في محطة جديدة في طريق بناء وإعمار سورية : سورية تفتح صفحة جديدة مع العالم بعد الثورة في لحظة فارقة من تاريخ سورية الحديث
العميد أحمد حمادة..
قام الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في أول زيارة لرئيس سوري إلى واشنطن منذ عام 1967. لكن بخلاف زيارة الرئيس الأسبق نور الدين الأتاسي التي جاءت عقب نكسة حزيران، تحمل زيارة الشرع دلالات مختلفة تمامًا؛ إنها زيارة سورية الجديدة، الخارجة من رحم الثورة، نحو الانفتاح والشراكة الدولية.
تحمل زيارة الرئيس الشرع مجموعة من الرسائل السياسية العميقة، أبرزها تأكيد انفتاح سورية على العالم، وسعيها إلى ترسيخ حضورها كدولة مستقرة تمتلك رؤية سياسية واضحة، بعد أن طوت صفحة نظام ديكتاتوري دام عقودًا. لقد كانت اللقاءات الرسمية، سواء في البيت الأبيض أو الكونغرس، بمثابة اعتراف سياسي صريح بالتحول الذي شهدته البلاد بعد الثورة، وبالقيادة الجديدة التي جاءت بإرادة شعبية بعد كفاح طويل وتضحيات كبيرة قدمها الشعب السوري منذ إستلام الحكم من قبل الأسد الأب بإنقلاب عسكري .
وفي تصريحاته للإعلام الأمريكي، شدد الرئيس الشرع على أن سورية اليوم دولة تسعى للتكامل مع المجتمع الدولي، لا للمواجهة معه، وتعمل على بناء علاقات قائمة على المصالح المشتركة، والاحترام المتبادل.
من أبرز أهداف الزيارة كان الدعوة إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، والتي وصفها الرئيس بأنها “عقوبات طالت الشعب لا النظام السابق”. واعتبر أن استمرار هذه العقوبات يُعيق جهود إعادة الإعمار، ويؤثر سلبًا على معيشة المواطنين، رغم انتهاء النظام الذي فرضت من أجله تلك العقوبات .
وقد لاقت هذه المطالب تفهماً من عدد من المشرعين الأمريكيين، الذين أبدوا استعدادًا لمراجعة السياسات السابقة تجاه سورية، خاصة في ظل وجود حكومة جديدة تحظى بشرعية شعبية ودولية.
فاللقاء الذي جمع الرئيس الشرع بأبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة كان من أبرز محطات الزيارة حيث أكد خلاله أن السوريين في الخارج يمثلون “جسراً حضاريًا يربط الوطن بالعالم”، وأن الدولة الجديدة تنظر إليهم كجزء أساسي من عملية النهوض الوطني.
ودعا الرئيس كل من يستطيع من أبناء الوطن في المهجر إلى المساهمة بخبراتهم واستثماراتهم في عملية إعادة الإعمار مؤكدًا أن الحكومة ستوفر التسهيلات اللازمة لعودتهم الكريمة والمثمرة.
فزيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل شكلت تحولًا استراتيجيًا في مسار السياسة السورية، ورسالة واضحة بأن سورية تتجه إلى الأمام بثقة، بعد سنوات من الحرب والتهميش .
إنها بداية مرحلة جديدة، عنوانها الشفافية، الشراكة، والانفتاح، حيث تسعى سورية لأن تكون فاعلًا إيجابيًا في المنطقة والعالم وأن تبني مستقبلًا يليق بتضحيات شعبها، وطموحاته التي لم تنكسر رغم كل المحن التي مر بها السوريون .
#صحيفة_الجماهير