قراءة نقدية في رواية قدح مكسور في اتحاد الكتاب العرب

الجماهير- نجود سقور
قدم فرع حلب ﻻتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع مديرية ثقافة حلب قراءة نقدية للدكتور أحمد زياد محبك في رواية الكاتب الكونغولي آﻻن مابانكو (قدح مكسور) وترجمتها للعربية الدكتورة زبيدة القاضي.
يشير بداية د. محبك إلى أن الكاتب جعل من بلده الكونغو مسرحاً ﻷحداث الرواية في أواخر العشرينيات راسماً صورة واقعية ﻷحداث ومجريات معلنة وخفية في المجتمع الكونغولي وتقدم هذا المجتمع بلا رتوش من خلال بطلها قدح مكسور وهو مدرس متقاعد يلجأ إليه الكثيرون ليسجل لهم حكاياتهم في إطار هزلي ساخر تناول عبرها مراحل من تاريخ الكونغو بعد أن طلب منه الحلزون العنيد بتسجيل تلك الحكايات على دفتر يملؤه بتاريخ الحانة ﻷنه ﻻيطمئن لذاكرة الناس ولكي يضمن لها الخلود .
وجاء في القراءة النقدية أن الرواية عرّفت القارئ العربي بعالم جديد ﻻيعرفه، وهي جديدة في مضمونها وأسلوبها وتقنياتها، وتصور مجتمعاً في قلب الكونغو، وهو مجتمع متخلف متوحش يسود فيه الغش والظلم والفحش والفساد، وبقدر ماهو مثير للخيبة واﻹحباط هو مثير للشفقة والخوف.
ويضيف أن الروائي استخدم أسلوباً هجائياً ساخراً جداً فجاءت الرواية من نوع التراجيديا الكوميدية أو من نوع الكوميديا السوداء، مبيناً أن أحداث الرواية جرت في مكان واحد في حانة الدين ممنوع، ومؤسسها الحلزون العنيد في إحدى مدن الكونغو وكأن الكونغو كلها تمثلت في هذه الحانة التي هي رمز للكونغو ورواد هذه الحانة رمز لكل الشعب في الكونغو .
ويؤكد أن الرواية تشكل مجموعة مواقف وسير ذاتية غير مترابطة برابط سببي كالروايات التقليدية وتظهر مجتمع الكونغو بما فيه من تعدد وتنوع واختلاف، إذ أن لغة وأسلوب الشخصيات واحد قوامه اﻻعتراف والثرثرة والتكرار واﻻستغراق في التفاصيل، ﻻفتاً إلى أن الرواية تبنى على تعدد الشخصيات التي تتوزع البطولة بما فيها المؤلف، وﻻتقوم على تعدد الأصوات، ويشير إلى أن معظم شخصيات الرواية سلبية، يغلب عليها الفساد والقبح والجريمة، بما فيها الشخصيات النسائية إﻻ ماندر، كشخصية اﻷم، ويوضح أن الرواية حافلة بأسماء وأعمال أدبية ومبدعين مستخدما إياها كنوع من التورية.

وفي السياق نفسه يقول الدكتور محبك إن في الرواية قدراً كبيراً من اﻻنتقاد الحاد والساخر واللاذع، منه ماهو سياسي، ومنه ماهو اجتماعي، وكثيرا مايتداخلان، مبيناً أن هذا اﻻنتقاد يظهر في عدة أنماط كاﻻنتقاد اللفظي، وقوامه التلاعب باﻷلفاظ، واﻻنتقاد المبني على مواقف وحاﻻت ومشاهد، ومنها اﻻنتقاد السياسي المبني على السخرية اللفظية.
ويتابع أن الرواية من منظور مؤلفها هي صورة مؤلمة للمجتمع اﻹفريقي المتخلف، فيه العذاب واﻷلم والظلم والفساد واﻻنحراف اﻷخلاقي، وهي صورة لمجتمع مازال يعاني من اﻻستعمار رغم نيله اﻻستقلال، وينظر للدول اﻻستعمارية بعين اﻻعجاب، بوصفها دوﻻً متحضرة، وهذه دﻻلة على بؤس أفراد هذا المجتمع وتخلفه وغياب الوعي لدى شعب مستلب الهوية ﻻ انتماء لديه.
ويتساءل: هل صورة المجتمع في الكونغو في حانة الدين ممنوع رؤية أقرب للموضوعية من داخل الكونغو؟! أم هي رؤية لمثقف من خارج الكونغو.. وكان الروائي قد غادر الكونغو منذ 93 وكتب روايته عام2005؟! وهل هي رؤية عبر زجاج مكسور ومشروخ فكان بها من هذا العرض الساخر المشحون بالغضب والنقمة واﻹباحة؟!
ويختم قائلاً إن الكونغو التي استقلت في الستينيات لم تحقق استقلالها الثقافي والحضاري ولم تمتلك هويتها، وبذلك يبقى زمن الرواية مفتوحاً على زمن الفساد والجهل والتخلف وغياب القيم.
آﻻن مابانكو كاتب من الكونغو ولد عام 1966في برازافيل ويقيم في الوﻻيات المتحدة، كتب الشعر والرواية والقصة القصيرة والدراسة، ومن أعماله الشعرية: أسطورة التيه، اﻷشجار أيضاً تذرف الدموع، حين يعلن الديك عن فجر يوم جديد .
ومن أعماله الروائية: اﻷزرق اﻷبيض اﻷحمر، جنازة أمي، اﻷفريقي المختل العقل، مذكرات شيهم، البازار اﻷسود، زجاج (قدح) مكسور، وغداً سأكون في العشرين من عمري.
هذا وقد حضر القراءة النقدية لفيف من اﻷدباء والمثقفين والمهتمين بالأدب.
ت هايك اورفليان
رقم العدد 15974

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار