المجتمع بين التكافل والتغافل (٣/٣)

بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة
الناس للناس ما دام الوفاء بهمُ
والعسر واليسر أوقات وساعاتُ
وأكرم الناس ما بين الورى رجلٌ
تقضى على يده للناس حاجاتُ
تناولنا في المقالتين الماضيتين أربعة أقسام من التكافل الاجتماعي ونتابع فيما يلي ما بدأناه حيث وصلنا إلى الحديث عن القسم الخامس وهو:
٥ _ التكافل الإغاثي: يظهر هذا التكافل في الكوارث والأزمات كالزلازل، والفيضانات، والحرائق، والحروب، أو الأوبئة.
حيث يمثل أحد أهم أشكال التضامن الإنساني والمجتمعي، ويتجلى في تقديم المساعدة والدعم للمتضررين، ويكون بأساليب عِدّة منها:
* تقديم العون العيني اللازم للتخفيف عن المنكوبين والمتضررين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سرّهُ أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه ) رواه مسلم.
* إيواء النازحين:
عبر توفير السكن للنازحين أو المشردين بسبب الأزمات أو النزاعات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أغاث ملهوفا كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة، واحدة منها صلاح أمره كله، واثنتان وسبعون له درجات يوم القيامة.) أخرجه البيهقي.
* التطوع والمشاركة الميدانية:
 ويكون عبر المتطوعين الذين يسهمون في عمليات الإنقاذ والإغاثة.
والمشاركة في توزيع المساعدات، وكذلك المشاركة في بناء الملاجئ المؤقتة، وتقديم الرعاية الصحية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين) رواه الطبراني في الأوسط.
* الدعم النفسي والاجتماعي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) رواه مسلم
ويكون الدعم النفسي عن طريق فرق الدعم النفسي، حيث تساعد المتضررين على تجاوز الصدمات. من خلال الجلسات الاستشارية، أو الأنشطة الترفيهية للأطفال لمساعدتهم على التكيف مع الوضع الجديد.
إن التكافل في الكوارث ليس مجرد واجب إنساني، بل هو أيضًا عنصر أساسي في بناء مجتمعات قادرة على التكيف مع التحديات والصمود أمام الصعاب. حيث تكون يد العون ممتدة دائمًا لمن يحتاجها في الأوقات الصعبة.
٦_ التكافل البيئي
وهو نوع حديث من أنواع أو أقسام التكافل والذي يندرج ضمن الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية من أجل مصلحة الجميع ومن ممارسات هذا التكافل:
* المحافظة على الموارد:
وذلك بالتعاون على عدم إهدار المياه والطاقة والموارد الطبيعية، لأنها تخص جميع أفراد المجتمع.
وقد ورد (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ بسَعدٍ وَهوَ يتوضَّأُ، فقالَ : ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ ؟ قالَ : أفي الوضوءِ سَرفٌ قالَ : نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ) رواه ابن ماجه.
* حماية البيئة:
وذلك بالعمل بشكل جماعي للمحافظة على رعاية الصحة البيئية وحمايتها لصالح المجتمع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) رواه أحمد.
* التنمية المستدامة:
وتكون عبر تحسين الظروف المعيشية لكل فرد في المجتمع، وتطوير وسائل الإنتاج وأساليبه، وإدارتها بطرق لا تؤدي إلى استنزاف موارد كوكب الأرض الطبيعية، حتى لا نحمل كوكبنا فوق طاقته،
٧- التكافل العلمي والمعرفي:
ويتمثل في نقل المعرفة والتعليم لمن يحتاجه، ويتضمن:
* تعليم غير المتعلمين:
وذلك بتقديم التعليم والمساعدة في تعلم المهارات لمن لا يملكون القدرة على ذلك.
* تقديم النصيحة والمشورة:
وذلك لمن يحتاج إلى خبرات في مجالات معينة واختصاصات دقيقة، مثل المشورة الشرعية أو القانونية أو الطبية أو الهندسية.
وقد ورد عن الحسن البصري قال (ما تشاور قوم إلا هداهم الله عز وجل لأرشد أمورهم) رواه البخاري في الأدب المفرد.
كل ما تقدّم من أقسام للتكافل يسهم في تعزيز وحدة المجتمع وتماسكه، والسير به نحو الأفضل.
قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار