الجماهير|| محمد درويش..
في صباح السادس من كانون الأول عام 2024، كان المجاهد عمار قرة محمد ورفاقه يغادرون مدينة حلب بعد تحريرها، محملين بذكريات الحرب وأحلام النصر. الوجهة كانت مدينة حمص، حيث أقاموا ليلتين في ظروف قاسية، وسط برد لا يرحم ونقص في أبسط مقومات النوم.
مشهد البرد القارس
في قرية العلمين، وجدوا أنفسهم أمام صالة فارغة بلا أغطية أو فرش، فيما اضطر بعضهم للنوم داخل السيارات. لم يكن أمامهم سوى إشعال مدفأة بدائية، مرددين المثل الشعبي: “دخنة تقتل ولا برد يعمي”. كانت تلك الليلة اختباراً للصبر والإرادة، إذ قضوها بصعوبة بالغة، قبل أن ينتقلوا في اليوم التالي إلى بيت أحد ضباط النظام الفارين حيث وجدوا الطعام والشراب ومكاناً يليق بالراحة.

البشرى التي غيّرت المسار
مع بزوغ فجر الثامن من كانون الأول، جاءهم الخبر الذي بدا أشبه بالمفاجأة: “انطلقوا إلى الشام”. لم يكن لديهم إنترنت أو وسائل اتصال لمعرفة ما يجري حولهم، لكن وقع الخبر كان كفيلاً بإشعال مشاعر مختلطة بين الفرح والدهشة. يقول عمار لرفاقه: “أتعلمون ماذا يعني هذا؟ يعني أن بشار قد سقط، سقط حكمه وطغيانه…”.
الطريق إلى العاصمة
انطلقت القافلة وسط دموع الفرح والحزن معاً؛ فرحٌ باستقبال الأهالي لهم على طول الطريق، وحزنٌ على السجناء والمشردين الذين تركتهم الحرب في العراء. كانت الرحلة أشبه بالحلم، إذ شعروا أنهم يعيشون لحظة تاريخية طال انتظارها.

لحظة الدخول إلى المسجد الأموي
عند وصولهم إلى دمشق، كانت الوجهة الأولى هي المسجد الأموي، رمز الحضارة الأموية وأحد أهم معالم التاريخ الإسلامي. دخلوا المسجد وهم يهللون ويكبرون، تغمرهم مشاعر النصر والامتنان، معتبرين ذلك اليوم من “أيام الله”، يوماً عسيراً على الطغاة ومليئاً بالفرحة للمحررين.
العودة إلى الأهل
بعد قضاء يومهم في العاصمة، عادوا أدراجهم إلى حلب، ليشاركوا الأهل والأصدقاء فرحة التحرير، حاملين معهم ذكرى لا تُنسى من رحلة امتزج فيها البرد القارس بوهج النصر، والدموع بضحكات الفرح، لتبقى شاهداً على مرحلة مفصلية في تاريخ سوريا.