الجماهير – عتاب ضويحي
لمناسبة عيد الأم أقامت الجمعية العلمية التاريخية السورية فرع حلب وجمعية بيت العلوم والتعليم والتمكين بالتعاون مع مديرية الثقافة بحلب محاضرة للدكتور عبد الحميد ديوان بعنوان “المرأة عبر التاريخ – زنوبيا أنموذجاً” في صالة تشرين للفنون أمس.
تناول الدكتور ديوان الحديث عن زنوبيا أسطورة الشرق من حيث كونها شخصية نسائية استحوذت على عقول المؤرخين، وأكدت أن المرأة السورية تقف في فكرها وعقلها نداً للرجال.
وعرض المحاضر لمحة عن أصل ومعنى اسم زنوبيا وهو صيغة التحبب والتكريم للاسم العربي زينب ومعناه الشجرة بهيجة المنظر، وزنوببا ابنة القائد العربي البارز عمرو بن ضارب بن حسان من قبيلة السميدع العربية وكان قاضي التجار ورئيس القوافل والشرطة وعضواً في مجلس شيوخ تدمر،واتصفت زنوبيا بجمالها وحنكتها وثقافتها، تزوجت أذينة الحيراني الحاكم الذي ساد الشرق الروماني في عهده وبسط سلطانه، وعندما يخرج للحروب يترك مقاليد الحكم في يد زنوبيا ماجعلها تتمرس في شؤون السياسة، وظهرت مقدرتها في إدارة أمور الدولة بعد مقتل زوجها وتعيينها وصية على ابنها ولي العهد، وأثبتت أنها أفضل سياسية وحازمة وحليمة وكريمة الأخلاق، ساعدها في ذلك موقع تدمر المميز في قلب الصحراء ومحطة للقوافل المسافرة بالبضائع الثمينة من الشرق والغرب، وزخرت بعهدها بتنوع الأجناس.
وعن تصرفات زنوبيا أوضح الدكتور ديوان أنها كانت تتصرف كما الملوك والقياصرة، تمتطي صهوة جوادها وفوق رأسها خوذة رومانية مزخرفة بالجواهر ويتدلى الوشاح الأرجواني من فوق أحد كتفيها ويظل الكتف الآخر عارياً على طريقة اليونانيين، وكان مظهرها يبث على الحماسة والشجاعة في الجيش، أحبها شعبها، ومن إنجازاتها صك النقود التي تحمل صورتها وصورة ابنها، اهتمت بالشؤون العمرانية وشيدت القلاع والقصور والهياكل والحصون، انتصاراتها وإنجازاتها جعلت حكام روما ينظرون إليها بعين الريبة والخوف، في الوقت الذي حققت به زنوبيا حلمها السلطوي واتجهت بأنظارها نحو مصر، ونجح جيشها في فتح مصر، ثم دارت معارك ببنها وبين أورليانوس الذي هزمها وحاصر تدمر لكنه فشل في السيطرة على المدينة، وضيق الحصار على تدمر بعد رفض زنوبيا الاستسلام، حيث ركبت الناقة وتسللت خفية لتستنجد بملك الفرس، لكن لحق بها فرسان الروم وأسروها ونقلوها إلى تدمر لتبقى أسيرة بيد القيصر أورليانوس وقتل مستشاريها وقيد زنوبيا بسلاسل من ذهب وساقها مع أولادها إلى روما سنة 727م، وعاشت سنواتها الباقية أسيرة مكرمة في قصر بضواحي روما واستمرت ذريتها حتى أواخر القرن الرابع الميلادي.
وختم المحاضر بالقول إن زنوبيا امرأة عربية استطاعت بإرادتها القوية وإيمانها بحرية شعبها أن تقف في وجه أكبر دولة في العالم القديم وتهز أركانها.
وشارك الحضور بطرح المداخلات والتساؤلات حول شخصية زنوبيا.
وقدم المحاضرة وأدار الحوار الدكتور عصمت بوابة وحضرها جابر الساجور مدير الثقافة وعدد من المهتمين بالشأن التاريخي والثقافي.
تصوير – هايك أورفليان