أحد مؤسسي المسرح المدرسي بليغ سويد : المسرح المدرسي أسس لدعم وصقل مواهب الطلبة خاصة من أصحاب الدخل المحدود
زُهيدة هورو
من ظن بأن الموسيقا قد اختصرت فقط على من أجادها عزفا وغناء من المؤكد هو مخطئ، فهناك الكثر ممن كانوا عمادا للموسيقا السورية ساهموا بدعمها ونشرها عربيا وعالميا إلى جانب مساهمتهم بتأسيس مشاريع فنية ومعاهد ومسارح لاحتضان كل مواهب الفنون وخاصة الموسيقية منها .
كيف لا وقد نشؤوا عشقا مابين عظمة الموسيقا وعلوم من قواعد ونظريات، محولين شغفهم هذا لمناهج وكتب ألفوها والتي رسخت الموسيقا بطريقتهم الأخلاقية والإنسانية الهادفة مخاطبين من خلالها الوجدان والمشاعر البشرية بأسلوب راقٍ وأخاذ لأنهم آمنوا بفكرة الفن أخلاق بالدرجة الأولى قبل الموهبة وبدون الأخلاق لا ولن يكتمل.
بليغ سويد موسيقي سوري عريق له بصمته الإبداعية المشهود فيها والتي من الاستحالة بأن تنسى لما قدمه من إنجازات ومساهمات مهمة في سورية وحوارٍ شائق معه .
لمحة فنية
بليغ سويد موسيقي سوري من شخصيات دمشق العريقة ولد عام 1939، عرف بحضوره الأنيق والمحبب وأخلاقه العالية وتواضعه اللافت، فهو مرهف الإحساس والمشاعر إلى جانب كونه واسع المعرفة والاطلاع والفكر .
درس في المعهد الموسيقي عام 1957 ليتخرج عام 1961 بصفة مدرس لمادة التربية الموسيقية، شغل مناصب تربوية عدة، ليكلف من قبل وزارة التربية بالمساهمة بتأسيس المسرح المدرسي في سورية .
أجاد العزف وعلى عدة آلات موسيقية منها ( العود، الغيتار، البيانو، وأيضا الأكورديون ) إضافة إلى ثقافته الموسيقية العالية وخبرته التي وظفها في مجال التلحين، خاصة فيما يخص موسيقا الطفل، حيث لحن للعديد من برامج الأطفال الخاصة في التلفزيون العربي السوري .
أما عن مؤلفاته الكتابية،فهناك العديد من مؤلفاته لنذكر منها كتاب الطفل عام 198، وكتاب أناشيد وطنية 1985، إضافة لكتاب تاريخ الآلات الموسيقية عام 1985،كما ساهم بتأليف الأناشيد ضمن مناهج وزارة التربية، إلى جانب امتلاكه خبرة بالإخراج المسرحي من خلال اتباعه لدورة مختصة بذلك عام 1970 وقيامه بمهام الإشراف والتنفيذ الموسيقي على أعمال مسرحية عدة، وساهم أيضا بوضع موسيقا تصويرية في عدة برامج وأعمال تلفزيونية، مثل بلده سورية في عدة مناسبات عربية وعالمية، إضافة إلى دوره البارز ضمن لجان التحكيم لكل ما يعنى بالموسيقا في سورية وخارجها .
له الفضل باكتشاف عدد كبير من المواهب الفنية والموسيقية المتميزة في سورية، ولابد من الذكر بأنه عكف كل حياته باحثا لاكتشاف المواهب الموسيقية والفنية ودعمها، خاصة عند شريحة الأطفال .
المسرح المدرسي
ولأن سويد من أحد المساهمين في تأسيس المسرح المدرسي في سورية إذ يقول كانت الأنشطة الموسيقية في وقت ما متواضعة بكل مافيها وذلك حتى تاريخ تأسيس المسرح المدرسي والذي كان من أهدافه تنمية بناء الإنسان السوي المتكامل من خلال الفنون المسرحية وخاصة الموسيقا، لأنها ترفع من الذائقة الفنية وتُرهف الإحساس والنفوس وتهذب الأخلاق وتجعل من الشخص إنسانا اجتماعيا متمسكاً وبإخلاص ووفاء بالوطن وبانتمائه له إضافة لسعيه جاهدا لتكوين علاقات إنسانية مع أصدقائه ومحيطه لتحقيق الأهداف التربوية القائمة على المحبة والإخلاص والتشاركية هذه القيم تبنى على أساسها كل الفنون وفي مقدمتها الموسيقا، مؤكدا بأهمية المسرح المدرسي والفكرة من تأسيسه وهي لتنمية المواهب وصقلها إلى جانب تعلم القيم الأخلاقية والإنسانية، مبينا أن من أوائل من كلف بصفة رئيس للمسرح المدرسي في سورية، هو الأستاذ المرحوم كامل القدسي، وبأنه قد أضاف أقساماً إلى جانب الموسيقا ليشمل كل فنون المسرح، إضافة لقسم الفنون الجميلة، وتم افتتاح دوائرها في جميع المحافظات السورية في مديريات التربية، مؤكدا على الهدف الأساسي من تأسيسه وهو لرعاية ودعم وصقل مواهب الطلبة خاصة من أصحاب الدخل المحدود ومن شريحة الأطفال، إضافة إلى الموهوبين ممن يعانون من بعض المشاكل الجسدية من أصحاب الهمم العالية، وهكذا اعتبر المسرح المدرسي مكانا يحتضن كل المواهب ويرعاها وبمختلف الفئات العمرية وباختلاف الحالات الخاصة للطلبة الموهوبين، وعن أول مهرجان سنوي خاص بالمسرح المدرسي أفادنا سويد بأنه كان في محافظة الرقة .
مساواة وعدالة
أكد سويد بأن العلاقة في المسرح المدرسي لابد من أن تكون قائمة على التشاركية بما فيها من الاحترام المتبادل وروح التعاون والأخوة، فالمسرح المدرسي يحقق الأهداف السامية للمجتمع ويجعل التآخي بين الطلاب والمساواة والعدالة فيما بينهم حيت لا فرق بين أفراده كلهم، فهم متساوون ويجمعهم شغف الفن .
مضيفا بأن العلاقة التي تجمعه بالمسرح المدرسي هي علاقة عميقة بمعناها الروحي والحسي فيها الكثير من الذكريات القائمة على بناء الفكر والمعرفة والفن، وبأنه والذين ساهموا معه بتأسيس المسرح المدرسي، بذلوا جهدا وتفانوا في العمل من أجل تنشئة أجيال قوية مثقفة ناضجة فنياً، والأهم من ذلك أخلاقيا وتربوياً .
نهج حقيقي
وفي نهاية الحديث أكد سويد على ضرورة الاستمرار على النهج الحقيقي للمسرح المدرسي في البحث عن الموهبة وصقلها والوقوف إلى جانب هؤلاء الطلبة الموهوبين وبمختلف الحالات التي يمرون بها، متمنيا بأن يحظوا بكل الدعم والرعاية والاهتمام، مؤكدا على أصحاب ذوي الدخل المحدود، وذلك للوصول بهم وبمواهبهم إلى المكان الذي يستحقونه.
كما حث على دور المعنيين والمدربين بالمسرح المدرسي بأن يهتموا بأدق تفاصيل الطلبة، وأن يكونوا بمثابة أحد الوالدين ويوفروا لهم الراحة النفسية والأمان إلى جانب صقل مواهبهم واحتضانها، مشددا على ضرورة العمل الجاد بضمير ومصداقية تامة وبشكل حقيقي .