د. سعد بساطة
الخبر باختصار: صحيفة “الرؤية” في مسقط/ عمان: قرَّرت الانتقال من خانة نشر المعلومة، إلى المساهمة بنشر ثقافة الطفل، عبر بادرة طريفة، موّلت حافلة انطلقت، لتجوب بلدات مغمورة وصغيرة لتنشر الثقافة للطفل بإعارة كتب وقراءة أقاصيص له. ولم يكن من قبيل الصدفة المحضة: إطلاق اسم السندباد على الحافلة، فقد كان جواباً يسعى وراء المغامرة، وهل هنالك مغامرة أمتع أن يتنقل يافع بين صفحات كتاب؟
ساهم في إنجاح البادرة العديد من المؤسسات، لن يتسع المجال لتعدادها. مما سيكون عنواناً لأنشطة مستقبلية ليس أقلها التدريب، والتطوير.
وهذه الخطوة تليها خطوات سنوية بزيادة أسطول الحافلات وتعميق مسارها؛ لربط المؤسسات بالمجتمع بشكل عملي؛ فليس للدولة عصا سحرية، وهذه المبادرات “التي نتفاءل أن تنتشر بعدوى إيجابية” لا تحل مكان جهود الحكومة بل تدعمها.
أقبلتْ جموع الأطفال لمقر الغرفة، يحدوهم الأمل بتواصل مع الثقافة عن طريق الكلمة المطبوعة، ليتكم كنتم تروا الابتسامات العريضة على الوجوه، والقهقهات البريئة تعبيراً عن سعادتهم التي تملأ قلوبهم، وهم يقلبون الكتب الملوَّنة، ويتابعون المغامرات الشائقة، ويقرؤون قصص الرحلات والتراث المبسَّطة! وتجذبهم الهدايا البسيطة من كراريس الرسم والألوان، لتملأ حياتهم فرحاً، وتكتشف مواهبهم المبكرة.
دعونا نستعرض موضوع القراءة: معظم البلدان المتقدمة، تجد الناس في أماكن الانتظار يضعون أعينهم في كتاب؛ لأنهم يقدِّرون الوقت جيداً، ويستثمرونه في القراءة؛ فإحصاءات مؤسسة الفكر العربي تقول إن معدل قراءة العربي 4 في المئة من قراءة الأوروبي، وإن الفرد في إنجلترا مثلاً يقرأ 35 كتاباً في العام، بينما كل 80 شخصاً في البلاد العربية لا يقرأ سوى كتاب في العام، والحصيلة أن ثقافة أوروبي واحد تعادل ثقافة 2800 شخص عربي؛ لهذا يغرق مجتمعنا في مشكلات تفكير وسلوك ولا عجب.
تتنافس الأمم للوصول للإبداع: وهو أمرٌ للتهيئة والتحضير، وهذا يختلف جذرياً عن التعليم.
ويعتمد على ما يُدعى: الثقافة (Culture)، وهذه تتم بشكلٍ تراكمي، وتُبنى لبنةً تلو أخرى.
أكتب والألم يعتصرُ قلبي لدى رؤيتي أداء عينات من الشباب الذين نعتمدُ عليهم لحمل المشعل، ومتابعة المسيرة. أعرض هذه الصورة التي وصلتني عبر فيلم قصير لبريدي الإلكتروني، وفيه يسأل المذيع بعض الشباب بشكل عشوائي:
س1- من هو بيرلسكوني؟
الأجوبة: ماركة سيارات – ممثل سينما – اسم غريب لا أعرفه.
س2- ما هما الحزبان الرئيسيان في أمريكا؟
الأجوبة: الناتو – الفيتو- الشيوعي- الاشتراكي والوطني.
س3- أين تقع المجر؟
الأجوبة: أفريقيا – آسيا – المجرات والمجموعة الشمسية في الكون.
س4- ماهي الدول التي تحدّ الفاتيكان؟
الأجوبة: أفغانستان والباكستان وإيران – ألمانيا – اسكوتلندا.
س5- ماهي الدول التي تحدّ قبرص براً؟
الأجوبة: اليمن – لا أعرف.
س6- من هي صاحبة أغنية “آه ونص”؟
الأجوبة: إجماع الإجابات على “نانسي عجرم”.
لعل هذا إنجاز مهم، ولو سألناهم عن أهم أغاني تلك “المبدعة” في نظرهم، فأتوقع أن الإجابة بنسبة 90%ستكون “بوس الواوا”!!
ختم الفيلم بتعليق مطبوع أنّ الطفل العربي يقرأ بما معدّله ست دقائق سنوياً خارج منهاجه الدراسي”! ولو أنّ المعلومة تحتاج إلى توثيق ولكنني لا أستغربها.
مهام كثيرة تنتظر من يتحدث عن الإصلاح: على رأسها: رفع “سوِّية” المواطن الثقافية.. وهذه تتم بالتزامن مع وسائل الإعلام العديدة، فمن تفطمه على أغانٍ هابطة لن تتوقع منه سواها.. ومن ترفع مُحصلته الثقافية، ترى في النهاية شخصاً ناضجاً.. أي ما تزرع تحصد!
تساؤلات تبحث عن إجابة شافية: هل لدينا استخدام فعلي للمراكز الثقافية؟ هل مكتبة الجامعة للاستخدام أم البريستيش؟ هل الكتاب سلعة يُمكن أن نتهاداها في الأعياد؟ ما هي الكتب التي نراها قيد التداول؟ ولربما يجب أن نسأل بدايةً: هل تم محو الأمية في مجتمعاتنا! ومن أين نبدأ؟ سؤال وجيه؛ والإجابة: من الناشئة فهم مستقبل الأمة.
وأين؟ في كل مكان: في المدرسة، والبيت، والجامع. أما قنوات التلفاز التي لا تنفك تتحدث عن “سوبر ستار”.. ألا يمكن إجراء تسابق للستار النجم في المعلومات؟
أنهي مقالي وكلِّي تفاؤل بأن “الواوا” سيصحّ….. دعونا نرفع شعاراً “ساعة قراءة يومياً تنير المستقبل أمامك”.
ـــــــــــــــــ
تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب
https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t
»»»»»
قناتنا على التلغرام: