بقلم :محمد سلام حنورة…
في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ سورية ، أصدرت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق بأحداث الساحل تقريرًا مستقلاً ومهنيًا، لا يُجسّد فقط لحظة محاسبة، بل يؤسس لميلاد دولة تُقيم العدل وتنتصر للحقيقة.
لم تكن اللجنة الوطنية مجرد هيئة رسمية أُنشئت لتؤدي دورًا شكليًا. لقد كانت نبضًا للعدالة في جسد وطن أرهقته الذاكرة المثقلة الخذلان.
التقرير الذي صدر أخيرًا لم يكن مجرد حزمة من البيانات والتوصيات، بل وثيقة تاريخية تقف عند مفترق طرق بين الماضي والمستقبل
لقد أوضحت اللجنة أن الحقيقة مسؤوليتها، وأن المحاسبة من اختصاص القضاء، بينما التنفيذ يقع على عاتق أدوات الدولة.
بهذا التوصيف، تم رسم خارطة وطنية واضحة لتوزيع المسؤوليات، بما يعكس مبدأ فصل السلطات، ويعزز الثقة في مؤسسات الدولة.
الأهم أن التوصيات الصادرة لم تكتفِ بإدانة الجناة، بل وضعت إصبعها على مكامن الخلل البنيوي في منظومة عدد من المؤسسات ذات العلاقة بالأحداث التي حصلت .
صحيح أن بعض الملاحظات ستظهر على التقرير، وهذا أمر صحي ومتوقع، بل ومطلوب، لأن التجارب العظمى في تشكيل لجان التحقيق حول العالم لم تخلُ من النقد.
لكن الفرق أن النقد هنا لا يهدم، بل يصحح، ويُعمّق فكرة العدالة.
إنها لحظة فارقة، لا لكون تقرير صدر، بل لأن صوتًا غير منحاز خرج من صلب الدولة، ليرفع راية الحقيقة في وجه الصمت.
وهذا ما يحيي الإحساس الوطني، بأن هذه البلاد قادرة على النهوض .
إلى كل أمٍ تنتظر خبراً، إلى كل أسرة تبحث عن جواب، إلى كل طفلٍ غُيّب عنه الأمان: هذه الخطوة من أجلكم، قد لا تعيد الحياة من ماتوا، لكنها تحمي من لم يُصب بعد.
وإن كانت بداية العدالة قد كتبت الآن، فإن المستقبل سيكون على قدر ما نتمناه لوطننا الذي نحب .
#صحيفة_الجماهير