صدق الموقف وإنسانية الغاية… رفع العقوبات حق يُعيد لسوريا وجه القمر

الجماهير || أسماء خيرو ..

بعد طول انتظار، مثقل بتراكمات السنوات، انعطفت واشنطن بوجهها نحو فصل جديد من العلاقات الدولية، معلنة قرارًا دبلوماسيًا أثلج قلب جميع السوريين برفع العقوبات الاقتصادية.

هذا القرار ليس مجرد تغيير في السياسات، بل اعتراف بإنسانية وحق شعب عانى من معاناة مضاعفة بين نيران الحروب وأنياب ضغوط العقوبات الاقتصادية، فكتب ملحمة صمود بأحرف من دم وأمل.

لقد كانت العقوبات ليست مجرد قيود اقتصادية، بل كانت سيفًا ذا حدين: أدت إلى إضرار بالمواطن العادي وشلت قدرة الدولة على إصلاح البنية التحتية المتداعية، ومع رفعها ستفتح أبواب إعادة الإعمار على مصراعيها، بدءًا من تشغيل محطات الكهرباء وإصلاح شبكات المياه، مرورًا بإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات التي دُمرت بفعل الحرب، وصولًا إلى استئناف المشاريع التنموية الضرورية لإنعاش الاقتصاد.

ولا يخفى على أحد أن الشعب السوري دفع الثمن الأغلى: نزوح ولجوء، وانهيار في الخدمات الأساسية، وأصبح الوصول إلى الأدوية رهينًا بالمساعدات الدولية. برفع العقوبات، ستتحسن القدرة الشرائية للمواطن، وتعود السلع الأساسية إلى الأسواق، وتُرفع القيود عن استيراد المعدات الطبية والتعليمية، كما أن تحسين الأوضاع المعيشية قد يشجع النازحين واللاجئين على العودة، مما يخفف الأعباء عن الدول المجاورة.

سوريا بعد رفع العقوبات ستتحول إلى قبلة للمستثمرين الدوليين، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة، والزراعة، والتكنولوجيا، نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي ومواردها الطبيعية والبشرية الكامنة. إن تدفق رؤوس الأموال سينعش سوق العمل، ويقلل من نسب البطالة التي بلغت مستوياتٍ كارثية بين الشباب. ومن المؤكد أن رفع العقوبات سيخفف التوترات ويخلق مناخًا ملائمًا للحوار بين السوريين أنفسهم، بعيدًا عن الضغوط الخارجية؛ فالمصالح الاقتصادية المشتركة غالبًا ما تكون جسرا للتفاهم، وقد تكون عاملًا مساعدًا في تحقيق المصالحة الوطنية.

اليوم، نحن السوريين نرفع أكف الحمد من أعماق الجرح السوري، وننحني إجلالًا لروح التضامن التي أضاءتها مبادرات دولية حملت على عاتقها هموم الأمة. كانت السعودية وقطر وتركيا سفراء للأمل في محافل العالم، يذكرون بصدق الموقف وإنسانية الغاية، حيث لم تكن مساعيهم الدبلوماسية سوى نور أبدد ظلام العقوبات بأضواء الحلول الواقعية، وكشف أن التكاتف الإقليمي هو النسغ الحيوي الذي ينمي جذور الاستقرار في تربة التحديات المشتركة.

إن رفع العقوبات ليست هبة أو منحة، بل هو حق أشبه بنداء الشمس الذي لا يُحجب، حق للسوريين كي يعيدوا للوطن نبض الحياة في شرايينه. وإن كان القرار قد تأخر كقطرة ندى وصلت بعد عطش طويل، إلا أنه يشعل شرارة تنير درب الأمل لشعب يضمد جراحه ويواصل النضال من أجل فجر جديد. ليكن هذا القرار انطلاقة نعيد بها لسوريا وجه القمر الذي اختبأ طويلاً خلف السحب.

 

#صحيفة_الجماهير

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار