الصديقة المدللة تخفي انتقامها وراء ” خيوط دخانها ” .. ” الأرجيلة ” بين أضرارها والإقبال المتزايد عليها .. ضوابط سياحياً وتموينياً والمقاهي تظهر التطبيق
الجماهير – جراح عدرة
هل هي ظروف الحياة القاسية التي دفعت الاغلبية الساحقة في مجتمعنا للتنفيس عما في سريرتهم من قلق وألم ومعاناة والتوجه ( نحوها) ؟ ، أم أن السبب الآخر أنها مرتبطة بالمزاج لتصبح ” هوساً ” في كل الاوقات فتشعر من يشربها بالسعادة والمتعة ولذة العيش .
فمن هي تلك الفارسة الجميلة التي عشقها الجميع لتخفي سيفها المشحوذ وراء ” خيوط الدخان ” وتغدر بهم واحداً تلو الآخر .
النارجيلة أو ما يسميها البعض الارجيلة التي أصبحت من مقتنيات الاشخاص المنزلية الضرورية وحاجة ماسة لا يمكن الاستغناء عنها ، تعلقهم بها اختلف من شخص لآخر وكلٌ عبّر عن ولعه بها بطريقته .
– هرب من ضغوط الحياة
خالد شاب متزوج بعمر الأربعين بيّن أنه يشرب الأرجيلة من حوالي عشر سنوات وأنه اعتاد على شربها صباحاً ومساءً ولا يستطيع الاستغناء عنها ، فهي بنظره تريحه من ضغوط الحياة ومتاعب العمل .
أما مهند فيشرب الارجيلة تسع مرات في اليوم وهو يفضل نوع ( الفاخر التفاحتين) الذي اعتاد عليه كاشفاً أنه يشربها منذ 17 عاماً .
جهاد اعتاد شرب الارجيلة منذ 20 عاماً ويشربها بشكل يومي وعلى -الريق احياناً – أما النوع الذي يفضله فهو المتوفر كما يقول .
– موضة العصر
ويرى سالم الموظف في إدارة أحد المقاهي في منطقة الجميلية أن إقبال الناس على طلب الاراجيل جيد ، منوها إلى أن الزبائن لا يستطيعون الجلوس بدونها وبنظره ان شرب الارجيلة أصبح موضة العصر .
وعن أنواع الدخان أو المعسل المتوفر ذكر سالم (الفاخر و النخلة والبولو ) مشيراً إلى أن الفاخر أكثر الأنواع التي يزداد عليها الطلب ، أما بالنسبة لأسعار الاراجيل فهو واحد 500 ليرة سورية وعند التبديل يصبح السعر 400 ليرة سورية، ولتحضير الاراجيل للزبائن يقول سالم يوجد شخص واحد فقط متخصص بتجهيزها اذ يقوم بغسل الاراجيل وتنظيفها بشكل يومي .
بدوره علي الصالح صاحب مقهى في منطقة العزيزية يرى أن الإقبال على الارجيلة شديد وبنظره اصبحت الارجيلة بريستيج وموضة العصر فاغلب الزبائن يفضلون شرب الاراجيل ولا يمكنهم الجلوس او التلذذ بنزهاتهم او مناسباتهم او الجلسات العائلية إلا بوجود الاراجيل ، وبالنسبة لأنواع المعسل المتوفرة لديهم هي (الفاخر / بولو /عنب/ مسكة) مشيراً إلى أن الفاخر التفاحتين هو الاكثر طلب ورغبة لدى الزبائن وفحم السنديان هو الافضل والمفضل .
وبالنسبة لأسعار الاراجيل يقول الصالح ان سعرها يتراوح بين 450و 500 ليرة سورية موضحاً ان تسعيرة مديرية السياحة هي 600ليرة سورية وهناك عروض معينة لفترات محدودة بقصد جذب الزبائن .
– يدرك ضررها ويتعاطاها
عامر صيدلاني أحد زبائن المقهى يقول أنه اعتاد على شرب الارجيلة حوالي 6 مرات في اليوم منذ عشر سنوات وهو يرى أن الاراجيل لها طقوس معينة كالمكان الهادئ لأنها بمثابة تفريغ للطاقة السلبية أو ربما ضغط العمل وظروف الحياة على حد قوله ، مشيراً إلى أضرار الارجيلة رغم تعلقه بها فهي سبب رئيسي للإصابة بمرض السرطان و العقم إضافة الى اخطارها واثارها الضارة بالجهاز التنفسي كاملاً .
ونوه عامر إلى ضرورة الاهتمام بنظافة الاراجيل الذي لا يراه في جميع المقاهي والاماكن العامة خوفاً من انتقال الجراثيم كون الاراجيل وسط رطب ومسهل لانتشار الجراثيم وهذا بدوره يتطلب التركيز جيداً على موضوع نظافتها ، مبيناً أن الارجيلة هي استنزاف مادي بحت وخاصة للذين يشربونها أكثر من مرة و يفضلون شربها في المطاعم والمقاهي أمثاله .
– تزيد العبء على القلب
الدكتور باسل زينو نائب عميد كلية الطب في جامعة حلب ورئيس شعبة الأمراض الصدرية في مشفى الجامعة كشف عن الآثار الخطيرة للإدمان على تدخين الارجيلة اذ ينتج عنها انتانات تنفسية متكررة و تؤدي للإصابة بالسرطان القصبي كما تضعف مناعة الرئة وتثبط حركة الأهداب التنفسية و تزيد افراز المخاط ضمن القصبات وتسبب التشنج المعمم ضمن القصبات مما يؤدي الى نقص الأكسجة الدموية وزيادة العبء على القلب وينتهي غالبا بالنفاخ الرئوي أو ما يسمى (القصور التنفسي المزمن).
– أشد خطورة من السجائر
كما أكد الدكتور زينو أن الارجيلة اشد خطورة من السجائر إذ أن ( نفس واحد) كما يسمى من الارجيلة يعادل علبتين من السجائر مشدداً على الاثار السلبية للمنكهات التي تدخل في تركيب المعسل مثل (التفاح والفريز وغيره) فهي تزيد من تركيز العوامل المسرطنة ضمن دخان الارجيلة ومع احتراق هذه المواد تنتشر غازات أشد خطورة من المواد الموجودة في دخان السجائر.
وأوضح الدكتور زينو ان استعمال ارجيلة واحدة من عدة اشخاص ممكن ان يصيب بأمراض معدية (السل الرئوي والتهابات الكبد ) ، مضيفاً أن مادة (النيكوتين )المسببة للإدمان تجعل الدماغ يتطلب جرعات متزايدة مع مرور الوقت وفي حال الانقطاع عن التدخين تحصل أمراض الانسحاب مثل (التهيج و العدوانية والارق والعصبية ).
ويرى الدكتور زينو أن التثقيف يبدأ من الصفر فيجب على الاهل الانتباه على الابناء وشرح الاضرار الناتجة عن هذه العادة السيئة فليس من المنطق أن يطلب الوالد المدخن من أحد ابناءه الامتناع عن التدخين .
وشدد الدكتور باسل على أن الاقلاع عن التدخين يتطلب إرادة قوية وبدون هذه الإرادة لا ينجح أي دواء في الإقلاع عن التدخين .
– أسعارها سياحياً بحسب التصنيف
رئيس شعبة الرقابة في مديرية السياحة المهندسة خلود حنتوش بينت أنه وبحسب القرار رقم 2600 الصادر عن وزارة السياحة تاريخ 30/6/2016 تم تصنيف المطاعم السياحية كالتالي (نجمتين -3نجوم -4نجوم) ، وعن الاراجيل (معسل وتنباك) لمطاعم نجمتين فالأسعار تتراوح بين 450 الى 600ليرة سورية ، أما مطاعم 3نجوم فالأسعار تتراوح بين 600 إلى 800 ليرة سورية وفي المطاعم 4نجوم فسعر الأراجيل من 750 حتى 1000 ليرة سورية .
– رقابة سياحية وضبوط للمخالفين
وبالنسبة للشكاوى الخطية الموثقة حول الأسعار أو المخالفات المتعلقة بالأراجيل اكدت حنتوش أنه يتم إرسال لجنة رقابة سياحية (الضابطة العدلية المشتركة ) والتأكد من ماهية الشكوى ويتم بعدها تحرير ضبط وفق القرارات والمراسيم النافذة.
وبما يخص موضوع النظافة اشارت حنتوش إلى حالتين الأولى في حال كانت النظافة متوسطة يتم تحرير ضبط (عدم عناية بالنظافة) أما المرحلة الثانية في حال الوصول الى حد القذارة ووجود الحشرات او قوارض يتم تحرير (ضبط قذارة او حشرات زاحفة) ويرفع للوزارة مع اقتراح الإغلاق والمدة وعليه يتم تشميع المنشاة ولفترة زمنية تحدد بقرار من الوزير .
– لا تقدّم لغير البالغين
كما نوهت حنتوش إلى القرار رقم /4789/ الصادر عن المكتب التنفيذي لمحافظة حلب بتاريخ 29/10/2003 المتعلق بمنع تقديم الاراجيل للأحداث دون الثامنة عشر وحفاظا على المصلحة العامة يمنع تقديم النرجيلة للأحداث دون الثامنة عشرة في كافة المقاهي والمطاعم والفنادق والمحلات العامة في محافظة حلب ، وكل من يخالف تطبق بحقه احكام المادة (756)من قانون العقوبات السوري مع تكليف اللجان الصحية ولجان الضابطة العامة بمراقبة حسن تنفيذ هذا القرار وتنظيم الضبط اللازم اصولاً .
– التجارة الداخلية تعالج الشكاوى
أما معاون مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك يوسف المحمد أكد أنه في حال وصول شكوى عن تلاعب اصحاب المنشآت السياحية وغير السياحية (مطاعم ومقاهي) بالأسعار المخصصة للاراجيل تقوم لجنة مختصة مباشرة بالحضور الى مكان الشكوى وبإشراف مديرية السياحة وفي حال التأكد من صحة المعلومة يتم تنظيم الضبط التمويني اللازم وتغريم المنشأة المخالفة بغرامة مالية وقدرها (25400) ليرة سورية وفي حال التكرار قد تغلق المنشاة السياحية من قبل مديرية السياحة، أما في حال عدم الإعلان عن الأسعار أو ما يسمى (بدل اداء الخدمات ) يتم اتخاذ الاجراءات السابقة الذكر نفسها بحق صاحب المنشاة.
وبالنسبة لأنواع المعسل المستخدمة أوضح المحمد أن مديرية التجارة وحماية المستهلك تقوم بالتدقيق والكشف على علب المعسل والتأكد من صلاحيتها وفي حال عدم صلاحيتها يتم تنظيم ضبط (حيازة مواد منتهية الصلاحية ) وفي هذه الحالة تصادر كامل الكمية الموجودة ضمن المقهى أو المطعم ويتم اتلافها من قبل اللجنة المختصة ، وعند الاشتباه بالغش أو أن المعسل مغشوش يتم اخذ عينة إلى المخبر لتحليلها و بعد التأكد أن المخالفة جسيمة وضارة بالصحة يحال المخالف موجوداً إلى القضاء .
– 100 ضبط من بداية العام
وكشف المحمد أن عدد الضبوط التي قامت بتنظيمها مديرية التجارة وحماية المستهلك اكثر من 100ضبط منذ بداية العام وحتى تاريخه من بينها مخالفات عن عدم الاعلان عن الاسعار (بدل الخدمات العامة) وتقاضي اجر زائد وعدم إعطاء فواتير للزبائن بما يخص المواد التي تقوم المطاعم والمقاهي بتقديمها من(مشروبات وأطعمة وأراجيل) .
– وجهة نظر
رغم محاولة البحث والاستقصاء عن سبب الاقبال الزائد على الأرجيلة من قبل الاغلبية وعلى الرغم من تقارب أسباب الغرام بها من قبل عشاقها و التي تعلقت بالمزاج والمتعة حيناً ، والهروب إليها من الواقع الحياتي والمعيشي وضغط العمل حيناً آخر ، نرجح سبب آخر لا يدركه الكثير أو ربما لم يحظى بالاهتمام المطلوب وهو نقص الثقافة الصحية لدى الأغلبية و عدم إدراك خطورة وحجم الأضرار الناجمة عن هذه العادة السيئة التي ربما ستصبح يوماً ما ونتيجة التعلق اللامعقول بها من الأعراف والعادات الشعبية الموروثة وهنا تقع المسؤولية على الجميع (الأهل والجهات المعنية والأهلية) في التوعية والإرشاد التوجيهي (الصحي والطبي) لتدارك خطر ظهور الامراض واستفحالها قبل فوات الأوان .
رقم العدد 15821