يصنع اللحن ويكتب الكلمة الغنائية بقيم روحية عالية ، ليبرهن بأن المسؤولية الفنية تتضمن التمسك بالقيم ، على الرغم من التقلبات الشخصية ، هذه القيم هي التي تميز بين ماينبغي وما لا ينبغي أن نفعله ، إنه مثال نادر لكل القيم التي في مجتمعه ، قوة في الإرادة ، وضوح في الرأي ، شرف في الهدف ، إلى جانب إبداع في الصوت وصناعة اللحن .
ذلك انطباع خرجنا به عن شخصية الملحن الملقب بمجدي الأمين خلال إلقاء الجماهير بعضا من الأضواء على جوانب من حياته الشخصية والفنية .
* من حلب إلى لبنان.
ولد في مدينة حلب عام 1963 ينحدر من عائلة فنية محافظة واسمه الحقيقي محمد نضال موصللي ، درس في حلب العلوم الموسيقية من صولفيج وغناء وموسيقا في معهد حلب للموسيقا على يد المدرس ماجد العمري لأكثر من عام، ونتيجة تأثره بالموسيقا الغربية وحبه لعظماء الفن العربي، كان لابد لجهوده الدراسية أن تتطور وتنضج ليتضح أمامه الطريق ، لماذا لايعمل على صقل موهبته ومعرفته الفنية بطريقة أكاديمية ؟ لذلك في عام 1983 سافر إلى لبنان ليكمل دراسته في العلوم الموسيقية ، وهناك تعرف من خلال صديقه الإعلامي جورج إبراهيم الخوري صاحب مجلة الشبكة على المطرب وديع الصافي والفنان إحسان منذر والفنان إلياس الرحباني الذي تتلمذ على يده، كما تعرف على الفنانة نجوى كرم وآخرين من نجوم لبنان ، ومرة أخرى تجذبه الألحان الغنائية فيتعلم كيف ينظم الكلمة الشعرية الغنائية على يد الشاعر عاطف ياغي الذي أطلق عليه لقب مجدي الأمين ، ليتخصص فيما بعد بالموسيقا التصويرية .
* العودة للوطن
ويواصل الأمين رحلته الفنية ويعود إلى وطنه الأم وهناك إلى جانب علومه الأكاديمية يبحث ويعمل بإتقان على المشاركة في صناعة أعمال فنية تليق بوطنه سورية، يقول عن ذلك : في عام 1998 عدت إلى سورية بعد أن أتممت دراستي الأكاديمية في المعهد العالي للموسيقا في لبنان ، وكان التعاون مع المخرج وهبي الوراق ، وتلحين الكلمات لكل من الشعراء حسام ماجيك ، ومحمد علي بابللي ، ووفاء الدين مؤقت ، ومن الأعمال التي قمت بتلحينها والغناء في ذلك الزمن أوبريت مسيرة التحديث الذي شارك فيه 21 فناناً من سورية ، إضافة للصمود العربي ، مولد الفجر ، وأوبريت حجارة الأقصى، وعموما اتسمت أعماله الفنية في تلك الفترة بالطابع الوطني .
أما أعماله التي يلحنها الآن والتي يفصلها عن أعماله الأولى التي وصل رصيدها إلى 25 عملاً فاصل زمني لابأس به ، فلقد قفز بها الأمين قفزة واسعة بعد رحلة طويلة وشاقة أدرك فيها بأن التلحين وكتابة الكلمة الغنائية بالنسبة له حياة كاملة بحد ذاتها.
* صناعة اللحن والكلمة
ويرغمك الأمين وفق معجبيه في جميع ألحانه وكتاباته الغنائية على الشعور بأنه ملحن مبدع متصالح مع نفسه يملك خامة صوتية رخيمة، فأعماله تحتاج إلى أن تصل للعالمية كي تتنفس وتعيش كقيمة فنية لتخلق بذلك الذوق الفني والتربية الجمالية ، ويمكن أن نشعر بذلك في حديثه عن صناعة اللحن وكتابة الكلمة الغنائية، إذ قال : حين أصنع اللحن أو أكتب الكلمة الغنائية أعيش القصة أو الموضوع ومن ثم أقوم ببناء السيناريو الفني بحيث حين يستمع إليه المستمع يشعر بأن قصة الأغنية التي كتبتها ولحنتها حدثت معه في يوم ما ، لسبب مهم هو أن اللحن وليد أحداث الحياة ، ويجب أن يكون اللحن أشبه بمغناطيس يجذب الأشياء.
* أسباب
وتجارب الأمين في صناعة الألحان كثيرة ومشغولة بحرفية وإتقان كونه تتلمذ على يد مخضرمي الفن العربي في لبنان، وعاصر أمين الخياط ، عصمت رشيد ، وفؤاد غازي، ولكنها وفق قول الأمين لم تأخذ حقها من الشهرة لأسباب جعلت الحزن يطل من بين كلماته، أبرزها تقصير الإعلام ، السفر المتواصل ، ارتفاع التكلفة المادية ، ومهما يكن من شيء فهذه الأسباب كلها لاتخرج عن القوى المعيقة للإنسان والضاغطة عليه.
*النجم الحقيقي
ويؤكد الأمين على أهمية دور الإعلام بالدرجة الأولى في صناعة النجوم إضافة لحسن اختيار الكلمة واللحن والأناقة الشخصية ، والحضور ، كما يؤكد على أن من يريد أن يكون نجماً حقيقياً عليه أن يكون نجما في كل شيء، بالتعامل والاحترم والتقدير ، أن يجتهد كثيرا على نفسه ويتعلم ويدرس في مجاله دراسة أكاديمية ، وأن لايبحث عن المال فقط .
* الموسيقا ليست بخير
الموسيقا عند الأمين جزء مهم من نسيجه الفكري، رمز فني بغموضه وألوانه لعالمه النفسي وتفجرات إلهامه، يقول عنها بأنها مفتاح ضروري لأي عمل فني لذلك هي في وقتنا الحالي ليست بخير تحتاج إلى إنعاش ، وإلى العمل كفريق واحد متكامل من أجل توعية الجيل الجديد على اختيار الكلمة الراقية واللحن الجميل ، للعودة إلى نقاء وجمال التراث الموسيقي العربي.
وختم الأمين حديثه آملا بأن يتكاتف ويتعاون مع الجهات الفنية والمعنية لإنتاج وتقديم الأعمال الفنية الراقية التي تعيد للفن أصالته ولسانه ونبضه الحقيقي، ولتغيير التوجه الحديث نحو إنتاج الأعمال الهابطة التي لاتليق بمدينة حلب، موجها شكره وامتنانه لكل الفنانين السوريين عامة والحلبيين خاصة الذين مازالوا يغنون التراث والقدود الحلبية ولكل إنسان يعمل لتقديم فن راق وجميل .