من يتّعظ؟!

الجماهير- بيانكا ماضيّة

نحنُ الذين أتينا إلى هذهِ الحياةِ مثقلين بأخطاءِ الأقدمين نودُّ الانتفاضَ وفي أرواحِنا نزعةُ الحياة، نتوقُ للآتي المفعمِ بالجمال، نلهثُ خلفَ ماينزع عنّا أوشحة الكآبةِ والعزلةِ والغياب، فهل آنتِ الساعةُ لهذا الانتفاض؟! أم أن الوقتَ مبكرٌّ جداً، ومازال أمامَنا الكثيرُ من الأملِ والتفاؤلِ والحبِّ، والكثيرُ من التأملِ والتفكيرِ وقراءةِ دروسِ الحياة، تلك التي كتبها عظماء جالوا في أروقةِ هذه الدنيا، ورسموا لنا طريقَ الخلاصِ، الذين كتبوا الحياةَ بأروع صورِها، وأشدّها ألماً وحزناً، لا بل سخرية، الذين هبّوا كالرياحِ؛ ليعصفوا بكل ما يلوّن هذه الحياة باللونِ الأسود، كتبوا عصارةَ فكرِهم في صفحاتِ أيامِهم بعد أن غلبوا الموتَ بغير سلاحٍ وسهمٍ. بعد أن تقلّبوا على جمرِ الواقع، وناموا في محطاتِ البؤسِ والألم، وكتبوا بدموعِ أيامِهم ماكتبوه لنا من قيمٍ وفضائلَ، قدّموها لنا، ونحن مستلقون في أسرَّتِنا، يمرُّ شريطُ الخيالاتِ والأحلام من أمامِ جباهِنا، ننزع لحياة مثالية فُضلى، وننسى تلك الحروفَ التي نُقشت في صفحاتِ من صارعَ الحياةَ وانتصرَ عليها، وسطَّر بأهدابِ حرمانِه، وغليانِ نفسِه، ماسطَّره لنقتدي بالنموذجِ الجماليِّ في هذه الحياة!
ولكن من يقرأ هذه العبرَ ويستفيدُ من نهاياتِها المرسومةِ بذهبِ الأناملِ وحبرِ القلوب؛ ليجلوَ الحقائقَ ويتّعظَ مما يراه ويسمعُه ويلمسُه بيديه، فيعبر بأمانٍ إلى شطِّ الحبِّ والسعادة؟!
رقم العدد ١٦٠٠٣

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار