الحقيبة النسائية … مستودع أسرار النساء فما غرضها الوظيفي والجمالي …؟؟ كساد يحيق بالإنتاج المحلي و صعوبات تنذر بإغلاق الورش … بحري : الحقيبة ضرورة نفعية وعملية
الجماهير- نجود سقور – أسماء خيرو
الجمال ببعده الفلسفي جعل دافنشي يرسم الموناليزا التي مازالت تخطف الأبصار وتحير الألباب بالغموض المحيط بابتسامتها الحائرة فهي حتى أيامنا الحالية مثار جدل في الأوساط الفنية هذا الجمال جعل دافنشي أيضاً يبدع تخطيطاً مبدئياً للحقيبة النسائية قبل أن يتحدد شكلها الجديد بصفتها حقيبة تؤدي غرضاً وبعداً وظيفياً وجمالياً والتي ستكون مثار حديثنا في هذا الاستطلاع فالحقيبة النسائية باتت في وقتنا الحاضر ﻻتفارق يد النساء فهي مستودع أسرار وحافظة أشياء وأغراض وجزء ﻻيتجزأ من زينة المرأة وأناقتها وجاذبيتها وﻻيخفى على أحد أنها رمز من رموز الموضة القوية بتصاميمها وألوانها وأحجامها المختلفة التي من المفترض أن تتناسب مع طبيعة اللباس والمناسبة . تجولت “الجماهير” في أسواق مدينة حلب مستطلعة آراء السيدات وأذواقهن بالحقائب ولماذا تلجأ السيدة منهن لحمل الحقيبة؟ كما تحدثنا مع بعض أصحاب ورش الحقائب النسائية للتعرف على المزيد من أسرار المهنة وماهي مراحل الصناعة والصعوبات التي تعترضها.
– رمزاﻷناقة
تقول وسام أنا من النساء اللواتي يؤمن أن الحقيبة جزء أساسي من الهندام فشكل الحقيبة ولونها يجب أن يتناسب مع المظهر الخارجي للمرأة وذلك يسهم في اكتمال أناقة المرأة وجاذبيتها بالإضافة إلى دور الحقيبة العملي والذي يتمثل بجمع كافة اﻷشياء الضرورية من أوراق وموبايل ومرآة ومكياج داخل الحقيبة .
– ليست فقط تضفي جاذبية وسحراً
فيما رقية تحرص على حمل الحقيبة الكبيرة الحجم نوعا ما بشكل دائم ليس فقط من منطلق الجاذبية والجمال وإنما لاستعماﻻت عديدة ومفيدة كونها إمرأة عاملة وفي نفس الوقت طالبة جامعية تحتاج لحمل أشياء ولوازم كتابية تستخدمها في الكلية والعمل .
– الحقيبة تزيد الثقة بالنفس وهي دليل اﻷنوثة
بينما جميلة تعتبر أن حقيبة اليد رمز للأنوثة واﻷناقة كما أنها تعكس شخصية المرأة وهي تعتقد أن الحقيبة من الإكسسوارات اﻷساسية التي تكمل إطلالة المرأة في أية مناسبة ﻻفتة إلى أن الحقيبة تزيد من الثقة بالنفس فأي سيدة يجب أن تختار حقيبتها بكل تأن لتناسب الزي واللون وحتى المناسبة.
– مستودع يفيض باﻷشياء
ومن جهتها تفصح هيام بأن هناك أشياء ﻻتبارح حقيبتها (دفتر هواتف، جوال، زجاجة عطر، بطاقات، مكياج، محارم ) أشياء وأشياء تتزاحم داخل الحقيبة وبابتسامة تضيف أنا نفسي بدأت أتفاجأ أحيانا بما تحويه وتستوعبه حقيبتي وفي كثير من الأحيان أشفق عليها وعلى نفسي لكثرة ما تحويه الحقيبة من أشياء /متل بعضها.
أما تسنيم فتلوح بيديها الخاليتين من الحقيبة في الهواء وتقول سيان عندي إن كان معي حقيبة أم ﻻ فإن كان باﻹمكان أن أحمل النقود وجهاز الجوال في الجيب فلا ضير من ذلك حتى يمكنني اﻻستغناء عنها في معظم اﻷحيان ولكن للضرورة أحكام فالأغراض الإضافية تجبرني على اقتناء الحقيبة ولكن لا أعتبرها ضرورة حتمية .
وتأيدها في الرأي بشرى هي أيضا ﻻتحب التقيد كثيراً بحمل الحقيبة فهي تحملها فقط حين تقتضي الضرورة مشيرة إلى أن ماقالته تسنيم فيه كثير من الصحة فجيوب البنطال أو الجاكيت تفي بالغرض .
– مصدر أمان
ويخالفهما الرأي الشاب حسن الذي تعرض لمواقف عديدة أجبرته على حمل حقيبة وخاصة بعد تعرضه للسرقة لأكثر من مرة فبعد أن تم سرقة الجوال ومحفظة النقود من جيبه قرر أن يقتني حقيبة كتف ويضع فيها حاجياته وأوراقه الثبوتية مشيراً أنها تشكل لديه مصدر أمان وتحميه من السرقة.
وبعد هذا الاستطلاع عن الأهمية التي تمتلكها الحقيبة سنعرج ونتكلم عن مهنةالذوق الرفيع كصناعة لها مراحل عديدة ومختلفة وتواجه صعوبات ومشاكل تعيق انتاجها محلياً.
– صعوبات تهدد وغلاء ينذر بالإغلاق
يقول الحرفي سمير موقع أن الغلاء الذي تشهده مدينة حلب هو من أبرز العقبات التي تنذر بتعثر وتقلص إنتاج صناعة الحقائب النسائية واقتناءها فالغلاء أضحى يتحكم بكل مراحل الصناعة التي تبدأ من مرحلة تفصيل الجلد حسب التصميم ثم لصق الكرتون والإسفنج حتى مرحلة الوصول لوضع الإكسسوار وتطبيق الشكل النهائي للحقيبة فغلاء أسعار المواد الخام الذي ارتفع ١٠٠% ( كالجلد – واللاصق – والكرتون – والإكسسوارات ) وغلاء أجور الأيدي العاملة كل هذا أثر بشكل سلبي على هذه الصناعة وباللغة العامية ( لم تعد تجيب همها ) وإن استمر الحال على ماهو عليه من غلاء في مواد الخام ونقص في مادة الغاز والكهرباء وارتفاع الضرائب ستضطر بقية الورش التي مازالت تعمل رغم كل الصعوبات والعقبات إلى الغلق .فالإنتاج تقلص من ١٠٠% الى ٣٠ % والعمل في الورشة اقتصر عليه وعلى أولاده وأولاد ابن أخيه بعد أن كان يعمل لديه أكثر من ٣٠ عاملاً مشيراً إلى أنه بدأ بالعمل في هذه المهنة منذ عام ١٩٦٥ حتى أنه كان يشارك في عدة معارض بانتاجه الوطني وكان يملك عدة ورش جميعها بسبب الحرب لم يعد لها أثر ومع ذلك عاد وبدأ بالعمل وحاول أن يدير عجلة الإنتاج بالمقومات البسيطة التي لديه وإلى اليوم يحاول الاستمرار بالعمل في صناعة الحقائب الجلدية ولكن ماذكره من صعوبات ستضطره هو الآخر إلى إغلاق الورشة .
ومن جانبه الصانع عبدو الحلو الذي يعمل مصمم حقائب جلدية عند آل البسطاتي بالقرب من ساحة فرحات في منطقة التلل أكد على أن مشكلة انقطاع الكهرباء لها أثر كبير على عمله فلقد أدت إلى تقلص كمية إنتاج الحقائب إلى ٥٠ % فالانقطاع المستمر للكهرباء والذي يتجاوز عدة ساعات يومياً أدى إلى تباطؤ في العمل فبعد أن كان ينهي عمله خلال ٦ ساعات في اليوم أصبح يحتاج إلى ٧٢ساعة لإنهاء الطلبية وهذا انعكس سلباً على عمله وعلى تكلفة الحقيبة النسائية .
كما يوافقه الرأي الصانع رامي ويضيف الصعوبات التي نواجهها هي معاناة مكررة وليست وليدة الوقت الحاضر منذ أن عدنا إلى العمل في هذه الورش من عدة سنوات ، ولولا اقتراب موسم رمضان لما كان هناك أية طلبية وأي عمل فالورش الصغيرة في منطقة التلل في معاناة دائمة لاتنتهي وهذا يعزز لديهم التفكير بالتوقف عن العمل وإغلاق الورش .
– كساد يحيق بالحقيبة الوطنية سببه المنتج الأجنبي
وبسؤالنا لرئيس الجمعية الحرفية للصناعات الجلدية منير الحافظ عن ماتحدث به أصحاب الورش من صعوبات أكد أن معظم ورش الحقائب الجلدية والتي عددها يقارب ٦ آلاف ورشة متمركزة في مناطق مختلفة ( كالهلك والمقامات- والصالحين – وسوق التلل ) ستغلق أبوابها نتيجة لمعوقات عديدة يتعرض لها الحرفي تبدأ من معاناتهم من تعقيد الإجراءات لمنح القروض لإعادة دوران العمل وتنتهي بانقطاع الكهرباء ومايرافقها من غلاء الأمبيرات وفقدان أسطوانات الغاز ومنافسة المنتج الأجنبي الذي يجتاح الأسواق المحلية بنسبة ٩٠% فارضاً ثقافة تفضيل المنتج الأجنبي على المنتج الوطني وهذا يؤدي إلى كساد الحقيبة الوطنية .
لافتا إلى ضرورة معالجة المشكلات والصعوبات التي ذكرها الحرفيين وأصحاب الورش الصغيرة من قبل الجهات المعنية بطريقة علمية لا بتصريحات على الورق فالحرفي بحاجة فقط للمساعدة حتى تدار عجلة الإنتاج. وأن البضائع المستورده تعود بالضرر وتشكل خطر حقيقي على عمل ورش الحقائب الجلدية فالقطعة الوطنية اليوم لاتستطيع الوقوف أمام القطعة المستوردة التي غزت الأسواق المحلية .
ويضيف أمين سر رئيس الجمعية الحرفية للصناعات الجلدية سامر ولايه أنه تم رفع أكثر من كتاب للمحافظ لتأمين أسطوانات الغاز لورش الحقائب الجلدية وأن المحافظ كان متعاوناً إلى أبعد حد وأصدر قراراً بتأمين الغاز للورش كافة لكن بعض أصحاب الورش مضطريين لشراء الأسطوانات من السوق السوداء وهذا يؤدي إلى زيادة التكلفة على سعر الحقيبة مما يؤثر سلباً على عملية الإنتاج والتسويق .
وبعد أن اطلعت “الجماهير” على أبرز المعوقات التي ستسهم في توقف إنتاج الحقيبة الوطنية في الأسواق المحلية تعود للتحدث عنها كظاهرة مع باحثي ظواهر اجتماعية .
-ضرورة عملية ونفعية
حيث أوضح رئيس قسم علم الاجتماع أحمد بحري أن حمل الحقيبة لها ضرورة نفعية عملية تتمثل باحتواء كافة المستلزمات الضرورية داخل الحقيبة ولكن إن تخطت هذه الضرورة النفعية إلى حد الهوس في اقتناء الحقيبة وتغيرها بتغير الفصول أو لتقليد أحد مشاهير الفن فإنها تعد ظاهرة سلبية تعبر عن مجموعة من العقد النفسية الاجتماعية.
وفي السياق ذاتة تحدثت ولاء كراكيش ماجستير علم اجتماع قائلة : نشأت أهمية الحقيبة في البداية من الحاجة لحمل مجموعة الأغراض ولكن تطور المجتمع أعطى للحقيبة سمات وصفات جديدة لتواكب التطور وحداثة العصر لذلك هناك من اتبع الحاجة للحقيبة وآخرون اتبعوا السمة أي الموضة لمواكبة العصر مضيفة عندما نتحدث عن الموضة فيجب أن نعود للمجتمع والثقافة المنتشرة فيه إضافة للتأثيرات التي يتعرض لها الفرد من البيئة ومن الثقافة الوافدة .
وبدورها تقول فاطمة جعفر اختصاص علم مجتمع إن حمل الحقيبة ظاهرة إيجابية إن استخدمت لغرضها العملي لا الجمالي فلقد أصبحت من الحاجيات الأساسية لا الكمالية وخاصة في وقتنا الحاضر لما تعود عليه من فائدة للفرد فهي تشبه المستودع الذي يحوى أشياء ضرورية وأغراض لها استعمالات متعددة إضافة لأسرار لايطلع عليها إلا مالك الحقيبة .
وختاماً الحقيبة سواء كانت ظاهرة سلبية أو إيجابية ستبقى جزءاً لايتجزأ من شخصية الإنسان وبالأخص المرأة فهي تعبر عن السيدة الأنيقة والمتزنة والباحثة والعملية والفوضوية وفي حقيقة الأمر أصبحت الحقيبة تفرض نفسها كحاجة ضرورية وأساسية لا يمكن الاستغناء عنها في وقتنا الحاضر سواء كان حمل الحقيبة للغرض الجمالي أو العملي النفعي .
رقم العدد ١٥٩٤٩