من التمثيل إلى التمكين: سوريا الجديدة رؤية تنتجها عقول وسواعد شابة

الجماهير || أسماء خيرو..

في خضم التحديات التي تواجهها سوريا، يبرز الشباب كقوة دافعة لإعادة البناء وصناعة المستقبل. فهم ليسوا مجرد شريحة عمرية بل هم القلب النابض لنهضة تعيد لسوريا بريقها بعد سنوات من التراجع. وتمكينهم سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا يشكل السبيل الوحيد لتأسيس “سوريا الجديدة” التي نرنو إليها جميعًا.

إن الشباب السوري اليوم، وبعد مخاض الثورة، باتوا يحملون على أكتافهم طموحات لا تقل عظمة عن إرث الحضارات التي مرت على هذه الأرض. فهم ليسوا مجرد حملة لمستقبل سوريا، بل هم حاضرها الذي يشكل ملامح الغد. ولا يخفى على أحد أنه في ظل التحولات العالمية السريعة، أصبحت مهارات الشباب الابتكارية وقدرتهم على توظيف التكنولوجيا كأدوات محورية لإعادة البناء ركيزة لا غنى عنها للإعمار. ويؤكد ذلك أن الشباب اليوم قادرون، بروح مرنة واستثنائية، على تحويل التحديات إلى فرص لإطلاق الإمكانيات وبناء الأمل.

ومن هنا انبثق مؤتمر “الشباب نهضة وبناء” كتتويج لرؤية استراتيجية تهدف إلى تحويل مفهوم المشاركة الشبابية من حدود التمثيل الشكلي إلى آفاق التمكين الفعلي. حيث يجسد المؤتمر منصة شاملة تضم ورش عمل متخصصة تغطي المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتنمية المهارات. وبذلك، يعكس انعقاد المؤتمر إيمانًا راسخًا بأن إدماج الشباب ليس خطوة رمزية، بل ركيزة أساسية لضمان استدامة التنمية ومواءمتها مع متطلبات المجتمع. وبالتالي يؤكد على يقين القيادة السورية أن تفعيل دور الشباب يتجاوز إشراكهم في الخطط التنموية، لينطلق نحو منحهم صلاحيات صنع القرار وقيادة التغيير. وسيتم ذلك بشكل عملي عبر المؤتمر الذي يعد محطة نوعية لترسيخ مبدأ الشراكة الفاعلة للشباب في كل مرحلة تنموية.

إن فكرة سوريا الجديدة تنهض بسواعد شبابها لم تعد شعارًا، بل واقع تخلقه الإرادة اليومية للشباب الذين يرفضون الاستسلام للظروف. ففي كل ركن من أركان الوطن، تكتب ملحمة البناء بجهود استثنائية: شباب مبتكرون يحولون التحديات البيئية إلى فرص مستدامة عبر تحويل النفايات إلى طاقة، ومهندسون خبراء يعيدون إحياء الإرث المعماري من تحت الأنقاض، ومعلمون يصنعون جيلًا واعيًا بفكر متجدد، وفنانون ينسجون بسحر إبداعهم سرديات الثورة والتحرير على خشبات المسارح والشاشات. إلى جانب أبطال من المتطوعين في المجال الصحي يدافعون عن الحياة بصمت، ومبادرات مجتمعية تنتشر كالياسمين في كل الاتجاهات. هؤلاء هم رواد التغيير الحقيقيون الذين يؤسسون لنهضة وطنية تقوم على دعامتين: إرادة التحدي التي لا تنكسر، ورؤى إبداعية تسبق عصرها، مؤمنين بأن البناء الحضاري لا يقف عند إعادة تشييد الجدران، بل يتخطاه إلى صياغة مستقبل تتجسد فيه أحلامنا جميعًا.

إن الاستثمار في الشباب هو استثمار في الأماني التي لم تولد بعد، وفي التطلعات التي ستحقق المعجزات. سوريا التي نحلم بها لن تصنع إلا بأيدي أبنائها، فالشباب هم الجسر بين الماضي العظيم والمستقبل الزاهر. لنتذكر دائمًا أن النهضة الحقيقية تبدأ حين نثق بقدرات الشباب، ونمنحهم الفرصة ليثبتوا أنهم قادة اليوم، وليس غدًا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار