الجماهير /عتاب ضويحي
أقامت مديرية ثقافة حلب محاضرة بعنوان (الورق وتأثيره في الحضارة الإسلامية) على مسرح ثقافي العزيزية، قدمها محمد العبدالله مترجمة للعربية عن بحث للكاتب جوناثان بلوم.
و تحدث العبدالله عن تاريخ ظهور صناعة الورق، عند الصينيين أولا قبل ظهور المسيحية بقرنين، وقد مر مايقارب الألف عام قبل أن يستخدم الأوروبيين هذه المادة، وتعلمت أوروبا المسيحية صناعة الورق من المسلمين (المورسكيين) الذين حكموا إسبانيا في ذلك الوقت.
و أوضح المحاضر أن صناع الورق حولوا الكتان وألياف النفايات الأخرى إلى مادة كتابة قوية ومرنة، عن طريق ضربها بمطارق ثقيلة تعمل بالطاقة المائية ويمزج اللباب (العجينة) بالماء ويجمع بالأيدي ويوضع على مناخل للتجفيف، وفي أواسط القرن ال18 تم التعرف على مادة الكلور وخصائص التبييض فيه للقماش وتحويله لورق، واختراع الآلة العملية لصناعة الورق وإنتاجه بكميات كبيرة، وظهور التحليل الفيزيائي والكيميائي واكتشاف السيللوز.
وتابع المحاضر حديثه عن معرفة العرب المسلمين الورق أول مرة عندما فتحت الجيوش العربية الإسلامية آسيا الوسطى في القرن الثامن، وإحدى أهم الآثار للدور المحوري للحضارة الإسلامية في صناعة الورق إلى أوروبا هي طريقة حساب كمية الورق عن طريق الرزم، إلا أن الأوروبيون لم يعترفوا بالمساهمة الإسلامية في صناعة الورق ولهذا الإهمال عدة تفسيرات منها:
عدم قدرة صناع الورق في البلاد الإسلامية منافسة الورق الإيطالي القوي والرخيص بنفس الوقت، صعوبة دراسة تاريخ طباعة الورق في البلاد الإسلامية خلافا للورق الأوروبي الذي أسس تاريخه من خلال تحديد العلاقات المائية وتاريخ المستندات، وطباعة الكتاب في البلاد الإسلامية جاءت بعد ألف عام من إدخال الورق في أواخر القرنين الثامن والتاسع، ومعظم العلماء اعتبروا تاريخ الورق فصلا في التاريخ أكبر من تاريخ الطباعة ونشر المعرفة، والنزعة الخبيثة لتجاهل الغرب ما أسهمت به الحضارة الإسلامية في صناعة الورق.
وختم العبدالله بالقول .. إن إدخال الورق في القرن الثامن له تأثير مفصلي على الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، وكان محفزا لظهور موجة استثنائية في الإبداع الأدبي بكل مجالاته، كما شجع توفر نوع جديد من الورق وجود نهج جديد للمواضيع القديمة وإحداث تغييرات في أنواع أخرى من الفنون المعدنية والسيراميك والمنسوجات.
قدمت للمحاضرة كندة رمال وحضرها عدد من المهتمين.
رقم العدد ١٥٩١٦