مرضى الداء الرثياني يئنون تحت وطأة نقص الدواء والتخوف من العواقب الاعرج : ضرورة منحنا الصلاحيات للتصرف الفوري في تأمين الدواء سليمان : الكميات الواردة من دمشق غير كافية
الجماهير – جراح عدرة
(نجوى) مريضة التهاب مفاصل رثياني ومترقي مثبت بالتحاليل الطبية والصور الشعاعية، وتقول واصفة حالتها: بأنها عولجت عدة مرات بأدوية المعالجة البيولوجية بدون استجابة وبالتالي وضعها مزمن وذو هجمات وغير قابل للشفاء القاطع وأنها تأخذ جرعات (اكتيمبرا) والتي هي مجرد مسكن وعندما تتوقف عن اخذ الجرعة تتألم كثيراً.
وقد اعتادت نجوى على اخذ الجرعة في مشفى حلب الجامعي منذ عام 2013حتى العام الحالي إلا أنه من حوالي اسبوعين بعد انقطاع الجرعات في المشفى اتجهت نجوى إلى مشفى زاهي ازرق لاستكمال علاجها والمداومة على الجرعات والجدير ذكره أن نجوى لديها التهابات في العين اليسرى من جراء المرض وعلى حد قولها أنها فقدت الرؤية في العين اليسرى.
داء مناعي
وتقول الدكتورة زينة جريخ – اختصاصية الأمراض المناعية الذاتية وأمراض المفاصل الروماتيزمية في الشعبة المفصلية الرثوية بمشفى حلب الجامعي : إن الداء الرثياني (الروماتويد) من الأمراض المناعية الذاتية وهو مرض يصيب النساء والرجال كما يصيب جميع المراحل العمرية من الطفولة وسبب الاصابة بالداء الرثياني هو حدوث خلل بالجهاز المناعي للمريض وبالتالي زيادة نشاط الجهاز المناعي حيث يقوم الجهاز بمهاجمة أجزاء أو أنسجة معينة في الجسم ويتحول الجهاز المناعي من جهاز مدافع عن الجسم إلى مهاجم له لذلك سميت بأمراض المناعة الذاتية أما عن أعراض المرض فهي عدة منها صعوبة التحرك مع شدة الألم وارتفاع درجة الحرارة إضافة إلى انتفاخات في المفاصل الصغيرة في الجسم ليمتد إلى جميع المفاصل والتهابات في أربطة العضلات وعندما يتفاقم المرض يؤدي إلى التآكل التدريجي وتدمير السطح الخارجي للمفصل وبالتالي فقدان القدرة عن الحركة وهذا بدوره ينتج عنه أمراض أخرى كارتفاع ضغط الدم والنقص الحاد في نسبة الحديد بالجسم واعتلال الاعصاب الطرفية والتهاب العين ونقص الوزن وأمور عدة.
أساب المرض
وتضيف بأنه لا يوجد سبب واضح حول عمل الجهاز المناعي بهذا الشكل ولكن الأدلة تشير إلى وجود عوامل وراثية وهرمونية وبيئية تساهم في حدوث هذا الداء، وتساهم البكتيريا والفيروسات في إثارة المرض لدى الأشخاص المؤهبين وراثياً إضافة لآثار التدخين والسمنة المفرطة في تشجيع تطور المرض.
علاج بجرعات دائمة
وتختلف اشكال العلاج من مريض لآخر حسب تقييم الطبيب المختص للحالة وتقدم المرض والعلاجات المخصصة للمرض هي لإخماد نشاطه وليس لاقتلاعه جذرياً فبعض الحالات تعالج بالأدوية والعقاقير والحالات المتطورة تحتاج إلى جرعات دائمة يجب على المريض الاستمرار عليها وفي حال انقطاعه عنها قد تتأزم حالته ويؤدي به الأمر إلى الإعاقة.
600 – 800 ألف ليرة كلفة الجرعة الواحدة
وتشير الدكتورة جريخ إلى أن هناك نوع من الأمراض (الداء الرثياني) في حال عدم العلاج يسبب الاعاقة الوظيفية وتشوهات في المفاصل ، وأن المعالجات المتوفرة في مشافي مدينة حلب تضبط المرض ولكن لا تقتلعه بشكل نهائي ، وعن الجرعات العلاجية للمرض المتوفرة في مشفى حلب الجامعي كشفت الدكتورة جريخ أنها مجانية رغم تكلفتها العالية جداً والتي قد تصل من 600-800 ألف للجرعة الواحدة والمريض يحتاج جرعة كل شهر وبالتالي علاج المريض الواحد يكلف حوالي 10مليون خلال العام الواحد مشيرة إلى اكثر من 49مريض رثياني يتم علاجهم في مشفى حلب الجامعي منذ بداية العام الحالي .
وأوضحت الدكتورة جريخ أن الجرعات البيولوجية (اكتيمبرا) انقطعت منذ حوالي أسبوعين أو أكثر والسبب هو انتهاء الكمية المطلوبة المخصصة للعام 2019 وحالياً يتم الانتظار حتى يتم رفع طلب مخصصات الحاجة السنوية لعام 2020ويتم تحويل المرضى إلى مشفى زاهي ازرق لتلقي العلاج .
استجرار الأدوية مركزيا يستغرق وقتاً طويلاً
انقطاع بعض الادوية في المشفى سببه انتهاء الكمية المخصصة للعام هذا ما أكده المدير العام لمشفى حلب الجامعي الدكتور ماهر الأعرج ، موضحاً أن تجربة استجرار الأدوية في المشافي العامة عن طريق وزارتي التعليم العالي والصحة تستغرق وقتاً أطول في وصول الأدوية ومستلزمات المشافي الطبية مقارنة بالتجربة السابقة والتي كانت المشافي حينها تؤمن احتياجاتها بشكل مستقل .
وأشار الدكتور الأعرج إلى أن تأخر إجراءات المناقصة في وزارة الصحة يؤدي لتأخر وصول الاحتياج الطبي إلى المشفى وبالتالي نقص حاد في المستلزمات الطبية ، مؤكداً ضرورة منح المشافي والهيئات الطبية المرونة الكافية والصلاحيات للتصرف الفوري عند التأخر في تأمين احتياجات المشفى من الادوية وبعض التجهيزات والمستهلكات الطبية.
التوجه لمشافي مديرية الصحة
ولمعرفة تفاصيل أكثر حول المرض وطرق العلاج المتوفرة في القطاع العام توجهت ” الجماهير ” إلى مشفى زاهي ازرق التابع لمديرية صحة حلب حيث بيّن الدكتور باسل منير سليمان مدير المشفى أن عدد المرضى المصابين بالأمراض الرثوية القادمين من مشفى حلب الجامعي بلغ 10مرضى قابل للزيادة وبعد إجراء ملفاتهم الطبية تم اعطاءهم العلاج اللازم ، وأن مراجعة أعداد من المرضى فوق المتوسط المتوقع من مشفى حلب الجامعي إضافة إلى الأعداد القادمة من المناطق المحررة قد يؤدي لعدم توازن في الكمية مع عدد المرضى.
وبين الدكتور سليمان أن الأدوية يتم استلامها حصراً عن طريق وزارة الصحة ويتم تقديمها مجاناً عن طريق مديرية صحة حلب ومشافيها من معاينات وأدوية وعلاجات بيولوجية للأمراض النوعية والمزمنة رغم ارتفاع كلفة العلاج.
وأوضح سليمان أن المشفى يعاني انقطاع عدد من الادوية في بعض الأحيان نتيجة لتزويد المشفى بكميات أقل من المطلوب مما يسبب الانقطاع لأسباب خارجة عن قدرة المشفى .
عقبات ومعوقات تواجه سير العمل
وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه عمل المشفى أشار الدكتور سليمان إلى أن الصعوبات التي تواجه سير العمل في المشفى متعددة منها خروج المبنى الأساسي لمشفى زاهي أزرق عن الخدمة بسبب ممارسات العصابات الإرهابية المسلحة، وأن المشفى يقدم خدماته للمرضى حالياً ضمن حرم مشفى الرازي ، حيث المعاناة من ضيق المكان وعدم تواجد مساحات كافية لاستقبال المرضى بشكل مناسب .
وذكر سليمان أن المشفى استمر بتقديم الخدمات الطبية خلال فترة الأزمة وحصار مدينة حلب من قبل العصابات الإرهابية دون انقطاع ، منوهاً إلى أن مديرية الصحة تسعى لإعادة الخريطة الطبية لما كانت عليه سابقاً من خلال تأهيل المراكز الصحية في اغلب المناطق التي تم تحريرها .
كلمة المحرر :
وما بين خشية المرضى الرثويين من استمرار انقطاع الجرعات العلاجية لفترة طويلة يستمرون بإلقاء اللوم على المشافي لعدم توفر العلاج أو أسباب انقطاعه ، وما بين إلقاء المشافي الحكومية الكرة في ملعب وزاراتها بما يخص تأخر استجرار الأدوية والمستلزمات الطبية وعدم وصول الكميات المطلوبة وبالتالي نقصها وانقطاعها إضافة لعدم المرونة و السماح للمشافي العامة في حال نفاذ كميات الادوية بالتصرف أو الاتصال بأي جهة أخرى حكومية أو غير حكومية لحل مشكلة انقطاع الأدوية عن طريق مكتب العلاقات الدولية للوزارة سواء وزارة الصحة أو وزارة التعليم العالي ، تبقى الحلقة مفرغة بانتظار حل جذري للمشكلة قبل الوصول لمرحلة تهدد حياة عدد من المرضى إما بالعجز أو الإعاقة أو ما ينتج عنه من أمراض أخرى قد تودي بحياة مواطنين أبرياء .
رقم العدد 15753