على هامش توقيع كتابه الجديد (المقاومة حكاية وطن)! البسيوني ” للجماهير ” : سوف تعرف الأجيال القادمة ما الذي قدّمه الجيش العربي السوري، وعلام راهن الرئيس الأسد من خلاله!

حوار: بيانكا ماضيّة

احتفلنا معه بصدور كتابه الثاني الذي وثّق فيه أحداث الحرب على سورية عامة، وحلب خاصة، وكان أن حمل هذا الكتاب الجديد عنوان (المقاومة حكاية وطن)!

هو رجل قوميّ ، قاوم بالفكر والكلمة مذ بداية الحرب، مستنهضاً الهمم السورية ومنبهاً لخطورة المشروع الصهيوأمريكي في سورية، فكان أول مقال له كتبه عن سورية في بداية مجابهتها لهذا المشروع التفكيكيّ المدمّر للإنسان السوري، حاملاً عنوان (إلا سورية يا أبناء الأفاعي!).

هو ماجدي البسيوني الكاتب والصحفي، رئيس تحرير جريدة العربي الناصري في القاهرة، الذي أبى، مذ بداية الأحداث، إلا أن يأتي إلى سورية ليواكب أحداثها، وليطلع على ملاحمها البطولية من فم أبطالها الأشاوس، وليؤدي واجب الانتماء إلى مدينة تسري في عروقه، ألا وهي حلب، فجدّته الفرعونيّة (نفرتيتي)، كما أشار في حفل توقيع كتابه، من أصولٍ حلبيّة. لذلك هو حلبيّ الدم والجينات.

التقيناه وكان للـ(الجماهير) معه الحوار الآتي:

*كان للقوميين المصريين وغيرهم، في بداية الحرب، دورٌ كبيرٌ في تنبيه الشعب العربي السوري لهذا المخطط الذي يحاك ضدّه، وأحدهم الباحث فكري عبد المطلب، رحمه الله، وهو مختصّ في الحركات الدينيّة السياسيّة ، وأنت كإعلامي وكاتب كان لك أيضاً هذا الدور، ماذا تحدثنا عنه؟!

-في بداية الحرب أو ماقبلها بسنوات وسنوات يدرك العديد من المصريين ما الذي تعنيه الوهّابية، وما الذي يعنيه الإخوان المسلمون، ويدركون حقيقة أنه بلاء الأمة، فالإخوان والوهابية هما جناحا ابتلاء هذه الأمة وأذكر أن المقال الأول الذي كتبته في نهاية الشهر الأول من بداية الحرب على سورية، كان بعنوان (إلا سورية يا أبناء الأفاعي!) كنت مدركاً مثل الكثيرين من أبناء جيلي، أن البوابة الشرقيّة للوطن العربي هي سورية، فإذا تأثرت سورية بهذا النهج تأثر الشرق العربي كله، ليس هذا وحسب، بل تأثر الجناح المقاوم الممتد من إيران وصولاً إلى جنوب لبنان، هذا رسميّاً أما عربيّاً وجماهيريّاً فليس له حدود، لذلك كانت العين على سورية، لماذا؟! وكان هو السؤال نفسه الذي بدأت به كتابي (المقاومة حكاية وطن) علام راهن السيد الرئيس بشار الأسد؟! فالسلاح الذي يمتلكه أقل فتكاً من السلاح الذي يمتلكه العدو، ووسائل الضغط في المحافل الدوليّة أقل بكثير مما تمتلكه سورية، أقل من تأثير سورية داخل مجلس الأمن، ولاسيما أنه لم يكن قد ظهر الدور الروسي، وكانت العين في ذاك التوقيت مسلّطة على إيران وليس على سورية! راجعي الإعلام والتصريحات الرنّانة الصادرة عن الدول الغربية عن محاصرة إيران، لم يكن هناك آنذاك حديث عن سورية، ليس بمعنى أن سورية كانت في اتجاه آخر، ولكن كان هناك فرض حصار موجود على سورية، وبالرغم من هذا الحصار إلا أن سورية كانت مكتفية ذاتياً، ولم يكن هناك بطالة بأرقام عالية مثل باقي الدول العربية، وكانت الدولة العربية الوحيدة التي لم تُصب بسرطان الديون كباقي الدول العربية، لديها اكتفاء زراعي وصناعي، وهو ماكانت تنظر إليه بعين الحسد والحقد دول الجوار الإقليمية كتركيا والكيان الصهيوني! هناك حالة مدّ صناعي كبيرة جداً، وعلى الأرض هناك حالة انتصار مستمرة لجناح المقاومة ممثلاً بحزب الله، فمن أين وصلت الصواريخ لحزب الله أكان في عام 2000 أم في عام 2006 أم في 2009 ؟! إذن لهذا الأمر مدلوله، ولكي تنتهي هذه القوة كان لابدّ من ضرب سورية!

*إذن علام راهن السيد الرئيس من خلال وجهة نظرك؟!

-هذا هو السؤال الجوهريّ، أنا لا أمتلك الإجابة الواضحة والكاملة، دعينا نتحدث بكل صدق، فلكي تمتلكي الإجابة لابد أن تعرفي ماهو خافٍ عليك، وحتى الآن هناك الكثير الكثير مما هو خافٍ علينا، ولكن ما ليس بخفيّ وخافٍ علينا أن الرئيس بشار الأسد راهن على الجيش العربي السوري، وعلى الشعب السوري وعلى ثباته، وإلا ماذا نفسّر خروج الجماهير التونسية- أثناء الانتخابات وأثناء مجرد معرفتهما بفرار زين العابدين- لتحطيم التماثيل سواء في تونس، أو في العراق قبلها، وسمعنا أصواتاً من مثل (هرمنا.. هرمنا) حتى لو أن الكثير منها هو مجرّد تمثيليات، وفي الوقت نفسه كنا نسمع أن هناك تلاحماً مع السيد الرئيس؟! ماتفسير هذا؟! لذلك كان دوري أنا الصحفيّ أن ألجأ إلى جزء كبير ممن راهن عليهم الرئيس الأسد، سواء أكانت الجماهير، أم ماحدث في الأماكن التي تمّ حصارها وخاصة حلب، ومعلوم ومفهوم بالنسبة لي ولغيري ماذا تعني حلب، وماذا يعني انتصار حلب وثباتها في سورية، فمن يسيطر على حلب يسيطر على سورية كلها!

عام ونصف العام لم تخرج حلب في المظاهرات كما حصل في مدن أخرى، وعوقب الشعب الحلبي وعوقبت حلب، وهي المدينة التي لم يستوعب أعداء سورية وأعداء الإنسانيّة جمعاء، أنها غير قابلة للفناء .

*ذكرتَ في الأمس في حفل توقيع كتابك، أن من يريد الكتابة عن وقائع الحرب في حلب عليه أن يعرف ماحصل في السجن المركزي بحلب، وماحصل في حندرات، وفي نبّل والزهراء، هل كنت مطّلعاً على التفاصيل الدقيقة لما حصل في هذه المناطق، وماهي مصادر معلوماتك؟!

– تعلمين أنه عندما نشرت أنت تحديداً في صحيفة الجماهير عدة مقالات عن بطولات حدثت في كويرس، وعن بطولات في السجن المركزي وغيرها، كنت أقرؤها بشوق، لأني كنت مدركاً تفاصيل التفاصيل التي حدثت بداية بما فيها فيلم (رد القضاء) وبعض الثغرات التي كانت مأخذاً من قبل أبطال السجن. أنا عشت اليوميات كاملة، منذ لحظة حصار حندرات، إلى لحظة فك الحصار عن سجن حلب المركزي، وماحدث على المحارس والأبواب في السجن، كنت مطلعاً لحظة بلحظة. من كان في المحرس رقم (1) (2) (7) في المبنى الجديد، ومن كان في المبنى القديم ! كل هذا موجود في الكتاب، لم أكن أُنجِّم لأني كنت أعايش الأبطال وأوثّق الأحداث، وأتحدّى من يأتي لي بسطر واحد أخذته سواء من زميل (عدا عمن استعنت بهم) أو من الانترنت، أو من مقال منشور. كان هناك تواصل لحظي مع من كان في السجن المركزي.

كانت البداية في حندرات ثم في مشفى الكندي ثم منّغ، ثم نرى اثنين وتسعين بطلاً في منّغ، وكيف استشهد رئيس المجموعة المقاتلة وهو يدافع في الصفوف الأولى، ثم في التوقيت نفسه نأتي إلى كويرس، وإلى نبّل والزهراء وماحدث مع حامية قلعة حلب. تلك كانت بطولات ملحميّة. كل هذا وثّقته في هذا الكتاب، ومازال لدي الكثير مما لم يكتب بعد، لأني بأمانة شديدة عشت أحداث كل مكان وعاشت بي أحداث كل مكان.

*هل جاء هذا الكتاب تكملة لما لم يتضمنه الكتاب الأول الذي أصدرته في العام الماضي؟!

-كتابي الأول كان عن رحلتي من اللاذقية إلى حلب، لأنني- وكما تعلمين- أتيت قبل تحرير حلب. وبداية ذهابي إلى اللاذقية كان على يدك أنتِ تحديداً أثناء استضافتكم لي في ندوة للأمانة العامة للثوابت الوطنية عام 2013، كانت هذه هي البداية وظللت على هذا الحجّ السنوي، وفي عام 2015 كان لدي دافع أن آتي إلى حلب، وبالفعل رُتّبت لي ندوة في جامعة حلب، ولكن الثلج كان يقصم ظهر الطريق فلم أستطع السفر آنذاك بالرغم من الاستعدادات التي كانت مرتبّة في جامعة حلب، لذلك عدت حزيناً! ثم أتيت في العام الذي يليه بإصرار أن لابد أن أذهب إلى حلب، وحدث أن جئت إليها، عشت سنة 2016 حتى 22/12 زمن التحرير، بقيت فيها حوالي خمسة أشهر، ورصدت كل الأحداث.لذلك لدي كل هذا الشغف والعشق لهذا التراب الذي أحبّ.

في بداية الكتاب تناولتُ الأسرار التي كشف عنها موقع ويكيليكس قبل الحرب، وفي نهايته تناولت سيرة الشاب الفرنسي الذي عاش في حلب وفي الأخير تزوج من فتاة حلبيّة. كما أتيت على سيرة زملائي الإعلاميين وكل شهداء الإعلام، وعندما أقول (المقاومة حكاية وطن) أتحدث عن مقاومين من المدن السورية كلها، وما الذي قدموه وعدد الشهداء في كل مدينة، وعدد الخنساوات وأسمائهن وأدوارهن، بالإضافة إلى الدور الروسي، والدور الإيراني، وحزب الله، وتجدين في قائمة هؤلاء، الجندي العربي السوري.

 

*مادمت أتيت على ذكر الخنساوات، ماهي نظرتك للمرأة السورية وهي تقاتل وتقاوم وتقدّم أبناءها شهداءَ في الحرب؟!

-ثقي تماماً أن الأم السورية التي لديها ثقافة الموت السورية، تختلف تماماً عن ثقافة الموت الموجودة لدى الأمهات في الوطن العربي، أنا أقول دائماً: حين كان يموت لأمي ذكر بطٍ، كانت تجلس حزينة، فما بالك بمن يموت لها خمسة شهداء؟! لو أن كل زوجة أو أم أو أخت كانت تبدي انزعاجاً، أو تبثّ روح الانهزاميّة في ابنها المقاتل، ماذا كان سيحصل؟! هذه هي المقاومة الحقيقية التي قدمتها الأم، ناهيك عن ثباتها، وأنا أعرف سيدة من حلب قدمت سبعة عشر شهيداً من أبناء وأحفاد لها، أنا أعرف (عيّوش) في الشيخ سعيد وقد توفيت منذ أشهر، رحمها الله، قدمت خمسة عشر شهيداً من أبنائها وأحفادها. كانت تنزل إلى الأرض منذ الصباح الباكر وتقدم الخبز والفطائر لأولادها وأحفادها، أين حدث مثل هذا؟! هذا هو دور الأم السورية في الحرب!

*غداً الأول من آب، وهو عيد الجيش العربي السوري، ماذا تقول لأفراده في عيدهم؟!

– أنت أيها الجيش العربي السوري بكل ماتمتلكه من ثوابت، لست المدافع عن الأراضي السورية وحسب، بل أنت الذي دافع عن الوطن العربي كله، أنت من دافع عن الإنسانيّة جميعها، لن يُسجَّل دورُك الآن، ولكن سوف تعرف الأجيال القادمة على مرّ العصور ما الذي قدمته، وعلام راهن الرئيس بشار الأسد من خلالك!.

رقم العدد 15754

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار