البدانـة عـــدو الإنتاجيـّة الأول!

د. سعـد بساطـة

تنبيه قبل أن تنتقل عـزيزي القارئ لصفحة أخرى، فهذا مقال اقتصادي بامتياز وليس مقالاً متعـلـّقاً بالصحة العـامة أو ركن المرأة كما قد يتبادر للأذهان لأوّل وهلة..

يـُروى قبل عـدة سنوات عـن أحد الرؤساء أنـّه استعـرض جنرالاته، ومن كان منهم مترهـّلا ً أمهله شهورًا ثلاثة للتخسيس، أو للخروج من الخدمة.

وعـن رئيس أفريقي أنّه يهوى رياضة الاسكواش، ولطالما تحدّث بمجلس الوزراء عـن مبدأ “العـقل السليم في الجسم السليم”..

وقد صدرت دراسات عـديدة مؤخـّرا ً تتناول البدانة وارتباطها المباشر بأمراض عـديدة [ الضغـط، الاحتشاءات القلبية، الكوليسترول..]، وأثرها في تأخير العـملية الاقتصادية، بسبب الإجازات المرضية المصحوبة بهبوط الإنتاج، وانخفاض الأداء.

البدانة تعـريفًا: هي حالة صحية؛ فيها دهون الجسم تتراكم لمرحلة تشكـّل حالة سلبية عـلى صحته وأدائه. وهنالك مقاييس معـتمدة بحسب السن، والجنس، والحالة (أعـزب، أمٌ حامل، عـامل يدوي إلخ..).

تساهـم عـدة عـوامل في البدانة من أهمـّها: الخمول، الأغـذية السريعـة، قـلـة الحركة..

إنّ واحداً من كل ثلاثة أشخاص بالغين في هذا العالم يعـاني من زيادة الوزن، وواحد من أصل 19 يعاني البدانة.

ويترافق ازدياد عدد المصابين بالبدانة مع أسلوب الحياة المعاصر، فقبل 50 عاماً بدأ النّاس يستخدمون سياراتهم أكثر من المشي، ويشترون الوجبات السريعة بدلاً من الطبخ، كما تنامى عدد العاملين في المهن التي تتطلب جلوساً، بدلاً من العمل الذي يتطلب بذل النشاط الجسدي، إضافة بالطبع إلى الهوس الكبير بالجلوس أمام الكمبيوتر والتلفزيون، والأمر المفجع أنّ هذه المسألة لم تعد تمس الناس متوسطي العمر فقط، إنما امتدت لتشمل الأطفال واليافعين أيضاً، ما يتطلب العمل بجدية للحد من هذه الظاهرة.

أعطت دراسة ماليزية الطلاب سبباً للخوف حول تأثير أوزانهم بتقييم النتائج النهائية لدرجات علاماتهم الدراسية، حيث يمكن أن تنخفض معدلاتهم فيما إذا كانوا يعانون من السمنة، وتعـّد هذه الخطوة جزءاً من حملة الحكومة للحد من السمنة بين الطلاب، بعد أن أصدرت قانوناً يمنع المقاصف المدرسية من بيع الوجبات السريعة والمشروبات الغازية المُضرة. وقال وزير الصحة هناك إن تقارير العلامات الدراسية ستضيف قريباً مؤشر وزن الطلاب إلى الدرجات الأكاديمية التقليدية بحيث يمكن للآباء معرفة ما إذا كان ينبغي مراقبة النظام الغذائي لأطفالهم، بالاعـتماد على أساس الوزن والطول؛ وأعلن أنّ هذه الإجراءات فعّالة على الفور. وتقدر وزارة الصحة الماليزية أن نحو ربع الأطفال الماليزيين يعانون من زيادة الوزن، وأكثر من 10 في المئة مصابون بالبدانة.

هاك قائمة بالدول التي يواجه سكانها البدانة وزيادة الوزن:

الولايات المتحدة: كان عدد الذين يعانون من زيادة في الوزن في بداية الستينيات 24% من الأمريكيين والأمريكيات؛ ووصلت النسبة الآن للثلثين والعدد في تنامٍ.

ألمانيا: المختصون في ألمانيا يملكون تصوراً واضحاً حول سبب البدانة 66% في البلاد، حيث يوجهون أصابع الاتهام إلى الجعـة والطعام الدسم وقلة الحركة، وسهولة الوصول للطعام غير الصحي، وتنامي عدد العاملين في المكاتب. وفي محاولة من قبل الحكومة لتخفيض البدانة بدأت تزود مطاعم المدارس الابتدائية بالمزيد من الخضار والفواكه.

مصر: أنتجت مصر في الستينيات من القرن الماضي كميات كافية من المواد الغذائية، بحيث كانت قوائم طعام سكانها تضم لحماً أحمر ودواجن وعدساً وذرة ومنتجات حليبية؛ أما في الثمانينيات فارتفع عدد السكان إلى درجة أنّ المواد الغذائية المنتجة محلياً لم تعد تكفي، وبالتالي بدأ استيراد الأغذية، لاسيما غير الصحية منها التي يأكلها الأوروبيون الأمر الذي أدى إلى إبعاد الطعام التقليدي.

بريطانيا: تكبر بطون البريطانيين للأسباب نفسها في الدول الأخرى، غير أن الوضع في بريطانيا يسوء أكثر بسبب عدم الرغبة في ممارسة الرياضة؛ وكانت بريطانيا قدمت للعالم الرجل الأكثر وزناً، وهو باول ماسون البالغ من العمر 49 عاماً، والذي يعيش على البيتزا والهامبرغر وغيرها من الوجبات السريعة، حيث بلغ وزنه 444 كغ في عام 2009.

أحد المعـارضين لنظام التغـذية الصحي قال مبدياً استياءه “لو كانت الخضروات تفيد في التخسيس؛ لوجدنا الفيل أنحف الكائنات في العـالم”..وبعـد إلغـاء الألقاب بمصر أبدى “سيد قشطـة” (أحد أسمن الحيوانات) استياءه من لقبه الجديد وطالب بالعـودة إلى قشطة بيــه!

إليكم بعـض التعـليقات الساخرة حول الموضوع: كان من البدانة بحيث كـُتب تحت صورته عـلى جواز السفر ((تتمة الصورة في الصفحة التالية)). كان بدانته تتسبـّب بأن يكوي بنطاله عـلى مدرج الطائرة. بدانته تتسبـّب بأن يهبط المصعـد بدل الصعـود!.

أظهر مسح طبي على عينة من رواد أحد أسواق الرياض أن 93% من السعوديين يعانون زيادة الوزن والسمنة، وأن نحو 62% من الأطفال دون سن العاشرة الذين أجري عليهم المسح يعانون من فرط البدانة ومهددون بخطر الأمراض مستقبلاً. وكشف المسح الطبي أيضاً أنـّه من بين 436 امرأة تعاني 93% من زيادة الوزن والسمنة. أسئلتهم حول الحركات الرياضية المناسبة لتطبيقها على الجسم، وكذلك وحول آلام المفاصل ومناسبة بعض الحركات التي يطبقها من يعاني من السمنة.

دافع المغـني اليوناني/المصري الأصل “ديموس روسوس” بلغـته المحبـّبة عـن بدانته مشيرًا لبطنه قائلاً بدعـابة “عـندك كرش، معـاك قرش”!!..

======

‏تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب

https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار