أقوم بتصحيح أطروحة دكتوراه في الحقوق تصحيحاً لغويّاً، أضع السمّاعات في أذنيّ، وأستمع إلى أغنية (اللؤلؤ المنضود) بتوزيع موسيقي جديد للفنان عبد الرحمن محمد، إنّه توزيع شجيّ شجيّ جداً، يختلف عن اللحن الذي غنّى به صنّاجة العرب صباح فخري.
اللؤلؤ المنضود في فمك الجميل، فيه سعادة للشقي وللعليل، فإذا تفتّحتِ الشفاه ثوانياً (صحيحة لغويّاً)، نوّرتِ دنياي، بهذا الصوت المليء شجناً، (وأغرق في هذا النور وفي هذا الشجن) نوّرتِ دنيااااي (مقام كورد)، نوّرت دنياي وأحييتِ القتيل.
أتخيّل حالَ العاشق حين يسمع لحن مفردتي “نوّرت دنياي” في الأغنيّة!
ولكن إن غنّيتها أنا فسيكون هناك لحنٌ جديد، سيكون هناك عُربٌ جديدة!.
ولأنّني فكرت بكتابة هذا المنشور في أثناء قراءة الأطروحة، بدأت بالكتابة فوراً في قلب الكتابة الحقوقيّة، ورحتُ أتخيّل إن نسيت المقطع في قلبها، وراح يقرؤها صاحبها أمام لجنة التحكيم في أثناء المناقشة (بالتأكيد هو سيقرأ موجزاً عنها لا الأطروحة كلها) .
وفيما هو يقرأ “لقد حدّد القانون العراقي في المادّة (33) منه، الجهة التي تنظر في مشاريع القوانين المقدّمة من قبل مجلس الوزراء بما فيها مشاريع قوانين الميزانيّة، ألا وهي الجمعيّة الوطنيّة”. سيصل إلى المقطع الذي كتبته:
“أقوم بتدقيق رسالة دكتوراه في الحقوق تدقيقاً لغويّاً، أضع السمّاعات في أذنيّ، وأستمع إلى أغنية (اللؤلؤ المنضود) بتوزيع موسيقي جديد للفنان عبد الرحمن محمد، توزيع حزين حزين جداً….إلخ”.
سيقرؤه أمام الملأ هكذا: “أقوم بتدقيق رسالة دكتو…..راه!! سيصدم هو أولاً، ومن ثمّ سيصدم معه اللجنة والحضور، سيجدون خللاً ما في النصّ، وسيدركون أنّ هناك من صحّحته تصحيحاً لغويّاً.
أما إن قرأ الطالب الرسالةَ قبل أن يقرأها في أثناء المناقشة، ووجد مقطعي المكتوب فيها، سيدرك أنّي أحبّ، أحبّ الحروف والكلمات، أحبّ الألحان، أحبّ الألحان الشجيّة، اللحن النهاوندي، والألحان المفرحة، أحبّ أن أكتب أفكاري فوراً كي لاتضيع منّي في زحمة الأفكار، وسيحذف الطالب مقطعي الدخيل إلى نصّه قبل قراءته، هذا إن قرأه قبل المناقشة!.
أمّا لجنة التحكيم فسوف تدينه على هذا الخلل فتنقص من علاماته، وأمّا الجمهور المتلقّي، أو القارئون أو المستمعون، فقد يعجبهم هذا الخلل فيطربون له!.