الجماهير – رفعت الشبلي..
شهد مسرح دار الكتب الوطنية ضمن فعاليات مهرجان حلب المسرحي للعام الحالي، عرضاً مسرحياً حمل عنوان “الجلاد” للكاتب الإماراتي أحمد الماجد، بمشاركة ممثلي العمل وعد الرزوق ومحمد قصاب، وإخراج ثائر جلجوقة.
ويناقش العمل قضية اجتماعية عميقة تمس مجتمعاتنا العربية وتعكس آلامها وتحدياتها، حيث يتناول قضية اجتماعية واقعية منتشرة في معظم المجتمعات العربية، ممزوجة بالسياسة والتاريخ الديكتاتوري الذي عاشته هذه المجتمعات.

ويحاكي العرض الصراع الداخلي بين النفس الشريرة، المتمثلة في شخصية “الجلاد”، والنفس الطيبة، وتأثيراته المدمرة على الأفراد والمجتمعات، ليفتح في خاتمته تساؤلات حول معايير الضحية والجلاد، والمسؤول الحقيقي عن هذا الصراع المستمر.
وفي هذا السياق، أوضح المخرج ثائر جلجوقة في تصريح خاص أن العمل “يسلط الضوء على موضوع توريث السلطة”، مشيراً إلى أن المجتمعات العربية وقعت فعلاً في “مصيدة الجلاد” الذي يكمن داخل كل فرد منا. وأضاف أن الصراع الداخلي بين النفس “الجلادة” والنفس “الضحية” لا يزال مستمراً، وهو ما يعكس الواقع الذي نعيشه حيث يتداخل التاريخ مع الحاضر في معركة نفسية لا تنتهي.

من جهته، أعرب الإعلامي عبدالخالق قلعجي عن تقديره للعمل، مشيراً إلى أنه “يقدم صورة حقيقية لما يعيشه العديد من الناس في مجتمعاتنا، ويعكس موروثات العيش في ظل التحديات الاجتماعية والسياسية”. كما أشاد بالمشاركة الشبابية في العرض، معتبراً أن هذا الجيل يعدّ من العناصر الهامة في تطوير المسرح في حلب ويبشر بمستقبل واعد للمسرح المحلي.
وفيما يتعلق بملاحظاته النقدية، أشار قلعجي إلى وجود بعض النقاط التي تحتاج إلى تحسين، لا سيما فيما يتعلق بالموسيقى حيث شعر البعض بوجود “فراغ موسيقي في بعض المشاهد”، مؤكداً أن اختيار الموسيقى وتوظيفها بشكل مناسب كان من الأمور التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام. كما لفت إلى مسألة استخدام اللغة العربية الفصيحة في الحوار، حيث لاحظ البعض افتقاراً لها في بعض الأحيان.

ورغم هذه الملاحظات النقدية، يُعدّ عرض “الجلاد” خطوة هامة في مسار تطوير المسرح في حلب، ويُبرز أهمية التفاعل مع القضايا الاجتماعية والسياسية التي يعيشها المجتمع العربي. ويتوقع أن يحفز هذا العمل على إنتاج المزيد من الأعمال المسرحية التي تتعامل مع الواقع العربي بشكل جريء وواقعي، مما يعزز دور المسرح في التوعية بمشاكل المجتمع وأزماته الداخلية.