د.سعد بساطة
تناقضتْ الأقوال في الفاكهة التي حرَّمها الله، وتناولها آدم وحواء (عليهما السلام)؛ فكانت سبب هبوطهما من الجنة؛ فروايات تنص على أنها الكَرْمَة، في حين تؤكد أخرى أنها التفاحة!! ومنها أتى التشابه بين كلمتي التفاحة والخطيئة في اللاتينية (malus) و(malum).
ولعله من المحبب الاستهلال بالتفكه في الحديث عن الفاكهة، لنمتع القارئ الكريم.
أطلق اسم “التفاحة” على أمور شتى؛ منها: النتوء الغضروفي برقبة الذكر “تفاحة آدم”، لدى بلوغه سن الرجال، وهي الطبق الشهي من التورتة(apple pie) الذي تحضره النساء للوصول إلى قلب الرجل عن طريق معدته – بحسب توصيات أمهاتهن!
و”التفاحة الكبيرة” (big apple) لقب ٌيطلقه الأمريكيون على أهم مدنهم نيويورك(NY) تحببا.
وهي أيضاً ماركة لأهم شركات الكمبيوتر في العالم (apple Macintosh)؛ حيث رمزها تفاحة أخذت منها قضمة!
ويحتار علماء التسويق بتقسيم التفاحة “أو الكعكة” -كما ورد بالكثير من الأدبيات الاقتصادية- بين المصنعين والتجار.
ومن منا ينسى جلسة إسحق نيوتن تحت شجرة التفاح، ووصوله لتفصيلات قانون الجاذبية بعد تفكره بحادثة سقوط التفاحة من الشجرة التي كان يستظل بها.
ومازال الفساد يُرمز له في كتب الإدارة والسياسة بدودة قبيحة تنخر في جسم تفاحة شهية.
ومن منا لا يذكر “تفاحة في اليوم تبقيك بعيداً عن الطبيب” (An Apple aday keeps the doctor away).
وما فتئت كتب الحساب تعلم الأطفال بشكل محسوس مبادئ الجمع والطرح عن طريق إضافة تفاحة واحدة إلى اثنتين!
بعض الدول تعتبر التفاح الموجود في الغابات العامة ملكية مشاعة، وما زال تحت أضراسي طعم التفاح الذي كنا نجمعه بالسلة من غابات شيروود -منشأ قصص روبن هود الخيالية- في نوتنجهام – جنوب بريطانيا!
وكلنا شاهد المفكر الاقتصادي هيرنان دي سوتو ينطلق للمنصة حاملاً تفاحته، يتحدَّث عن أن حيازة المنقول بمثابة سند ملكية، وكان مثالاً يُضارع محاضرته البليغة حول الملكية والقطاع الرمادي للأعمال.
ونقول عن خد الطفل النضر: أنه مثل التفاحة. أما بعلوم الزراعة، فهنالك مئات فصائل التفاح، فمنه ما يؤكل نيئاً، أو لإنتاج الخل، وآخر للعصر أو الحفظ…إلخ.
ويقال إن مصدر الشجرة وسط آسيا، منذ 7500 سنة. وتبعاً للإحصاءات تم إنتاج 55 مليون طن من التفاح في العالم سنويا” مؤخرا”، بقيمة تزيد على عشرة مليارات دولار. كان إنتاج الصين ثلث الكمية العالمية (36 مليون طن)، تليها الولايات المتحدة (4 ملايين طن)، ثم الهند (3 ملايين طن)؛ تليها: تركيا، فرنسا، إيطاليا وإيران…إلخ.
وفي هذا السياق، لابد من التنويه إلى أنّ خل التفاح يختلف في الطعم والجوهر عن خل العنب، وهو مرغوب بكثرة، وتقبل عليه ربات البيوت بشدة.
هذا.. وقد حلَّت سوريا بالدرجة الثالثة عربياً (سابقاً، وقبل الأزمة)، حيث يذهب فائضها لدول الجوار “السعودية، الإمارات، الأردن ومصر”، وهي فاكهة صعبة الحفظ، تحتاج لغرف تبريد وإلا تعطنت!
.
ومستقبلاً؛ هناك حاجة لرفع القيمة المضافة عبر صناعات زراعية وغذائية: (وهذا ينطبق على باقي الأصناف كالتمور، الخضروات..)، تجسِّدها مشاريع: تبريد، حفظ، صنع عصائر، مكثفات، ومعلبات، مع براعات تسويقية خاصة.
وختاما؛ أتشارك معكم الطرفة التالية: اعتادت صبية فقيرة بيع التفاح على قارعة الطريق، الواحدة بربع دولار، ودأب رجل على منحها الربع دولار دون أن يأخذ أية تفاحة، وفي يوم من الأيام لحقت به، فبادرها “تريدين أن تعرفي لماذا أنفحك بالربع دولار دون أن آخذ تفاحة؟”؛ فأجابته باستياء: “لا، ولكن كنت أود إعلامك بأنّ السعر ارتفع!”.
وأخيرا؛ هل نعمل بمبدأ “تفاحة باليد ولاعشرة على الشجرة”؛ أي: ليس بالإمكان أحسن مما كان، ونستمر ببيع تفاحنا بأبخس الأسعار، أم نحاول لملمة براعاتنا الصناعية، والتجارية والتصديرية؛ بغيَّة رفع القيمة المضافة؟! الجواب فيه تفاؤل…
======
تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب
»»»»»
قناتنا على التلغرام: