*بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة*
سَـــــلْ اللهَ عقلاً نافعاً واســـتعذْ بِهِ
مِنَ الجهلِ تَسأل خيرَ مُعطَى لسائلِ
فبالعقلِ تســـــتوفي الفضائلَ كلَّهــا
كما الجهلُ مُســـتوفٍ جميعَ الرذائلِ
ليس كل ما يصلح لزمانٍ يصلحُ لغيرِه، ولا كل ما يصلح لمكانٍ يصلح لغيره، ولا كل ما يصلحُ لإنسانٍ يصلح لغيره، إذ لكل زمانٍ أو مكانٍ أو مخلوقٍ في هذه الدنيا قانونه الخاص به،
لذلك ينبغي على الانسان أمام أي مشكلةٍ تعرض له أن يُفكر في سياق ذلك القانون الذي تخضع له عناصر تلك المشكلة وهذا ما يسميه المناطقة بالتفكيرِ الموضوعي.
ومعيار التفكير الموضوعي هو فهم خواص الأشياء على ضوء وتعليمات صانعها ومبدعها الله سبحانه وتعالى الذي أوحى إلى أنبيائه ليقودوا البشرية إلى الكمال والخير والعدالة.
ودائما تكون المقدمات الخاطئة قائداً إلى النتائج الخاطئة، فمثلا من يظن أن أمراً ما يفيده من غير تجريب أو دراية ثم يرتب على تلك الفائدة نتائج أخرى يعتبرها مسلمات موضوعية ومنطقية! فهو بذلك يلقي بعقله في بحار الأوهام.
ونقف أمام حالات كثيرة من التفكير اللا موضوعي في مجتمعنا يُبنى عليه نتائج تجعل المجتمع يهوي في سحيق الفساد والتخبط والفشل.
يحكى أن جملاً كان يحمل ملحاً معبأً بأكياس من الخيش وكان حمله ثقيلاً، وصل إلى منتصف الطريق وقد أرهقه ذلك الحمل وبلغ منه التعب كل مبلغ، وفي أثناء سيرِه وجد بركة من ماء فدخل فيها ليرتاح، توقف فترة من الزمن ثم خرج من البركة وشعر بأن الحمل أصبح خفيفاً حيث ذاب الكثير من الملح في الماء وتابع سيره بحيويةٍ ونشاط.
كان مع ذلك الجمل في السير حماراً يحمل أكداساً من الأواني والمواعين، وكان لا يشعرُ بكثير ثقل بل كان نشيطاً في سيره مرتاحاً في حملِه إلى أن وصل إلى تلك البركة فدخلها وبعد فترة من الزمن خرج منها فإذا بالحمل قد زادَ وزنه، وإذا به يسير بمشقة كبيرة.
وهذه القصة تحرّضنا على التفكير الموضوعي انطلاقاً من قاعدة تقول: ليس كل ما ينفعُ غيرَكَ ينفعك.
وهنا نستذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.