الجماهير – الحسن سلطانة
ولدت الأديبة ماريا كبابة في حلب عام 1967 تلقت تعليمها في مدراس حلب، درست الأدب العربي، وتخرجت في جامعة حلب، وهي موظفة في كلية الهندسة الميكانيكية منذ أكثر من ربع قرن. تولت مهام عديدة أهمها رئيسة شؤون الطلاب، وحالياً رئيسة إحصاء في الكلية ذاتها، ورئيسة ومؤسسة أخوية الراعي في مطرانية السريان الكاثوليك بحلب .
صدر لها مجموعتين أدبيتين هما وجدانيات بيرويا عام 2015، وسان مارينو عام 2017 إضافة لمجموعتين عام 2018 ، حملت المجموعة الأولى عنوان (حوارات وشخصيات) وهي عبارة عن حوار مع شخصيات من حلب، عاصرت الحرب وكان لها أياد بيضاء في المجتمع الحلبي خاصة، والسوري عامة. ولها مجموعتان قيد الإنجاز هما (دردشات) والثانية أدبية .
تنوعت هواياتها مابين الشعر والنثر والكتابة والقراءة والعمل الإنساني والسفر، إذ سافرت إلى العديد من الدول العربية والأوروبية قبل وأثناء الحرب الإرهابية على سورية منها (لبنان، الأردن، كندا، وآخرها سان مارينو في إيطاليا).
الجماهير دخلت عالمها الأدبي وكان لنا معها هذا الحوار؟!
لم اخترت اسم (بيرويا) عنواناً لمجموعتك الأولى وجدانيات؟!
بيرويا هو اسم حلب في عهد سلوقس نيكاتور مؤسس الإمبراطورية السورية وهي مسقط رأس فيليب والد الإسكندر ،جاءت منها جاليات أسست حلب من جديد عام 330 قبل الميلاد ويطلقون اسمها على بناتهم.
هل تركت حلب أثناء سنوات الحرب ومدى ارتباطك بالمدينة؟!
أنا أعشق بلدي، وحلب جزء من روحي، خلال الحرب بقيت في بلدي، ولكن تلقيت دعوة من عائلة هم أصدقاء لي منذ الصغر، فأحببت هذه التجربة كنت أنوي تدريس بعض الطلاب اللغة العربية، ولكن صعوبة العمل جعلتني أرفض أي عمل، وأثناء تلك الفترة اشتدت الحرب في سورية وبحلب خاصةً، فرأيت أن بلدي بحاجتي الآن، فعدت بعد أن مكثت تسعة أشهر في سان مارينو وسط محبة وترحيب أغلب العائلات وتعاطفهم مع الأزمة السورية والشعب السوري.
وطبعاً كنا نشرح لهم حقيقة مايحدث في سورية، وليس كما يقال وينشر على وسائل الإعلام الغربية المضللة، وكيف أن العصابات الإرهابية المسلحة تقتل الأبرياء المدنيين وتفتي بقتلهم لمجرد رفضهم للآخر، إضافة إلى خطف وقتل عدد من رجال الدين المسيحي والإسلامي وتدمير الكنائس والجوامع والبنية التحتية التي هي ملك لجميع السوريين. كما تحدثت عن دور الجيش العربي السوري في الدفاع عن أرضنا، وحماية الشعب وتطهير أرضنا الطاهرة من الإرهابيين التكفيريين المدعومين من دول عربية وغربية؛ لتنفيذ أجندات الغرب وتقسيم سورية طمعا في ثرواتها ولأنها الوحيدة التي تدافع عن القضية الفلسطينية، وهذا ما لا تريده أمريكا التي يهمها بالدرجة الأولى مصالح الكيان الصهيوني. ومايميز بلدنا سورية حضارتها العريقة وتراثها التاريخي المهم وما يزيدها ألقاً هو الفسيفساء الجميلة للطوائف التي تعيش معاً كإخوة وشركاء في الوطن الأغلى سورية .
-متى أسست أخوية الراعي في مطرانية السريان وما هو الهدف منها والخدمات والنشاطات التي قامت بها منذ بداية تأسيسها؟!
حين عدت إلى سورية عام 2016 كانت الحرب على أشدّها، والكثير من السيدات أردن أن يقمن ويقدمن خدمات إنسانية مجتمعية، فعرضنا الفكرة على سيادة مطران السريان الكاثوليك بحلب مارديونيسيسوس أنطوان شهدا، والأب رزوق حنوش فوافقا لأن لي تاريخاً سابقاً في العمل الإنساني مع ذوي الاحتياجات الخاصة (إيمان ونور)، وهكذا تبلورت فكرة الأخوية لتكون الشمعة وسط ظلمة الحرب الإرهابية وقساوتها، وذلك من خلال المواضيع الهادفة الدينية والطبية والاجتماعية والفنية مع الاستفادة من خبرات المختصين،فكنا نجتمع كل خمسة عشر يوماً ضمن برنامج يحدد من قبل اللجنة.
أما هدف الأخوية فهو التوعية الصحيحة من خلال جميع المحاضرات الدينية والاجتماعية والإنسانية، وتقديم العديد من المساعدات الإنسانية للمحتاجين بشكل فردي كزيارة المرضى والجمعيات الخيرية. كما كان لنا ريسيتال وحيد قدمته المرنّمة مارلين بسيليس، وزوجها جورج صوص، وشاركنا في جميع الريسيتالات التي أقيمت وفي أغلب النشاطات الثقافية والاجتماعية التي كانت تقام بالتعاون مع مديرية الثقافة.
كيف انعكس الجانب الإنساني في كتاباتك الأدبية؟!
منذ الطفولة أحببت الاعتناء والاهتمام بكبار السن، وعشقي للكتب جعلني عندما كبرت وخاصة أثناء الحرب أقول جملة (سأصمت .. وسأعمل لأن وطني جريح يحتاج للعمل دون نقد للعمل أو شكوى أو تذمر .
ففي كثير من الأحيان، وفي الوقت الذي كان فيه الكثير متذمراً متضايقاً من ظروف الحرب، شعرت أن من واجبي توثيق معاناة أهل حلب أثناء الحرب وصمودهم الذي كتب انتصاره على أيدي أبطال الجيش العربي السوي وتضحياته العظيمة وصمود شعبنا، إضافة إلى تخفيف مشكلات الناس وهمومهم اليومية، وبث الأمل والمحبة والصداقة، ومن هنا انطلقت كتاباتي، وجميع كتبي هي انعكاس لشخصيتي المحبة للسلام والأمن والأمان .
وعن أمنياتها قالت كبابة في ختام هذا الحوار: أن تعود سوريتنا وبأجمل حلّة كما كانت قبل الحرب، وإعادة إعمار وبناء ما دمرته العصابات الإرهابية المسلحة، وهي لن تعود من خلال شخص واحد أو مجموعة، وإنما من خلال تكاتفنا جميعاً يداً واحدة، ويجب على كل مواطن أن يحب بلده بالعمل لا بالكلام، فعندما أحب بلدي أحافظ عليه نظيفاً كمنزلي. كما أن العمل الجماعي المتضامن مع الإنسان أمر في غاية الأهمية ولاننسى أن الحضارة ولدت في سورية، لذلك يجب علينا المحافظة عليها.
رقم العدد 15981