الليرة السورية الجديدة: والإصلاح الاقتصادي المطلوب 

بقلم :محمد سلام حنورة ..

أعلن مصرف سورية المركزي عن خطة لإصدار ليرة جديدة وحذف صفرين من العملة، في خطوة وصفها الحاكم عبد القادر حصرية بأنها “ركيزة أساسية للإصلاح” ووسيلة لإعادة الاستقرار النقدي بعد سنوات من الانهيار الاقتصادي.

لكن التجارب الدولية والتحديات الداخلية تدفعنا لطرح السؤال الجوهري: هل يكفي تغيير شكل العملة لإنقاذ الاقتصاد

 

أول ما تحمله الخطوة هو بعدها الرمزي، فالعملة الجديدة بلا صور رموز الاستبداد تمثل إعلانًا عن بداية مختلفة، وهو أمر مهم نفسيًا واجتماعيًا.

هذه الرمزية قد تُعيد جزءًا من الثقة المفقودة بالمؤسسات، وتُشعر السوريين أن حقبة جديدة بدأت بالفعل.

 

من الناحية التقنية، حذف الأصفار يُسهّل التعاملات اليومية ويخفف من عبء الأرقام الكبيرة في الحسابات والميزانيات.

كما أن إصدار عملة جديدة يمنح الدولة فرصة لضبط السيولة، خصوصًا أن جزءًا كبيرًا من النقد ظل خارج المصارف خلال السنوات الماضية ٤٠ تريليون ليرة.

لكن هذه الفوائد تبقى موضع تساؤل إذا لم ترافقها إصلاحات اقتصادية أعمق.

 

العملة ليست أكثر من مرآة للاقتصاد، فإذا استمر التضخم وضعف الإنتاج وغياب الرقابة على الأسواق، فإن الليرة الجديدة ستفقد كثيرا من قيمتها

تجارب أخرى تثبت ذلك فتركيا نجحت في 2005 بفضل إصلاحات مالية واقتصادية شاملة، بينما فشلت فنزويلا وزيمبابوي لأنهما اكتفتا بحذف الأصفار من دون معالجة الأسباب البنيوية للأزمة.

 

التجربة التركية تؤكد أن النجاح يتطلب بيئة اقتصادية مستقرة واستقلالية للمصرف المركزي.

في المقابل، التجارب الفاشلة تُحذر من أن تغيير شكل العملة بلا إصلاح مؤسسي لا يعدو كونه إجراءً شكليًا .

 

حتى تتحول هذه العملية إلى إصلاح حقيقي، لا بد من ربطها بإجراءات أوسع مثل إعادة هيكلة القطاع المصرفي، فتح الباب أمام استثمارات وبنوك أجنبية، الانضمام إلى منظومة “سويفت” لربط الاقتصاد السوري بالعالم، وفرض رقابة صارمة على الأسعار .

إضافة إلى ذلك، من الضروري إطلاق حملة توعية وطنية لشرح آليات التحويل وتفادي الفوضى في الأسواق.

 

حذف صفرين من الليرة خطوة مفيدة على المستويين التقني والرمزي

وقيمتها الحقيقية تتوقف على ما إذا كانت جزءًا من رؤية إصلاحية شاملة

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار