في يوم المرأة العالمي : صور من حياة المرأة العاملة .. تجاوز للمعاناة وصبر لتحقيق المواءمة بين جهد العمل ومتطلبات الأسرة

الجماهير – حسن العجيلي – هنادي عيسى
لم يكن أمام بشرى التي تقيم في دمشق مع زوجها وولديها سوى أن تقبل بوظيفة في محافظة حلب لأن فرص العمل قليلة في الاختصاص الذي درسته ، مما جعلها تعيش صراعاً بين أن تترك العمل وتعود للعيش مع زوجها وولديها وبذلك ستبقى بلا عمل حتى تأتيها فرصة مماثلة في محافظتها التي تسكنها أساساً أو أن تبقى في عملها وتزور أسرتها أياماً محددة كل فترة لعدم إمكانية انتقال زوجها إلى حلب وبدء حياة جديدة .
مشكلة بشرى كامرأة عاملة وباختصاص معين في القطاع العام ليست الوحيدة إذ أن هناك العديد من المشكلات التي تعاني منها المرأة في العمل وخاصة ما يتعلق بتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية إذ لا يمكن أن يعتبر من ثانويات الحياة بل أصبح يشكل الهدف الأساس بالنسبة للمرأة العاملة اذ تعيش كل يوم في حياتها قصة كفاح وتحدي لتخطي جميع العقبات التي تواجهها بكونها أماً وإمرأة عاملة بنفس الوقت ومن أجل أن تثبت أنها قادرة على القيام بواجباتها على أكمل وجه دون التأثير أو التقصير في حقوق زوجها وأولادها .
لا مبرر للتقصير
تقول بشرى كل شيء مطلوب من المرأة العاملة أن تكون أماً وزوجة وعاملة وأي تقصير لن يكون له مبرر سواء في العائلة أو المجتمع فكل ما تتعرض له الأسرة من نقص هو بسبب المرأة العاملة وانشغالها عن البيت لبضع ساعات يومياً وعليها أن تتحمل ضغط المجتمع والعادات والتقاليد السارية حتى الآن ، مضيفة أنه على الرغم من التطور ومشاركة المرأة للرجل في كل المجالات يبقى المجتمع الذكوري الذي نعيش فيه هو المسيطر ، وتتساءل كيف يكون الحال إذا كان العمل في محافظة أخرى .
أعباء إضافية لزوجات العسكريين والشهداء
أما هبه وهي معلمة صف تقول : بعد زواجي بأربعة أشهر التحق زوجي بالخدمة الاحتياطية في الجيش العربي السوري ودخل الآن عامه السادس في الخدمة ، الأمر الذي جعلني أتحمل أعباء إضافية خاصة وأنه أصبح لدينا طفلان حيث تراكمت المسؤوليات وزاد تعبي بسبب بعد المدرسة التي أعمل فيها عن مكان سكني ، ولا يوجد دور حضانة في المدارس ولا يمكنني تسجيل أولادي في حضانة خاصة بسبب ارتفاع أجور التسجيل والانتقال لمدرسة قريبة من منزلي يدخل في دوامة الروتين الذي لا حساب فيه للعواطف والظروف وإنما للقدم الوظيفي ، مختتمة هذه باختصار هذه قصتي كامرأة عاملة .
سهى وهي مديرة روضة ولديها أربعة أولاد تقول : إن العمل هو محور حياتي ولا أستطيع أن أتخيل أنني بدون عمل لقد عانيت في البداية بعض الصعوبات خاصة عند الولادة حيث كنت اصطحب صغيري في شهره الأول إلى العمل ولم أسلم من انتقادات الناس الجارحة والمجحفة بحقي ولكني لم أعرها أي اهتمام على العكس هذه الانتقادات زادتني إصراراً على مواصلة عملي والنجاح به حيث كنت أعاني من ظروف اقتصادية صعبة وضغوط كثيرة وخاصة أن زوجي لم يكن موظف آنذاك ولكن مع تنظيم وقتي وتعاون زوجي معي ومشاركته المسؤولية استطعنا تجاوز تلك المرحلة الصعبة بنجاح ولم يحدث أي تقصير لا من ناحية المنزل والأسرة ولا من ناحية العمل وأولادي من المتفوقين في مدارسهم تضيف سهى أن تنظيم الوقت ومعرفة استغلاله والاستفادة منه أهم نقطة في حياة أي امرأة عاملة .
– العمل فسحة أمل
لينا سيدة مطلقة ولديها ولدين وتعمل بعمل مؤقت تقول الحياة أصبحت صعبة جداً وتكاليفها مرتفعة فبعد انفصالي عن زوجي في عمر صغير قررت ألا اعتمد فقط على النفقة التي يرسلها لي فبدأت أبحث عن عمل يكون ذا مردود مقبول يكفيني ويردني عن حاجة أحد ولكني وجدت صعوبة في ذلك لأني امرأة صغيرة مطلقة ولدي طفلين أهتم بهما وكأن هذا الأمر وصمة عار في مجتمعي وبعد عناء وبحث طويل وجدت عملا في مكتبة قرطاسية وكنت سعيدة جداً بالعمل رغم المردود المادي الضعيف ورغم العمل لم أهمل أطفالي كنت أخبرهم بعد المدرسة أن يأتوا إلى المكتبة وأدرسهم هناك وعند انتهاء عملي نعود إلى منزلنا .
تضيف لينا : العمل فسحة أمل وشغف بالنسبة لي واستقلال ذاتي ولكن نظرة المجتمع وعاداته وتقاليده البالية تؤثر سلباً في حياة أي امرأة .
– مساعدة للأزواج .
سارة اضطرت بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة التي تعاني منها البلاد إلى التقدم لوظيفة خارج محافظتها لكي تكون عوناً لزوجها وتساعده في تقاسم أعباء المعيشة مما اضطرها للابتعاد عن زوجها وأطفالها تقول سارة : درست وتعبت وحصلت على شهادات كثيرة لكي اعتمد على نفسي واستقل ماديا ومعنويا وبعد انتظاري طويلاً لفرصة حصولي على عمل لم يحالفني الحظ إلا خارج محافظتي وبعيدا عن منزلي وأطفالي فمشكلتي هي في بعدي عن أولادي وزوجي وهذا الأمر يرهقني ويتعبني نفسيا وجسديا ولكن تحسين مستوى معيشتنا وتأمين مستقبل أفضل لأولادي وعائلتي وتهاون زوجي معي وتفهمه هو ما يجعلني أتحمل هذه الصعوبات.
– اتحاد العمال: نعمل على تثقيف المرأة
تشير أمين سر اتحاد عمال محافظة حلب عبير خضور بصمه جي إلى أنه من خلال عملها النقابي كرئيس نقابة سابقاً وأمين سر حالياً أن المرأة العاملة تأخذ حيزاً من اهتمام الاتحاد من حيث متابعة شؤونها في العمل وحل المشاكل والمعيقات التي تعترضها ، بالإضافة إلى العمل على تثقيفها من مختلف النواحي القانونية والصحية والاجتماعية .
ولفتت بصمه جي إلى أن الاتحاد يعمل على تعزيز إحداث دور الحضانة في الشركات والمؤسسات بما يضمن راحة واطمئنان من ناحية أبنائها أثناء ساعات العمل والدخول لحياتها الاجتماعية .
بدورها عضو مكتب نقابة عمال النقل البري والجوي رئيس لجنة المرأة العاملة في النقابة رهف عقاد أوضحت أن البعد الاجتماعي يأخذ حيزاً كبيراً اللجنة تعمل على الدخول للنواحي الاجتماعية للمرأة العاملة من خلال الزيارات سواء لأماكن العمل أو الزيارات المنزلية والتعرف على ظروفها عن قرب ومساعدتهن وخاصة أمهات الشهداء وزوجاتهن أو الأمهات اللواتي يؤدي أبناءهن الخدمة العسكرية ومشاركتهن في مختلف المناسبات الاجتماعية لتعزيز أواصر العلاقات .
وتضيف عقاد بأن النقابة تعمل على إقامة دورات للنساء للمساعدة على ظروف الحياة ومستلزماتها والتميز سواء في العمل أو في الحياة الاجتماعية ، مؤكدة أنه يتم معالجة المشكلات التي تواجه المرأة العاملة من خلال التواصل مع الإدارات وتذليل كافة الصعوبات التي تعترضهن .
– ختاماً :
في يوم المرأة العالمي آثرنا أن نعرض صوراً بسيطة لواقع المرأة العاملة وما تبذله من جهد في مسيرة حياتها العملية وسعيها للمواءمة بين العمل والأسرة ، ولا يسعنا إلا أن ننحني لتضحيات النساء خاصة أمهات وزوجات الشهداء اللواتي قدمنّ صورة لا يمكن أن تحيط بها أبجدية أو تعرضها مادة صحفية .
كل التحية للمرأة المناضلة في وطننا في كل ساحات العمل والبناء .. بناء الوطن من خلال بناء الأسرة .
رقم العدد 15973

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار