينة القديمة بما فيها هذا الخان .
وبعد تحرير مدينة حلب عام ٢٠١٦ م، عدنا إلى خاننا هذا لكننا لم نستطع الدخول إليه بسبب الدمار الكبير الحاصل له،
فنسبة التهديم وصلت إلى ٧٠٪ تقريباً .
ومع بداية عام ٢٠٢٢ حاولنا ترميم غرفنا ضمن هذا الخان على حسابنا الشخصي، وعدنا للعمل بعد عودة الكهرباء
آملين زيادة ساعاتها لمضاعفة إنتاجنا.
أضاف “شنينة” قائلاً:
عدنا إلى هذا الخان الذي كان اللبنة الأولى في إقلاعنا سابقاً .. كما هو الآن في الوقت الحالي ، بعدد قليل من العمال محاولين قدر المستطاع أن ننهض من جديد لنثبت لأنفسنا وللآخرين أننا جديرون بالحياة ،
آملاً من كل قلبي وجود الدعم لبعض أصحاب المحال الذين تضررت محالهم ولايمتلكون المال لإصلاحها و ترميمها ،
من خلال تقديم قروض ميسّرة كي يباشروا بعملية الترميم والبدأ بمزاولة مِهَنهِم .
كما نطمح بعودة فتح طريق الأردن كي نصدّر منتجاتنا كما كنا في السابق لأن الحصار الإقتصادي الذي نمرّ به قد ضيّق علينا مصادر رزقنا من كل الجهات .
وختم “شنينه” متبسماً قائلاً :
أنا هنا حفاظاً مني على استمرارية الحياة في هذا المكان ، حيث تعرّشُ فيه ذكريات طفولتي ورائحة والدي وأجدادي ،
وفرحتي بعودتي إليه لاتضاهيها فرحة سوى النصر الكبير القادم على كامل مساحة الوطن سورية .
⤵️⤵️⤵️⤵️
بإمكانكم متابعة آخر الاخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام ⯑⯑
https://t.me/jamaheer