أيقونة فن الإيحاء في حوار مع “الجماهير” الفنان الحلبي نجدت كلسلي : – وجدت في الكاميرا الخفية الوسيلة الأفضل لكي أنطلق بموهبتي – التحضير لعمل فني باسم ( مستر نجدت ) – الألم والمعاناة ليست مادة للفكاهة

 

الجماهير – أسماء خيرو

عندما تعجز الكلمة عن التعبير وعن نقل مفردات الحياه فلا يبقى للإنسان إلا الصمت لغة، اتخذ من الصمت ولغة الجسد نافذة ضاحكة ليدخل من خلالها بروحه المرحة قلوب الناس دون اسئذان ٠

وضع شارلي شابلن أمام عينية وقال لنفسه هذا أنا وبشكل لاشعوري أصبح شارلي شابلن أسطورة الفن الإيمائي في قلبه و مثاله الأعلى ليخط به طريقا واضح الهدف والملامح إلى عالم الكاميرا الخفية ومن ثم احتراف فن الإيماء ٠ قالوا عنه: روحه المرحة تمثل أيقونة يصعب فك طلاسمها ٠

ولكي نفك طلاسم هذه الروح الضاحكة الباسمة كان لابد ” للجماهير” من وقفة مع الفنان الحلبي نجدت كلسلي الملقب (بمستر نجدت )٠

*قبل كل شيء حدثني ما الشيء الذي جذب نجدت كلسلي إلى فن الإيماء ؟ولماذا هذا الفن وبالتحديد ؟

الذي جذبني إلى فن الإيماء هو الفنان العالمي شارلي شابلن فأنا منذ نعومة أظفاري عندما كنت أشاهد أفلام شارلي شابلن كانت تتراود إلى ذهني العديد من الأسئلة٠ كيف بالصمت يستطيع هذا الإنسان أن يضحك الملايين؟ وكيف استطاع هذا الفنان وهو من ثقافة أخرى ولغة أخرى أن يضحكني ويضحك الآخرين ؟ هذه الأسئلة ولدت لدي رغبة جامحة وجريئة بالرغم من كل العقبات التي واجهتني في ذلك الوقت للوصول إلى احتراف الفن الإيمائي وبالفعل استطعت أن أحقق هذا الحلم الجامح الجريء .

فبدأت بدراسة أفلام شارلي شابلن دراسة ذاتية خاصه وبجهد شخصي ففي ذلك الوقت لم يكن هناك من يدرس هذا العلم وأنا كنت أمتلك موهبة الإضحاك بالفطرة لذلك عملت على تنميتها ووجدت في الكاميرا الخفية الوسيلة الأفضل لكي أنطلق بموهبتي وبالفعل انطلقت مع الفنان زياد سحتوت وكان له الفضل في تقديمي للجمهور من خلال بعض المشاهد ومن ثم شاركت بالعديد من برامج الكاميرا الخفية ك ( برنامج المرح – واضحك معنا – طوشة ولوشة – ومن هون لهون – ونقطة انتهى – واليوم يومك وهذا البرنامج من أكثر برامج الكاميرا الخفية التي أعتز بها لأني وجدت نفسي به حيث تقمصت ١٤ شخصية مختلفة ٠

ثم بعد ذلك اقترحت أن أقدم بعض حركات الإيحاء في بعض المشاهد وبالفعل ساعدني الأستاذ زياد سحتوت لأقدم المشاهد بفن الإيماء وكان مشرفا علي وأعتز كثيرا بهذا الإشراف فهو سعى بكل قدراته لإنجاح العمل وفتح لي المجال للوصول لقلوب الجماهير وبذلك كنت أول من أدخل فن الإيماء إلى برامج الكاميرا الخفية ٠

مضيفا : هذا الفن بالرغم من أنه صامت ويعتمد على الإيحاء وعلى لغة الجسد إلا أنه فن قدير بكل معنى الكلمة، أن تضحك الأخرين وتدخل البسمة إلى قلوبهم وتتمكن من إيصال رسالة بصمتك هذا يعتبر عبقرية لا حدود لها ،وهذا بحد ذاته ما شدني إلى احتراف هذا الفن وجعلني في حالة عشق أبدي ٠

*والآن حدثني بعض الشيء عن كيفية اختيار مواضيع أعمالك وماهي العوامل التي يجب أن يراعيها الفنان لإنجاح المشهد الإيحائي( البانتوميم)؟ المواضيع أغلبها من ابتكاري أختارها وأستقيها من الحياة من الواقع فعملي وأنا شاب على الخطوط الجوية وفي الخطوط الحديدية السورية أغنى وأثرى فكري حصلت من خلال اختلاطي بالناس ومن خلال معاملتي اليومية لهم في محطة القطار على مخزون معرفي و تثقيف لم أناله من أية أكاديمية ، فعملي في محطة القطار أتاح لي فرصة التعرف على الإنسان المتعدد الوجوه وعلى الصغير والكبير والعصبي والهادئ والمرأة بمختلف مستوياتها الاجتماعية ، فكان سفراً في الحياة، فأنا أبتدع مشاهدي من الحياة اليومية .

أما عن أكثر عامل يجب أن يراعيه الفنان في فن الإيحاء هو الخيال الواسع الذي لا حدود له ٠

*فن الإيماء هو لغة بحد ذاته وهو يحمل رسالة بالغة الأهمية بلغة الإشارة والحركات وأكيد أن هناك صعوبات واجهت الفنان كلسلي لإيجاد مكان ولإثبات وجود من خلال هذا الفن وخاصة في بلادنا العربية فحدثني قليلا عما واجهك من عقبات ؟ نعم صدقت لهذا الفن رسالة بالغة الأهمية وأنا أردت من خلال فني هذا إيصال رسائل إنسانية هامة جدا (الإخلاص – الحب- الوفاء – وإرضاء الذات قبل إرضاء الآخرين – الرضى والقناعة وغيرها من المفاهيم الإنسانية ) .

أما عن العقبات التي واجهتي فأنا أعتقد أنه لا يوجد أي عقبة مادام هناك إرادة وعزيمة لتحقيق ما يصبوا إليه الإنسان، دعيني أخبرك لدخول حرم الفن هناك رهبه القبول وتظل هذه الرهبة حتى تسمعي صوت التصفيق ،فإذا كنت لا تمتلكين الجرأة والشجاعة فلا تغامري عملنا يعتمد على المغامرة فأنا اليوم في جميع أعمالي أكتب النص وأمثل وفي نفس الوقت مخرج ٠ وهذا يحتاج إلى كثير من المغامرة ، ففي بداياتي صحيح أن هذا الفن قوبل بالرفض من الأهل والمجتمع ،ولكن هذا لم يثنيني عن تحقيق حلمي، فقط اليوم أنا أشكو من سلبيات المنتج فأنا أواجه مشاكل مع شركات الإنتاج ،

فشركات الانتاج تفرض شخصيات ليس لديها موهبة بالإضافة إلى إهمال المنتج لهذا النوع من الأفلام وتدخل المخرج، فأنا من خلال عملي أرسم لوحة كالفنان فعندما يتدخل المخرج ويقول أريد الشخصية الفلانية أو سأحذف هذا المشهد هنا ضاعت الفكرة والمضمون، أنا عندما أكتب السيناريو أريد إيصال فكرة ما وهذه الفكرة أنا الأقدر من أي شخص آخر على إيصالها لأني قرأت الشخصية وتعمقت في ماهيتها لذلك عندما يتدخل المخرج فإنه يدمر العمل والمخرج الحقيقي هو الذي لا يتدخل بالسيناريو ٠

*٠مستر بن فنان عالمي استطاع أن يضحك العالم من خلال الفن الصامت هل تأثرت به ؟ حدثني إلى أي مدى أثرت بك أعماله و ما سبب إطلاق لقب مستر نجدت عليك ولماذا ؟

أثر بي لأنه دخل قلوب الناس من خلال فن الإيحاء لذلك ولّد لدي ردة فعل بأن لدي المقدرة على اقتحام هذا العالم وإضحاك الناس ٠ فقلت في نفسي لماذا لا أكون ( مستر نجدت ) كمستر بن ، ومن هنا انطلقت الفكرة لدي لذلك أنا اليوم بصدد التحضير لعمل فني باسم ( مستر نجدت ) وهو من تأليفي وبطولتي وإخراجي ٠ وبعملي هذا سأسعى لإضحاك الناس بطريقتي الخاصة وسأتحدى به العالم وأطمح أن أصل من خلاله للعالمية ، وهذا ليس من منطلق الغرور ولكن من منطلق الثقة بالنفس فأنا رجل بسيط وقوتي أستمدها من بساطتي وأعتبر الفن رسالة شاقة ومتعبة ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم ٠

*حلب جرى فيها الكثير من الأحداث المؤلمة والمريرة هل لهذه الأحداث والتجارب مكان في عملك الفكاهي ( مستر نجدت) ؟

أقول لك أنا لا أستطيع أن أجعل من ألم الناس ومعانتهم مادة لإضحاك الآخرين فالألم لا يضحك، صحيح أن هناك الكثير ممن سلط الضوء على الواقع بشكل ساخر ومضحك ولكن أنا أعتبر الألم والمعاناة ليس مادة للفكاهة وهذا رأيي الشخصي٠ لذلك لن يكون للألم والمعاناة مكان في عملي ( مستر نجدت) فقط أريد بعملي هذا إضحاك الناس بطريقتي الخاصة ٠

والآن بعد هذا الحديث الممتع والشائق الذي حمل بين كلماته الفكاهة والضحك ماهو أكثر موقف طريف تعرضت له خلال حياتك المهنية؟ وماذا تريد أن تقول كخاتمة؟ هناك الكثير من المواقف الطريفة التي جرت معي ولكن سأذكر لك حادثة جرت معي خلال عملي في محطة القطار حيث شاهدني رجل وبدأ ينظر إلي ويتمعن في وجهي ثم قال أنت تشبه الفنان نجدت كلسلي الذي يعمل في برنامج الكاميرا الخفية فأجبته بلا أنا لست هو، فقط أنا مختلف عنه بسبب الشامة التي بوجهي فابتسم الرجل وصدق كلامي٠

أيضا في أحدى المرات سألوني هل عملت في السينما فقلت لهم: طبعا عملت في فيلم أبي فوق الشجرة فقالوا لي: لم نراك في أي مشهد فأجبتهم أنا كنت خلف الشجرة من بداية الفيلم إلى النهاية حتى جاء المخرج وأخرجني من خلف الشجرة فصدقوني وضحكوا ٠

وكلمة أخيرة أريد أن أنوه إلى أني قمت ب ٣٣ عملاً للكاميرا الخفية نجحت ب١١ عملاً وفشلت ب٢٢ عملاً وهذا الفشل أعتبرته ( ثقافة ثقافة ثقافة) للاستعانة بها بالمستقبل لأن الأخطاء هي التي تصنع الإنسان ٠

وهدفي من أعمالي ليس تجاري فأغلب أعمالي من تمويلي الخاص وأريد فقط أن أقدم فنا راقيا يليق بأهل بلدي لأعبر عما بداخلي ، رسالتي فنية بكل معنى الكلمة ولا أبتغي من فني سوى إضحاك الناس وإدخال البسمة والفرح لقلوبهم بأسلوب طريف ضاحك خاص بنجدت كلسلي .

ت هايك

رقم العدد 15829

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار