بقلم: مصطفى عبدالحسيب الدناور…
في لحظة فارقة من التاريخ السوري، تنهض البلاد من رماد الاستبداد، حاملةً معها هوية جديدة لا تُبنى على الخوف، بل على الأمل، ولا تُصاغ في أقبية الأجهزة الأمنية، بل في ساحات الشعب، حيث تُكتب السردية الوطنية من جديد.
من رماد القهر… إلى ملامح الدولة الراعية
لأكثر من خمسة عقود، حُوصرت الهوية السورية في قوالب ضيقة، صاغها نظام الحزب الواحد، فغابت المواطنة، وتفككت الروابط الوطنية لصالح هويات طائفية . لكن الثورة التي انطلقت عام 2011، رغم ما واجهته من قمع ودمار، أعادت طرح السؤال الجوهري: من نحن؟ وماذا نريد أن نكون؟
اليوم، ومع انطلاق المرحلة الجديدة لسورية بعد سقوط النظام البائد ، تتشكل ملامح هوية سورية جديدة، لا تقوم على الإقصاء، بل على الاعتراف، لا على التبعية، بل على الشراكة.
العقاب الذهبي… رمز لسوريا الحارسة لا القامعة
في احتفالية رمزية بقصر الشعب، أُطلقت الهوية البصرية الجديدة للدولة السورية، يتصدرها “العقاب الذهبي” بجناحيه المنبسطين ونجومه الثلاث المحلقة فوق رأسه. لم يعد الطائر رمزًا للبطش، بل للحماية. لم تعد النجوم مطمورة في ترس السلطة، بل ارتفعت لتعلن أن الشعب هو مصدر الشرعية.
كل ريشة في جناحي العقاب تمثل محافظة سورية، وكل خط في التصميم يروي قصة وحدة وطنية لا تقبل التجزئة. إنها سوريا الجديدة، التي لا تهمّش أحدًا، ولا ترفع أحدًا فوق أحد.
من الاستبداد إلى عقد اجتماعي جديد
الهوية الجديدة ليست مجرد شعار، بل عقد اجتماعي جديد، يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن. فالدولة لم تعد وصية، بل خادمة. والمواطن لم يعد رقماً، بل شريكاً في القرار والمصير.
في هذا السياق، تعمل الحكومة الجديدة على إعادة صياغة الدستور، وإطلاق حوارات وطنية شاملة، تعكس إرادة السوريين بكل أطيافهم. إنها لحظة تأسيس، لا ترميم.
تحديات البناء… وآمال العودة
رغم التفاؤل، لا تخفى التحديات: من إعادة الإعمار، إلى عودة المهجرين، إلى إصلاح المؤسسات. لكن ما يميز هذه المرحلة هو الإيمان بأن سوريا تستحق الأفضل، وأن السوريين، رغم الجراح، قادرون على النهوض.
إنها ليست مجرد ولادة لهوية جديدة، بل عودة للإنسان السوري إلى مركز الحكاية، بعد أن كان مهمشًا، منفيًا، أو خائفًا. إنها لحظة استعادة الكرامة، وبداية وطن يُبنى لا على الولاء، بل على المواطنة.
#صحيفة_الجماهير