التعليم الخاص بحلب .. أقساط متفاوتة وعروض إعلانية جاذبة … هدايا مغرية لاستقطاب الطلاب .. التربية تكتفي بعرض مواد القانون … والمكتب التنفيذي المختص في المحافظة لا يمتلك الأرقام .!!؟؟

الجماهير / حسن العجيلي – بشرى فوزي
باتت ظاهرة المعاهد والمدارس الخاصة أمراً واقعاً نعيشه وقد انتشرت هذا العام انتشار النار بالهشيم على الرغم من ارتفاع وتفاوت الأقساط بشكل كبير الأمر الذي يشكل عبئاً مادياً كبيراً على أولياء الطلاب والذين يتركز اهتمامهم على نيل أبنائهم أعلى الدرجات وهذا يطرح الكثير من الأسئلة والاستفسارات حول ثقة أولياء الطلاب بالمدارس والمعاهد الخاصة وانعدامها تقريباً في المدارس العامة رغم انخراط معظم الطلاب فيها .
ويعزو الكثيرون تراجع التعليم في المدارس العامة واللجوء إلى المدارس والمعاهد الخاصة لأسبابٍ عدة منها ضعف بعض المعلمين والمدرسين في إيصال الفكرة إلى الطلاب بالشكل المطلوب في ظل ما توصلت إليه المناهج من تطوير وتحديث ، أو كثرة عدد الطلاب في الشعبة الواحدة ؟ أو هو عدم اهتمام بعض المدرسين بما يقدمونه لطلابهم نتيجة تدني الأجور في المدارس العامة وارتفاعها في المدارس والمعاهد الخاصة ؟ ، ولربما يكون السبب ” بريستيجاً ” يشعر الكثيرون بواجب تقليده وخاصة أبناء الطبقة الراقية كما تسمى والتي كثيراً ما تربط بين ارتفاع أجور المعهد أو المدرسة الخاصة وجودة التعليم فيها .
– رسوم تصل لـ /800/ ألف ليرة سورية
وللوقوف على هذه التساؤلات والاستفسارات زارت ” الجماهير ” بعض المعاهد والمدارس الخاصة .
حيث بين مدير أحد المعاهد الخاصة في منطقة الحمدانية أن الأسعار تبدأ من ١٥٠ ألف ليرة سورية وتصل حتى ٢٥٠ ألف ليرة سورية من شهادة التعليم الأساسي وحتى فرعي الثانوية العامة (علمي – أدبي) .
كما أكد مدير مدرسة خاصة في حي الجميلية الذي تتراوح أقساط المدارس فيها من ٢٠٠ ألف ليرة سورية لشهادة التعليم الأساسي وحتى ٨٥٠ ألف ليرة سورية للثانوية العامة بفرعيها موضحاً أن سبب التفاوت في قسط كل مدرسة يعود للمنطقة التي تتواجد فيها المدرسة أو المعهد فالمناطق الشعبية لها أسعارها والمناطق الراقية كما توصف لها سكانها وبالتالي أسعار خاصة وتليق بهم .
– الأقساط كيفية ولا تهم التربية
كما بين مدير إحدى المدارس أن مديرية التربية لا تلتفت لهذه الأمور وكل مدير معهد أو مدرسة يضع السعر الذي يريده بدون حسيب أو رقيب .
ولابد من الإشارة إلى أن أغلب المعاهد وضعت برنامج حسم للطلاب المتفوقين وذلك تشجيعاً لهم على التسجيل في معاهدهم أو مدارسهم وربما لمتابعة اجتهاده وتفوقه الذي يصب في مصلحة هذه المدارس والمعاهد التي تحاول استقطاب الطلاب بشتى الطرق ، كما أكده لنا مدير إحدى المدارس وإعلانات على جميع الجبهات كما يقال وأسماء توحي للقارئ أنها مدرسة الحلم للأبناء .
– اتهامات متبادلة بين المعاهد
الجميع ” يشد البساط إلى طرفه ” كما يقال فالقدح والذم هو السمة الطاغية لكل مدير مدرسة خاصة أو معهد على غيره من المعاهد والمدارس الأخرى حيث أكد مدير أحد المعاهد في الفرقان أن هناك معاهد ليس لديها أخلاق مهنية ولا تستحق أن ينتسب إليها أي طالب فهي تستقطب الطلاب بإعلانات مزيفة ثم تتنصل من مسؤولياتها ولا تلتزم بالوعود ، مبيناً في نفس الوقت أن هناك مدارس خاصة ومعاهد ملتزمة ولديها كادر ممتاز حسب وصفه مع وجود فرق في الشعب الصفية فهناك فرز للطلاب حسب علاماتهم وتفوقهم ويتم فرز الأساتذة حسب هؤلاء الطلاب فالأستاذ المخضرم حسب وصفه للطلاب المتميزين أما بقية الطلاب فلهم الله ومن يحصل على مقعد في إحدى شعب المتفوقين فهو محظوظ جداً ، مؤكداً أن المعاهد تستقطب عن طريق الطلاب المتفوقين أعداد كبيرة من المسجلين فلكل معهد سمعته التي تسبقه .

– الأهم هو الربح المادي
أما بالنسبة للأسعار فقد بين مدير أحد المعاهد أن مدرس مادة الرياضيات مثلا يتقاضى مبلغ مليون ومئتي ألف ليرة سورية عن كل شعبة صفية ويتم توفير الأجور المرتفعة للأساتذة عن طريق زيادة عدد الطلاب في الشعبة الواحدة حتى لو كان ذلك ضد مصلحة الطلاب أو مخالف للقانون فالأهم هو الربح المادي ولا ضير في تفوق الطلاب وحسب قوله ( لم أفتح المعهد عن روح أبي) .
كما أشار إلى أن الدوام لا يبدأ قبل الساعة الثانية بعد الظهر وذلك حسب تحديد مديرية التربية لكنه يستقبل طلاب خفية عن الجهات المسؤولة عن مراقبة دوام المعاهد الخاصة موضحاً أنه يستطيع تدبر أموره بطرقه الخاصة سيما وأنه تعرض قبل فترة من الزمن إلى مخالفة مالية لا تقل عن مليوني ليرة عقوبة للمعهد على موضوع الدوام خارج أوقات حددتها مديرية التربية وهو الآن يأخذ احتياطاته اللازمة حتى لا يتعرض للمخالفة مجدداً وكل ذلك لترميم نقص الدروس للطلاب المتأخرين عن التسجيل .
– أولياء الأمور : فوضى في المدارس العامة
وبالنسبة للطلاب المتفوقين والذين كانت نسبتهم الأكبر من المدارس العامة وليست الخاصة كما هو متوقع بحسب التصريحات الإعلامية لمديرية التربية ، فقد أكد عدد من التلاميذ وأولياء أمورهم أن السبب في تفوق طلاب المدارس العامة يعود للاهتمام الخاص من قبل الأهل وتسجيلهم دورات في المعاهد وليس للمدارس العامة فضل نهائياً بل العكس هو الصحيح حسب قولهم فالفوضى عارمة في مدارسنا العامة وخاصة مدارس الذكور (الثانوية) حيث أكدت إحدى أولياء الأمور أن ابنها طالب في الثانوية العامة الحكومية وهو يدخل إلى المدرسة ويخرج متى شاء وذلك برشوة حارس الباب بمبلغ زهيد لا يتجاوز ٥٠ ليرة سورية لذلك اضطرت إلى تسجيله بمعهد خاص وهو متسرب من المدرسة التي ليس عليها حسيب ولا رقيب حسب قولها فهي ممتنة للمعاهد الخاصة لأنها البديل المضمون عن الفلتان في بعض المدارس الحكومية .
– ” سيارة ” للمتفوق ؟!
ولا يخفى على أحد إعلانات المعاهد الخاصة لجذب الطلاب حيث قام أحد المعاهد الخاصة بنشر إعلانات ملأت اللوحات الطرقية في المدينة وعد فيها بإهداء (( سيارة )) للطالب الأول وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال من أين لكم هذا ؟ وكيف يمكن لمعهد أن يهدي طالبا متفوقا سيارة ؟ على الرغم من الادعاء أنهم مستعدون للخسارة عاماً كاملاً من أجل سمعة جيدة ونظيفة للمعهد فذلك يجلب أعداداً كبيرة من الطلاب في الأعوام القادمة .
وهناك فرق بين معهد خاص ومعهد تابع للتربية فبعض معاهد التربية تتقاضى مبلغ خمسين ألف ليرة سورية فقط للدورة الكاملة أما المعاهد الخاصة فكل على هواه ولا توجد أسعار محددة من مديرية التربية .
– التربية توضح القانون
كل هذه المعطيات حملتها ” الجماهير” وتوجهت بها إلى مديرية التربية حول آلية عمل المعاهد والمدارس الخاصة حيث يتقاضى كل معهد أو مدرسة مبلغاً مختلفاً عن غيره ، وعن أسباب هذا التفاوت ؟ وكانت الإجابة أن المؤسسات التعليمية الخاصة تلتزم بالأقساط المعتمدة والمحددة من قبلها لكل مرحلة وقبل بداية تسجيل الطلاب بالحصول على موافقة الوزارة عليها ووضعها في لوحة الإعلانات الخاصة بالمؤسسة على أن يشمل القسط (الرعاية الصحية – الخدمات التعليمية – ثمن القرطاسية الخاصة بالمؤسسة – رسم التسجيل) وذلك حسب نص المادة /٣٧/ من التعليمات التنفيذية المعدلة للمرسوم التشريعي رقم /٥٥/ لعام ٢٠٠٤ ، أما بالنسبة لأجور الخدمات الأخرى والميزات الإضافية بما فيها نقل الطلبة فيجب على المؤسسة إعلام مديرية التربية وأولياء الأمور بها قبل التسجيل وفي حال حجب هذه المعلومات عند التسجيل يعد ذلك مخالفة صريحة تخالف عليها المؤسسة .
كما تشرف مديرية التربية على عمل المؤسسات التعليمية الخاصة (معاهد – مدارس ) التي تدرس المنهاج الرسمي وتعامل معاملة المدارس العامة من خلال قيام الموجهين التربويين والاختصاصيين وغيرهم من العاملين الذين تكلفهم الوزارة بالإشراف على سير العملية التربوية في هذه المؤسسات التعليمية الخاصة بجوانبها كافة ويجب على هذه المؤسسات التعاون دون أي شرط مع هؤلاء المكلفين أصولا وفق مهماتهم.
– ضبط المخالفات
وفي حال ثبوت مخالفة أحد المعاهد أو المدارس الخاصة يتم إثبات ذلك في محضر وتطبق عليهم أحكام المادة /١٠١/ من التعليمات التنفيذية المعدلة للمرسوم التشريعي /٥٥/ وذلك بناء على اقتراح اللجان المختصة وبحسب طبيعة المخالفة على الرغم من أن عدد المعاهد التي تم ضبطها في هذا العام وحتى الآن هي /٢٣/ معهد إضافة إلى /٤/ مخابر ضبطت بحالة تدريس كافة الصفوف خلال العام الدراسي الماضي وذلك مخالفة للمادة /١٠١/ من تعليمات المرسوم التشريعي /٥٥/ علما أن المادة /١١٤/ بند /٢/ تنص على السماح بإقامة دورات للمواد التعليمية للشهادتين (أساسي -ثانوي ) وخلافا لذلك تعتبر مخالفة .
وبخصوص الإجراءات المتخذة من قبل مديرية التربية بحق المخالفين للمادة /٣/من المرسوم التشريعي رقم /٧٣/ المتعلق بعدم السماح للعاملين في التربية بالعمل في المخابر اللغوية فقد نصت المادة /١١٤/ بند /٩/ بأنه يحظر على العاملين في وزارة التربية من (مدرسين- معلمين أو إداريين -موجهين تربويين- اختصاصيين- موجهين أوائل ) العمل في المخابر اللغوية وفي حال ثبت ذلك تتم إحالتهم إلى الرقابة لاتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.
– أسس للترخيص
أما أسس ترخيص المدارس الخاصة فإنه يتم ترخيصها وفق التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي /٥٥/ الفصل الرابع من المواد /٢٥-٢٦-٢٧/ والتي تنص على شروط ومعايير أبنية المدارس الخاصة .
كما يتم ترخيص المخابر اللغوية (المعاهد )وفق المادة /٣٥/ من تعليمات المرسوم التشريعي /٥٥/ والتي تنص أيضا على شروط ومعايير أبنية المخابر اللغوية وتجهيزاتها إضافة إلى قيام لجنة أبنية التعليم الخاص بالكشف على البناء واعتماد المخططات المطابقة للواقع.
– المحافظة تنتظر المعلومات من التربية
ومتابعة للموضوع توجهت “الجماهير” إلى عضو المكتب التنفيذي المختص في محافظة حلب ديمتري عيسى وطرحت عليه عدة أسئلة حول رأيه بعمل المخابر اللغوية والمدارس الخاصة حيث أكد أنّ عمل المدارس الخاصة والمخابر اللغوية المرخصة يُتابع بشكل مستمر ودوري إضافة إلى وجود مدير منتدب من قبل مديرية التربية لمتابعة عمل المدارس الخاصة ومهمته هي الإشارة إلى مواطن الخلل سواء بأعداد الطلاب المسجلين إذا تجاوز القدرة الاستيعابية للمدرسة أو خلل بالعملية التعليمية مبيناً أن ذلك يعني أنّ عمل المؤسسات التعليمية الخاصة مراقب من مديرية التربية وأي خلل يُلاحظه الموجه المختص يقوم برفعه إلى دائرة التعليم الخاص لاتخاذ الإجراءات اللازمة .
وحول وجود تسعيرة للمدارس والمعاهد الخاصة أشار عيسى بأنه وحسب مديرية التربية لا يوجد سعر ثابت وتتفاوت الأسعار حسب تصنيف المدرسة والخدمات التي تقدمها من مناهج إثرائية وغير ذلك ، وأن المحافظة طلبت من مديرية التربية موافاتها بأقساط التسجيل بالمؤسسات التعليمية الخاصة ” رياض أطفال – تعليم أساسي – تعليم ثانوي ” وبشكل تفصيلي اتقوم المحافظة بدراستها بشكل دقيق ووضع معيار موحد لكل المدارس .
وأمّا بخصوص أعداد الطلاب في المدارس والمعاهد الخاصة إضافةً إلى أعداد الطلاب الذين انتقلوا من التعليم الخاص إلى العام وعدد المعاهد المرخصة في حلب فقد أجابت المحافظة بأنها لا تعلم حتى الآن ، وأنه لم تتم موافاتها بالأعداد حتى تاريخ الإجابة على أسئلة ” الجماهير ” .

– من ضريبة الدخل المقطوع إلى ضريبة الأرباح الحقيقية
وأمام حجم الإعلانات وأساليب الترويج التي تتبعها المدارس والمعاهد الخاصة بحثت ” الجماهير ” في تكليفها الضريبي ، حيث أوضحت مصادر خاصة ” للجماهير ” أن المدارس والمعاهد الخاصة بحلول بداية العام القادم 2020 سيتم إخراجها من نظام الدخل المقطوع للأرباح إلى نظام الأرباح الحقيقية ، مع التأكيد أن جميع المعاهد الخاصة مكلفة حالياً سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة .
وبين المصدر ” للجماهير” أنه بتطبيق نظام الأرباح الحقيقية سيتوجب على كل مدرسة أو معهد خاص تعيين محاسب يدقق كافة الحسابات وفي حال ثبوت مخالفة فإنه يتعرض لعقوبة بالسجن والغرامات .
مجمل القول :
تفاوت كبير يجده المواطن بين واقع عمل المدارس والمعاهد الخاصة وبين تصريحات المعنيين بالشأن التربوي وتطبيقهم للقوانين التي يتحدثون عنها إضافة إلى عدم وجود اي معلومة لدى محافظة حلب كجهة متابعة ورقابية ، يضاف إلى ذلك عدم وجود رقابة تربوية أو تنفيذية حول إعلانات المعاهد الخاصة والتي اكتفى مدير التربية خلال جلسة لمجلس محافظة حلب بالإجابة ” أنه حتى الآن لم يهدِ أي معهد سيارة أو مبلغ مالي لأي طالب حتى الآن ” .
اللافت كذلك أن أجوبة مديرية التربية حول مجمل القضايا التي طرحت جاءت مقتضبة ودون تفصيل مكتفية بذكر أرقام مواد القانون ، يضاف إلى ذلك عدم وجود أي معلومة أو أرقام لدى المكتب التنفيذي المختص .
وإزاء هذا المعطيات يبقى الواقع بالنسبة للمعاهد والمدارس الخاصة ينتظر حلولاً حقيقية ومتابعة دائمة ليتم ضبطها وفق القوانين والأنظمة وبما لا يؤثر على عمل التعليم العام .
رقم العدد 15824

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار