حكمت الهجري و الدعوات المشبوهة

بقلم: محمد حنورة…
في خضمّ الأزمات التي تمرّ بها سوريا تبرز أصوات من الداخل تحمل على عاتقها مسؤولية التهدئة والحفاظ على وحدة المجتمع فيما تظهر أخرى تسير في الاتجاه المعاكس مثيرة للفتنة وداعية إلى التصعيد. من بين هذه الأصوات يثير حكمت الهجري جدلاً متصاعداً حول تصريحاته ومواقفه التي يراها كثيرون خروجا خطيراً عن الثوابت الوطنية.
فمن خلال عدة مواقف وبيانات بدا واضحاً أن خطاب الهجري يتضمّن إشارات غير خافية إلى الترحيب بالتدخل الخارجي في الشأن السوري من خلال التماهي مع أجندات خارجية لها مصالح عدائية تجاه سورية مثل هذه المواقف تمثل انزلاقاً مقلقاً نحو مسارات تتناقض مع السيادة الوطنية وتخالف الإجماع الشعبي السوري بما في ذلك مواقف معظم أبناء الطائفة الدرزية الذين عُرفوا تاريخياً بانتمائهم الوطني العميق.
و من أخطر التحولات في خطاب الهجري هو ما يظهر من نزعة لإخراج إسرائيل من دائرة العداء التقليدي في الوقت الذي يصب فيه جام غضبه على الحكومة السورية متجاهلاً الاحتلال والانتهاكات الإسرائيلية في الجولان المحتل.
هذا الخطاب يثير تساؤلات مشروعة حول تموضع سياسي جديد لا ينسجم مع الإرث الوطني للسويداء التي لطالما قاومت الاحتلال ورفضت أي مساومة على الحقوق الوطنية.
وما يثير الإشمئزاز الطريقة التي يُخاطب بها الهجري أنصاره والتي تتسم بنبرة تصعيدية وتحريضية تُغذّي الشكوك والانقسامات وتُهدّد بشكل مباشر السلم الأهلي في المحافظة. بدل أن يكون عامل تهدئة وتوحيد، تحوّل دوره في بعض المناسبات إلى مصدر توتير داخلي وتفكيك مجتمعي مستغلاً ما تمرّ به المنطقة من ضغوطات اقتصادية واجتماعية لتمرير خطاب سياسي بعيد عن المصلحة الوطنية السورية .
في مقابل هذا الخطاب يُظهر أبناء الطائفة الدرزية وعياً عميقاً بخطورة الانجرار خلف أجندات خارجية أو محاولات توريطهم في صراعات جانبية. مشايخ العقل ووجهاء المجتمع وفعالياته المدنية والثقافية عبروا مراراً عن رفضهم القاطع لأي خطاب تقسيمي أو دعوة للتدخل الأجنبي مؤكدين أن العدو الحقيقي هو الاحتلال وأدواته وليس الحكومة السورية التي ما زالت تحتضن مختلف مكونات الشعب.
إن ما يصدر عن الهجري من مواقف وتصريحات لا يمكن فصله عن سياق إقليمي يسعى إلى إعادة رسم الخرائط السياسية والطائفية في سوريا. وبينما تدعو المرحلة الراهنة إلى رصّ الصفوف وتغليب لغة العقل والمسؤولية، فإن أي خطاب يشجع على الانقسام أو يتغاضى عن عدوان الاحتلال الإسرائيلي لا يخدم إلا أجندات خارجيّة وهو ما ترفضه الغالبية العظمى من أبناء الطائفة الدرزية الذين كانوا وسيظلون جزءاً أصيلاً من نسيج الوطن السوري الواحد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار