بقلم محمد سلام حنورة ..
جاء خطاب السيد الرئيس أحمد الشرع في مدرج قلعة حلب حاملاً دلالات سياسية ووطنية واستراتيجية عميقة، رسم من خلاله معالم المرحلة القادمة لسوريا بعد سنوات طويلة من الحرب والمعاناة.
لم يكن الخطاب مجرد استذكار لمحطات الماضي، بل كان بمثابة إعلان انتقال من مرحلة التحرير العسكري إلى مشروع وطني متكامل للبناء والتنمية، وهو ما يجعل من خطابه وثيقة سياسية بامتياز، تعبّر عن رؤية استراتيجية ذات أبعاد متعددة.
حلب كرمز للتحول الاستراتيجي.
منذ افتتاح خطابه، اختار السيد الرئيس أن يوجّه كلماته من مدينة حلب، المدينة التي وصفها بـ”القلعة” و”الجدار” و”الشاهد على الصمود”، في إشارة رمزية إلى أن الانتصار في حلب لم يكن انتصاراً جغرافياً فحسب، بل تحوّلاً استراتيجياً ونقطة انعطاف في مسار الدولة السورية.
إذ مثّلت حلب، بحسب السيد الرئيس، “لحظة تصنعها الأمم مرة كل قرن”، ما يؤكد أنها في تصوّره تشكّل مفتاح النصر الحقيقي، وأنها بوابة الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب.
الانتقال من معركة التحرير إلى معركة البناء.
يركّز الخطاب على فكرة محورية مفادها أن النصر العسكري ليس نهاية المطاف، بل هو تمهيد لبداية جديدة عنوانها التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فالسيد الرئيس يعلن صراحة: “لقد انتهت حربنا مع الطغاة، وبدأت معركتنا ضد الفقر”.
هذا التحول في الخطاب من العسكري إلى التنموي يعكس رؤية استراتيجية بطبيعة التحديات القادمة، ويؤسس لمرحلة يكون فيها الفعل السياسي والاقتصادي مركز الثقل الجديد للدولة.
الدعوة إلى تعبئة وطنية شاملة.
تضمنت الكلمة دعوة صريحة ومباشرة لكل فئات الشعب السوري للمشاركة في عملية البناء: “شمروا عن سواعد الجد وأتقنوا العمل، وتفننوا بالإبداع… كونوا فرسان البناء كما كنتم أبطال التحرير”.
هذه الدعوة تُظهر رؤية تشاركية في الحكم، وتحمّل المواطنين مسؤولية النهوض بالبلاد، ما يعكس اتجاهاً نحو تعبئة وطنية عامة تستند إلى إرادة جماعية .
البعد الإقليمي والدولي.
يشير السيد الرئيس إلى عودة اسم سوريا إلى المحافل الدولية، ورفع العقوبات ودعم الأشقاء والأصدقاء، معتبراً أن ذلك ليس “مجاملة سياسية”، بل “استحقاق” نابع من تضحيات السوريين.
هذه الإشارة تحمل بعداً دبلوماسياً ذكياً، إذ تربط بين الداخل والخارج، وتُقدّم النصر السوري بوصفه عنصراً فاعلاً في استقرار المنطقة، بل “فرصة الشرق في زمن الخراب”، وهي عبارة شديدة الرمزية تختصر الدور الذي تطمح إليه سوريا الجديدة في النظام الإقليمي والدولي.
وضوح الهدف وصرامة الشعار
اختتم السيد الرئيس خطابه بشعار حاسم: “لا نريح ولا نستريح حتى نعيد بناء سوريا من جديد”.
هذا الشعار يجمع بين الاستمرارية في الجهد والطموح الوطني الشامل، ويؤكّد التزام القيادة برؤية مستقبلية لا تعرف التراخي أو التردد، بل تعتمد على العزيمة والإرادة الوطنية.
رؤية السيد الرئيس أحمد الشرع في خطابه بمدرج قلعة حلب تمثل مشروعاً سياسياً استراتيجياً متكاملاً يتدرج من تحرير الأرض إلى استعادة الدور الإقليمي والدولي
و إطلاق مشروع وطني شامل للتنمية يقوم على الوفاء للتضحيات والبناء على الانتصار والانفتاح على العالم وصناعة المستقبل بإرادة الشعب.