الجماهير ـ حميدي هلال
نظام امتحاني مركزي جديد أعلنت عنه وزارة التربية مؤخراً، يعتمد على اجراء اختبار مركزي مؤتمت لطلاب الصف الثاني الثانوي الذين يدرسون المناهج المطورة بمادتي (التربية الإسلامية – تكنولوجيا المعلومات والاتصالات) للفصل الثاني من العام الدراسي 2018 -2019م.
اذا كانت الوزارة في طور التجريب، فهناك احتمالان، أحدهما الفشل والآخر النجاح، ولكل منهما نسبة مئوية عليها نبني اطلاق التجربة أو العزوف عنها .
التجربة لها أيضا معايير ، وضع رؤية مسبقة ، نسبة نجاح ، قواعد ومحددات تضمن نجاحها بنسبة عالية ، كالعمل الجراحي مثلاً ، فالطبيب قبل أن يفتح بطن المريض يوضح للأهل أن نسبة نجاح العملية كبير جداً ، هذا يشجع المريض للخضوع للعمل الجراحي ، والعكس بالعكس اذا كانت نسبة النجاح متدنية فالمريض يفضل التعايش مع المرض على مغامرة العمل الجراحي الذي يؤدي الى الموت المحتم .
على ضوء ذلك يمكننا القول إن هذا الإجراء يتضمن عدة سلبيات، منها عدم مراعاة المعايير الكاملة في وضع امتحان موحد على مستوى كل مدرسة ، ما سيحدث فروقاّ جوهرية بين امتحان مدرسة وأخرى ، ومن الصعب وضع امتحان يقيس قدرات الطلاب جميعهم بنفس المقياس العلمي الذي يتضمنه الامتحان المركزي .
ولنأخذ بعين الاعتبار الخطة الدرسية والتقيد بإنجازها في كل مدرسة ، فهناك من ينهي منهاج الفصل الدراسي ، وهناك من ينهي الفصل الدراسي بلا منهاج في ظل نقص المدرسين أو تلكؤ العملية التعليمية ، مع مراعاة ظروف كل محافظة على حدة .
ونتساءل كعادتنا : هل أجرت الوزارة حواراً مجتمعياً حول الامتحان الموحد واستطلعت توجهات الناس والطلاب، هل حصلت على قاعدة بيانات دقيقة لتحديد مستوى التحصيل العلمي في كل محافظة ، ومنه في كل مدرسة . هل استعانت الوزارة بخبراء، هل حللت الوزارة واقع التعليم السوري حالياً ؟ سيما وأن الحرب الظالمة علينا قد خلقت فجوة كبيرة وفاقداً تعليمياً تجاوز الثماني سنوات وهل لدى هذه المدارس القدرة على استيعاب النظام الجديد من حيث توافر التقنيات والاستعدادات التكنولوجية بمدارسنا وهل أهلت ودربت الوزارة معلميها على هذا النظام الجديد؟
تساؤلات أخرى كثيرة، والمحصلة أننا نسير نحو المجهول في استيراد شكلي لنظام تعليمي عالمي لا نملك بيئة نجاحه في سورية، ولا نملك التخطيط الاستراتيجي المقنن لتعديل منظومة التعليم ، ومن ثم فنحن الآن ننطلق نحو المجهول.
رقم العدد 15658