كورونا في ضوء المسؤولية الثقافية

الجماهير – أسماء خيرو

يرى الفلاسفة أن مسؤولية الثقافة والمثقفين تتضاعف في وقت الأزمات، وبما أن العالم بأجمعه في وقتنا الحاضر يمرّ بمرحلة حرجة تصل في نتائجها إلى خطر قد يتسبب في فناء البشرية، كان لابد للمثقف ألا يقف موقف المتفرج من فيروس كورونا كما عهدناه في كل الأزمات عبر أزمنة التاريخ المختلفة، لذلك وقفت الجماهير مع عدد من المثقفين الذين ساهموا في نشر التوعية ضد هذا الفيروس.
يقول نقيب الفنانين عبد الحليم حريري: كلنا اليوم، كمثقفين، تقع علينا مسؤولية مضاعفة، إذ علينا أن ننادي بالتوعية ونقدم الآراء والمقترحات التي نعتقد أنها من الممكن أن تفي بالهدف المنشود وتساهم في انتشالنا من فوضى من المرجح أن يخلّفها فيروس كورونا إن تفشّى في سورية، لاسمح الله! لذلك حاولنا في هذه الفترة قدر الإمكان أن نكون قدوة بالتزامنا بتنفيذ القرارات والتوجيهات التي أصدرت من قبل الحكومة ووزارة الثقافة، إذ عملنا على إيقاف دوام جميع الموظفين وتعليق كل الأنشطة على مسرح نقابة الفنانين حتى إشعار آخر، واتخذنا قراراً بتكليف شركة مختصة بتنظيف المسرح وتعقيمه بشكل كامل، ولأجل زيادة الوعي لدى المواطن قمنا بتنفيذ برومو مصور بعنوان (خليك بالبيت بتسلم) شارك فيه نخبة من فناني ومثقفي حلب وهم (غسان مكانسي – حازم حداد – محمد خير جراح – أحمد مكاراتي – غسان الذهبي – وائل شريفي – عماد نجار – فاضل وفائي – حسام الدين خربوطلي) وغيرهم .ولقد تم إخراجه من قبل الفنان حكمت نادر عقاد، ندعو فيه للالتزام بالبقاء في البيت والالتزام بالتعليمات الحكومية.
فيما جعل عبد القادر بدور رئيس الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون فيروس كورونا تجربة استثنائية تحضّه على إدارة الوقت وتوجيه وإرسال المنشورات وكتابة المقالات التوعوية التي تسهم في التأقلم مع إيقاع فيروس كورونا المرّـ والتغلب عليه بالقناعات بالإيجابية أوضح قائلاً: لابد لنا من الوقوف والتأمل حيال ما يجري في العالم من جراء تفشي وباء كورونا المستجد وسرعة انتشاره وسرعة حصاد نتائجه، وبغض النظر عما نتوصل إليه من قناعات حول ماهيته وأسبابه ومصدره والأهداف المقصودة منه، إلا أننا فعلاً أمام جائحة تفتك بالبشر في كل مكان، وتبعاً لخواص هذا الفيروس وطريقة انتشاره وانتقاله عبر الإنسان لغيره، وبناءً على ما قرأت وتابعت من نشرات ومعلومات عن الفيروس عبر الجهات الطبية والصحية السورية والعالمية، فلقد تركزت إدارتي لهذه العارضة بعدة أمور احترازية درءاً لمخاطر انتقاله عبر العدوى، وتعزيزاً لقوة الجسد وتقوية لمناعته ليكون جاهزاً للتصدي لهذا الفيروس المعدي والفتاك في حال انتقاله بالعدوى، علماً أنه بقناعتي الكاملة يضعف تفشيه في بلادنا لعدة أسباب سأتكلم عنها في ختام الحديث، والأمور الاحترازية التي أنصح باتباعها هي كما يلي :

١ – الابتعاد بشكل نهائي عن أماكن التجمعات أياً كان الغرض منها، وإن كان لابد فليس في أوقات الذروة. وإيقاف اللقاءات الاجتماعية واتباع نظام التباعد المنزلي لأفراد الأسرة قدر المستطاع وإلغاء المناسبات الاجتماعية التي نتميز بها عن سائر سكان الأرض مع ضرورة تخصيص الأغراض الخاصة لكل فرد.
٢- اتباع نظام حياتي خاص يتمثل في كفاية عدد ساعات النوم وممارسة الرياضة والتعرض لأشعة الشمس المباشرة وشرب الماء الساخن صباحاً والغرغرة بالماء والملح قبل النوم .
٣- الاستمرار باتباع نظامنا الغذائي الذي نتبعه في بلادنا الغنية بالثروة النباتية مثل تناول الحمضيات المختلفة وكل ما هو لونه أخضر لتوفر فيتامين ( C ) فيه مما يعزز المناعة في الجسم لدى الصغار والكبار .
٤ – اتباع نظام الوجبتين الخفيفتين نظراً لطول فترات المكوث في المنزل وقلة الحركة منعاً لزيادة الوزن .
٥- إشغال الذات بكل أمر كنا نعمل على تأجيله نظراً للانشغال الدائم بمشاغل الحياة اليومية (كالقراءة – والكتابة – والإصلاحات المنزلية – والانتساب إلى دورات في أي مجال على الإنترنت، إضافة لمتابعة العمل الأساسي والتواصل مع الآخرين عبر الإنترنت).
٦- اتباع نظام نظافة وتعقيم خاص شخصي ومنزلي لم نكن نتبعه فيما سبق، علماً بأن سكان بلادنا يتبعون نظام نظافة لا يتبعه أي شخص في العالم، وهذا أحد أسباب تفشي الفيروس هناك .
أما عن قناعتي فيما يخص أسباب ضعف إمكانية تفشي الوباء في بلادنا فهي على الشكل التالي:
أ -غنى هذه المنطقة بأشعة الشمس الكافية التي يلاحظ وجودها لفترات وأوقات طويلة بشكل يومي، فالفيروس يعيش في الأماكن المظلمة والرطبة .
ب- النظافة الشخصية والمنزلية التي نتبعها نتيجة العادات والتقاليد والدين مع ضرورة وجوب انسحاب النظافة العامة خارج المنزل والتي نفتقد لها أحياناً في بعض الأماكن.
ت- نظام الطعام الصحي المتبع من غذاء حاضر ومجهّز وغير معلب أو مجمد، وجودة وصحة المواد التي نستخدمها لتحضير الطعام في بلادنا، من خضار وفواكه ولحوم وحبوب، مما يعزز قوة ومناعة الجسم .
ث – الوعي المقبول والإحساس بالمسؤولية تجاه الذات والآخر وتجاه البلد وتقبل قرارات الحكومة الصائبة والتعاون والتعامل معها بجدية.
ج- رُشد الحكومة باتخاذ كل الإجراءات الصحيحة والتدابير الاحترازية الحكيمة في الوقت المناسب وتعميمه بسرعة بكل الوسائل المتاحة.
د – الالتفاف الشعبي من قبل المنظمات المحلية والأهلية بإشراف من الحكومة حول أبناء البلد والمساهمة في تقديم العون والمساعدة لمن يحتاجها بالشكل الصحيح والوقت المناسب.
وختاما بعد ماشهدناه من مسؤولية اضطلع بها عدد من مثقفي حلب للتوعية ضد هذا الفيروس يمكننا القول إن المثقف سيظل دائما وأبداً حارس الإنسانية الأمين ونبعها الثقافي الذي يزود الإنسان بالوعي والقوة للاستمرار والقدرة على المتابعة والكفاح في كل الأزمات.
رقم العدد ١٦٠٠٦

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار