بقلم: محمود جنيد ..
بعد الانتهاء من شعائر صلاة التراويح في اليوم الثالث من شهر رمضان المبارك في مسجد عمر بن الخطاب في حي صلاح الدين، قدم إمام المسجد طفل من طلاب حلقات العلم، يبلغ السادسة من عمره، اسمه “أحمد”، الذي ألقى قصيدة بمناسبة شهر رمضان المبارك. تلاها على مسامع المصلين بلغة فصيحة أسرت قلوب الحاضرين ونالت استحسانهم، حيث أخذ بعضهم بيده الحال وبدأوا بالتصفيق والدعاء له ولذويه وللقائمين على تعليمه.
هذا النموذج المشرف يُحتذى به بين أقرانه من الأطفال المقبلين على حفظ القرآن والحديث الشريف، قوبل بنقيض مررنا به في الطريق إلى صلاة التراويح، حيث كان هناك من يفترش الأرصفة، منهمكاً بالألعاب الإلكترونية والتنقل بين منصّات التواصل الاجتماعي والمحتوى المبتذل الذي تقدمه الهواتف المحمولة. لقد دجنت هذه التكنولوجيا عقول الجيل الجديد وأوقعتهم في لجج أمراض العصر المنتشرة بين الشباب، مثل الانطوائية والعزلة الاجتماعية السلبية، وإدمان الإنترنت الذي سلخهم من هويتهم الاجتماعية وقيمهم الثقافية التي من المفترض أن تتشكل في بيئة سليمة في المساجد والأسرة والمدرسة. كما زرعت في نفوس الكثير من أطفالنا عادات وقيم سلبية مؤثرة على عقيدة وأخلاق الطفل، مثل العنف والعدوانية والانحراف والتمرد، نتيجة الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا الحديثة وغير الخاضع للضوابط والرقابة والتوجيه السليم.
وإذا أردنا البحث عن الحلول لتنشئة وتنمية الإنسان الصالح المصلح النافع لمجتمعه ووطنه ودينه، نجدها في القرآن الذي يعتبر منهجاً كاملاً متكاملاً بالغ الدقة والشمول في التربية. ويكمن إعجاز القرآن الكريم في أن الله يسره للتلاوة والحفظ رغم بلاغته. ودليل ذلك أن الطفل يستطيع تلاوته بالاعتماد على التلقين والاستماع، حتى وإن لم يتبع أي دورات في التجويد. وينطبق نفس الشيء على الكبار والأعاجم، وهو ما يؤكده قول الله تعالى: “وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ” (القمر: 17).
ويهتم القرآن الكريم بتربية دوافع الإنسان، ويسمو بها ويحول بينها وبين الانحراف، ومن وسائل التربية: الموعظة، والقصة، والأحداث، والعقوبة. كما يهتم القرآن بتربية العقل والروح والفكر والجوارح وبجسم الإنسان ويحث على حمايته وتقويته حتى يتمكن من القيام بالرسالة التي خلق من أجلها.
ولعل المشاريع التي خرجت أفواجاً من حفظة القرآن والمجازين مؤخراً تعتبر لبنة أساسية وخطوة غاية في الأهمية تُضاف إلى قاعدة البناء المتوفرة في الكثير من جوامع ومساجد حلب وسوريا بشكل عام، وذلك على طريق بناء وتعزيز منهج التربية القويم، وتكريس الثقافة والعلم الذي ينير عقول أبنائنا ليكونوا نواة الإصلاح والنهوض بالوطن إلى المعالي.
وبالقرآن نحيا ونسمو ونرتقي..
—–
قناتنا على التليغرام 👇🏻
https://t.me/jamaheer
وعلى الوتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VaAVqfEFcowBwh1Xso0t