الجماهير – بيانكا ماضيّة
لم يكن الاستثمار الضخم لأكبر ترسانة إعلامية عبر مؤسسة تلفزيون “الشرق الأوسط” بالمليارات عبثيّاً، فالـ (MBC) تقوم اليوم بدورها على أكمل وجه، الدور الذي أُسست له في الأصل: الترويج لمناخ ثقافي يخدم أمريكا أولاً، وتالياً فتح باب التطبيع الوقح على مصراعيه، عبر مسلسل (أم هارون).
اليوم وصل التحالف الأمريكي الصهيوني الخليجي إلى قمّته، إذ يجري اختراق العقل العربي عبر الدراما الخليجيّة، ليس اختراقاً وحسب، وإنما احتلال من نوع آخر! فنغمة التطبيع التي سمعناها في مسلسلي (أم هارون) و(مخرج 7) النغمة النشاز تعد تمهيداً لتستسيغ الأذن العربيّة على ألحان الزمن القادم الخارجة عن النصوص والسرديات التاريخيّة العربيّة؛ والهدف تشويه صورة الفلسطينيّ بإظهاره مستسلماً ضعيفاً معتمداً على الآخرين لتحرير بلاده!.
هذه النغمة النشاز لم تكن لتظهر لولا الإحساس بالوجود العميق والمتجذّر للروح المقاومة والتي ينبغي استئصالها (حسب أهدافهم) ولكن هذه الروح المقاومة لا (أم هارون) ولا (آل هارون) كلهم يستطيعون استئصالها مهما كثرت الوجبات الرمضانيّة التي يدُسّ فيها السمّ، لكن هناك طرفاً آخر مستعداً لهذا التطبيع، أو هو لايمتلك وعياً تجاه القضيّة الفلسطينية وأقصد جيل الشباب، لتغدو أدوات الدراما شركة مؤسِّسة لوعي مزيّف تجاه قبول الإسرائيلي وإلغاء الفلسطيني، إضافة إلى الأدوات الأخرى التي يشتغل عليها ومنها أدوات التواصل الاجتماعي، لتحقيق التراكم النوعيّ المنشود.
الحديث ذو شجون، ولكي نبحث في هذا النهج والخطة والنغمة الجديدة النشاز التي بدأت بها المحطات المطبّعة الخليجية من خلال عرض المسلسلات التي تبرز التطبيع ظاهرة ثقافيّة منطقيّة، والفرق بينها وبين المسلسلات الهادفة الملتزمة بالخط الوطني المقاوم (حارس القدس أنموذجاً)، ومايجب علينا فعله اليوم تجاه حالات التطبيع هذه، كان لابد للـ(الجماهير) من الوقوف مع باحثين ومخرجين سينمائيين وكتّاب ونقاد وشعراء أغلبهم فلسطينيون، لاستطلاع آرائهم حول هذا التطبيع الوقح..
التطبيع جريمة إنسانيّة تتنكر للحق التاريخي
د. نضال الصالح روائي وناقد أكاديمي
دعيني أتفق بداية معك في مفردتين وردتا في سؤالك هما: النهج والخطة. فلا أثر لأيّ فعل من دونهما، وهذان، أعني النهج والخطة، هما ما تقوم بهما وعليهما أطروحة التطبيع التي تكاد تكون في السنوات الأخيرة، ولا سيما مع ظهور أكذوبة الربيع العربيّ التي تمكّنت من تحطيم كثير من القيم والمفاهيم والمبادئ، وحاولت تكريس بدائل منها جعلت الواقع العربي يتساقط يوماً بعد يوم تحت ضربات ثقافة وضيعة على غير مستوى، ومن ذلك التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر روافع مختلفة، من المؤسف والمفجع أنّ ركائزها وحملتها هم ممن يفترض المرء أن يكونوا حرّاس القيم والمبادئ، أعني المشتغلين بالفكر والثقافة والفنّ. الأمر الذي يستعيد إلى الذاكرة محاولات بعض المثقفين والفنانين المصريين إبان ما سُمي اتفاق السلام بين مصر والكيان الصهيوني، ثمّ تتابعت عربات التطبيع لتبلغ غير جزء من الجغرافية العربية، وليسقط في مستنقعها غير قليل من المشتغلين في حقول الثقافة، وأخيراً، وربما ليس آخراً، المشتغلون في حقل الدراما. التطبيع ليس جريمة قومية فحسب، بل، أيضاً جريمة إنسانية لأنها تتنكر للحق التاريخي لأصحاب الأرض في وطنهم فلسطين، وتسوغ للمحتلين اغتصابهم هذا الحق، وتزعم أنّ من حق الآخر المختلف، بل المغتصب على نحو أدق، أن يكون.
إنّ الاعتراف بحق الآخر في الحياة والوجود لا يكون على حساب الحقيقة، وسوى ذلك لا يعني غير شيء واحد هو غياب الضمير، أو تغييبه، أو موته على نحو أدقّ، فكيف إنْ كان من يفعل ذلك ممّن اصطلحت عليهم بحرّاس الحق والحقيقة، وممن يجب أن يكون في الصفوف الأولى من جبهة الثقافة المناهضة للتطبيع.
أحسبُ أنّ ما يحدث الآن، في دراما من مثل أم هارون أو سواها، فعل طارئ في الزمان والمكان، وأنه لن يكتب له البقاء في الذاكرة طويلاً، وأنّ عملاً مثل حارس القدس يعيد الاعتبار إلى ثقافة المقاومة التي يجب أن نعض بالنواجذ عليها؛ لأنها سبيلنا الوحيد لنكون لائقين بالانتماء إلى مجد الإنسان.
فلسطين استعصت على أكاديميات التزوير التاريخي
وليد عبد الرحيم كاتب ومخرج فلسطيني
لا يقتصر معنى فلسطين على مجرد تجمع مدن وقرى وغابات ومشاهد ساحرة، هي اختصار لروح الارتقاء والتحليق الإنسانية في فضاء معرفي نقي غني بمفردات الحياة وفحوى النزوع الأخلاقي. ولأنها أخرجت الإنسان من كهوف البدائية إلى رحاب العمران والمدنية، فإن أتباع الخَرَف الوثني، وعَبَدة كهوف التخلف والإرهاب والتزوير، وكل الفسدة وفارغي القيم الإنسانية متكالبون عليها وعلى شعبها الأسطورة اليومية، الذي لم يكف عن النضال والتضحية لقرن كامل خلا.
إن هذه الهجمات الوقحة المتخلّفة المفردات والطعم، والمريضة من حيث التقييم السريري السيكولوجي، التي يسوسهم فيها الموساد وأفيخاي أدرعي الركيك ثقافياً ومعرفياً لن تأتي أُكلها، ذلك أن فلسطين استعصت على أكاديميات التزوير التاريخي.
لقد عرض ترامب وكوشنير عشرات المليارات على الفلسطينيين، وذلك في فترة ضعف فلسطينية وعربية استثنائية ظناً منه بأن وقت الإقرار بالهزيمة قد حان، فكان رد الكل الفلسطيني بلا استثناء والشعبي العربي برمّته، ليس في بلاد الشام وحدها، بل من أهلنا في الخليج العربي، بأن فلسطين وقضيتها ليست للبيع. هذا ما دفع هذه الأنظمة المرتهنة-وليس حتى شماعة الخطر الإيراني كما يزعمون- لدفع نكراتهم للهجوم على الفلسطينيين كشعب، بل وعلى تاريخ فلسطين البديهي، وقد لاحظتُ انتباهةً مهمة جداً، هي أنهم لم يقدروا على تجنيد مثقف حقيقي أو إعلامي واحد، فكل المشاركين في مهازل التهجمات ومنها هذه المسلسلات التي نضحتْ مؤخراً هم من شحيحي الثقافة والمهنيّة، وليس من شخصية واحدة تحظى باحترام ساهمت في ذلك، ولهذا معناه!. لقد هدروا ملايين الدولارات على أعمال درامية عدوانية، أنا شخصياً سعيد بنتيجتها، فقد أعطت مفعولاً عكسيّاً حيث أن أول وأكثر من استنكرها واحتقرها هم مواطنو النظام الممول قبل غيرهم، وهذا يدل على أن قوة المنشار والساطور تنهزم أمام ثقافة الكرامة الجماهيرية القومية والإنسانية الراسخة حتى في حلكة أزمنة السواد والتقهقر… إن هذا يعبر عن هزيمتهم لا أقل من ذلك. وأحب الإشارة هنا إلى ما جاء في هذه المسلسلات من تعابير عنصرية وهجومية غير حضارية ولا تتوافق مع أصول وفلسفة الفن، ولهذه الأسباب أعتبرها فاشلة وصفراء وستثبت الأيام بأنها حصدت غير ما بُذر لها.
رهاننا على تنامي وتعاظم محور المقاومة
صلاح أبو لاوي شاعر فلسطيني
منذ توقيع اتفاقيات العار مع العدو الصهيوني، كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، استطاع العدو الصهيوني الدخول إلى البيت العربي بشكل رسمي، بعد أن كان يتسلل إليه عبر نوافذ الأنظمة التابعة للغرب بشكل سرّي.
وقد وقفنا في وجه التطبيع في الأردن من خلال جمعية مناهضة الصهيونية والعنصريّة، التي أتشرف بالانتساب إليها، وخضنا أشرس المعارك مع الدولة الأردنية في محاولات حثيثة لتوعية الناس أولاً، والتشهير بالمؤسسات التي تتعامل اقتصادياً مع دولة الاحتلال، بل وحاولنا أكثر من مرة الزحف إلى حيث السفارة الصهيونية؛ لإغلاقها دون أن نتمكن من ذلك.
إن أخطر ما تمر به مرحلة التطبيع اليوم، هو الولوج إلى المؤسسات الثقافية والروابط الفنية التي طالما حاول العدو كسر جدرانها، ولم يستطع بفضل وعي المثقفين والمبدعين، وإدراكهم خطورة هذا الفعل الذي يعدّ جرماً بحق الأمة والشعوب، حتى وصل الأمر إلى ما وصلت إليه بعض دول الخليج العربي من هرولة في محاولة للحفاظ على أنظمتها ضد ردة الفعل الناجمة عن فشلها في تحقيق أهداف الصهيونية بتدمير الأقطار العربية المقاومة المجابهة للعدو المحتل، فألقت هذه الدول بكل ثقلها لقلب الحقائق وتزوير التاريخ، فصار المقتول في عرفها قاتلاً، والقاتل ضحية، ولحق بها إعلامها المرتزق ومؤسساتها الثقافية والفنية، فكان ما كان من مسلسلات تهافتية مثل مسلسل أم هارون، أو أم شارون لا فرق، وغيره مما يعرض في هذا الشهر الكريم، أو ما يبث عبر وسائل التواصل من منشورات وفيديوهات تحرّض ضد الفلسطينيين وتدعو إلى قبول العدو.
في المقابل لا تزال سورية قلعة العرب الأخيرة، شبه وحيدة، ثقافيّاً وفنيّاً في المواجهة، سواء من خلال مؤسساتها الرسمية أم الشعبية، وهو ما أفرز الكثير من المؤتمرات والندوات، قبل تلك الهجمة الصهيوعربية عليها وأثناءها، وأنا شخصياً حضرت وشاركت في مؤتمر حق العودة في العام 2009 في دمشق، وقبله وبعده استمرت تلك الفعاليات بوتيرة عالية لرفع منسوب المقاومة ودعماً للشعب الفلسطيني في حقه بأرضه.
ومسلسل حارس القدس جاء كردّ طبيعي، على الجرم التطبيعي لدى كثير من الدويلات الهامشية في عالمنا العربي، وهو يمثل الوحدة التاريخية في الدم والمصير لأقطار بلاد الشام، من خلال المطران إيلاريون كبوجي ابن حلب الشهباء، الذي أفنى سني عمره مدافعاً عن عروبة القدس وحقّ الشعب الفلسطيني في مقاومة المحتل.
إن زيادة مثل هذه الأعمال والنشاطات الوطنية والتوعوية والتي تبرز بشكل جليّ، وعبر التاريخ المعروف للحركة الصهيونية في فلسطين، جرائم العدو في فلسطين وفي الوطن العربي، لهو خير ردٍ على الفعل المقابل، ورهاننا دوماً على وعي الشعب العربي الرافض أبداً لوجود هذا الكيان الغاصب في قلب الأمة العربية، ورهاننا الأكيد على تنامي وتعاظم محور المقاومة والذي حقق حتى الآن المزيد من الانتصارات سواء في لبنان أو سورية أو العراق وإيران، في أن يغير المعادلة، والذي سيؤدي بالنهاية إلى تساقط تلك الأنظمة الرجعية وزوالها، مما يمهد لليوم المنتظر الذي لاريب فيه لتحرير فلسطين، كلّ فلسطين.
قنوات التطبيع تستكمل خطابها الإعلامي المتخاذل
عفراء هدبا مديرة دار دلمون للطباعة والتوزيع
رغم أن التطبيع سياسياً واقتصادياً بدأ مع زيارة السادات إلى فلسطين عام 1978 إلا أن جبهة الثقافة لم ترتهن إلى مشاريع التطبيع، ومافتئت تقاوم وتتصدى لكل ما أفرزه الواقع السياسي من تحولات بهذا الاتجاه، تبدّى في النتاج الفكري والأدبي، وتجلّى في السينما والدراما والأدب بجميع صنوفه. وبينما نجح الكثير من الأعمال في توثيق نضال شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومقاربة همّ أهلنا وهم يقارعون الاحتلال، تطالعنا قنوات التطبيع بدراما خليجيّة تستكمل من خلالها خطابها الإعلامي المتخاذل تحت عنوان العيش المشترك لتعبر عن مواقف أنظمتها المهرولة باتجاه التطبيع، مايستدعي اليوم فضحها ومقاومتها عبر المقاطعة والمحاسبة لكل المتواطئين والمشاركين فيها، ووضعهم أمام مسؤوليتهم القومية والأخلاقية، بعد أن حادوا عن رسالة الفن الهادف والنظيف، ولعل أهم أشكال المقاومة في ظل هذا التوجه الخطير تقوم على إنتاج أعمال تناهض فكرة التطبيع وتضيئ على رموز النضال العربي، وتؤكد على ثقافة المقاومة، كما في (حارس القدس) في الموسم الحالي، وقبله التغريبة الفلسطينية والكثير من الأعمال السينمائية الخالدة التي ستعيش طويلاً في ذاكرة المواطن العربي، وستفعل فعلها في وجدان وعقول أبناء هذه الأمة التي مازالت تواجه التحديات وتخوض الحروب في سبيل تأصيل هويتها، وانتزاع حقوقها المهدورة على خلفية مشاريع التجزئة والتقسيم، واليوم، للأسف والعار، التطبيع.
لنا من يقول “فلسطين قطعة من قلبي”!.
محمد موسى رئيس قسم التربية في الأونروا سابقاً
إن أي تنازل للعدو يؤدي إلى تنازلات لاحقة أكبر، فلا شيء يولد فجأة ..الدول والاستخبارات ومراكز الدراسات تحدد الهدف وطرق تحقيقه، والمعيقات وكيفية التغلب عليها.
الهدف تمرير صفقة القرن..بداياتها منذ كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة..أدواتها أنظمة الحكم وملحقاتها.أما المعيقات فهي إرادة الشعب العربي عامة، والفلسطيني خاصة والدول العربية المناهضة للتطبيع وعلى رأسها سورية. أما الوسائل فهي القوة العسكرية وفورات الغوغاء، ولعل الدور الأكبر للإعلام بقنواته المختلفة لجأت إلى تصريحات وتغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي وإلى المسلسلات التي تظهر أن التطبيع هو حاجة شعبية ومنطقية .فكان مسلسل (أم هارون) ومسلسل (مخرج7) تبدى من خلالهما سمّ أفاعي الخونة الذي حوّل حياة الفهد من سيدة الشاشة الخليجية إلى عاهرة اسمها أم شارون .
ولنا على الضفة الأخرى شرفاء لنا، حارس القدس السوري الفلسطيني، لنا غبطة البطريرك المناضل إيلاريون كبوجي مطراننا جميعاً، مسيحيين ومسلمين، لنا الشرفاء حسن. م. يوسف وباسل الخطيب ورشيد عساف، ومئات ممن شاركوا برؤية النور لحارس القدس. لنا الشآم قلب العروبة ونبض العرب، لنا من يقول “فلسطين قطعة من قلبي” و”دفاعك عن بيتك في القدس دفاع عن بيتي في حلب”.. فلنحذف قناة mbc ، ولتضج صفحات التواصل الاجتماعي بتعرية الخونة، فصفقة القرن لن تمر.
كثرة المطبّعين لا يخيف هذه الأمة
عادل سالم كاتب ورئيس تحرير موقع ديوان العرب
التطبيع بدأ مع كامب ديفيد، لكنه بقي تطبيعاً سياسيّاً لبعض الحكام العرب، سراً وعلانية، لكن صوت التطبيع اشتد منذ مطلع التسعينيات بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وحرب الخليج الأولى، واتفاقية كامب ديفيد التي دمّرت القضية الفلسطينية، وتاجرت بدماء شهدائها.
قناة الجزيرة الصهيونية أول من نظَّر، للتطبيع، وسوقه في العالم العربي، وخصوصاً دول الخليج عبر فتح المجال للمسؤولين الصهاينة بالظهور في قنواتها، وقد كانت في ذلك تنفذ أجندة أمريكية صهيونية مخططة تهدف إلى تحويل التطبيع من تطبيع سياسي، لتطبيع ثقافي شعبي، وقد استخدمت في ذلك ملياراتها النفطية لتخريب الجبهة الثقافية، حيث كانت تروج للتطبيع من جهة عبر العاملين في قناتها الخيانيّة، ثم تحاول أن تستميل المثقفين العرب عبر مؤسسات وجمعيات ثقافية أنشأتها لرشوة المثقفين وإسكات أصواتهم عبر جوائز أدبية، ودعم مالي، وتوظيف إلخ.
وبعد أن حققت انتصاراً مرحلياً في نشاطها التطبيعي هذا تم إصدار الأمر لبقية دول الخليج للسير في نفس الاتجاه، مستفيدين من انشغال بعض الدول العربية في مشاكلها الداخلية المفتعلة. هذا التهافت الخليجي للتطبيع المتدرج ما كان ليتم لولا انحسار المقاومة العربية، وغياب دول وازنة مثل سورية، والعراق، وإشغالها بحروب داخلية؛ كي تسهل الانفراد بالساحة العربية، واحدة تلو الأخرى للتطبيع الشعبي.
وما هذه المسلسلات الخيانية التي يقدمونها للمواطن العربي مثل (أم هارون)، أو حارة اليهود إلخ إلا تتويج لكل الممارسات السابقة التي تهدف إلى نزع فكرة المقاومة من عقول المواطنين العرب، ودفعهم للاستسلام، والشعور بالعجز عن المواجهة، والتسليم بالاحتلال الصهيوني تحت حجة، (ما لنا ولفلسطين). في المقابل هناك الطرف الآخر المقاوم لفكرة التطبيع، غير المستسلم، والذي يرفع شارات النصر من تحت الركام.
(حارس القدس) هو أحد هذه المسلسلات الناجحة التي تشعل في كثير منا شعلة المقاومة، وتشجع على الصمود، والتصدي لكل المشاريع المناهضة لهذه الأمة. (حارس القدس) بعث فينا الأمل من جديد، بأن في هذه الأمة الكثير من الأبطال، الذين يمكن الاقتداء بهم، ويمكن بعثهم من جديد. هناك العديد من هذه المسلسلات المشابهة مثل (عائد إلى حيفا)، (التغريبة الفلسطينية)، وغيرها. لكن بصراحة حجم هذه المسلسلات الوطنية قليل جداً، ولا يتناسب مع كمّ السموم التي تطل علينا من قنوات عربية عديدة وفي المقدمة منها قنوات الخليج.
نحن مقصرون في هذا المجال، بحاجة لجهود أكبر لإبراز الدور المقاوم في الثقافة العربية، كي يكون هو السائد، وليس دعاة التطبيع، والذين يزيفون التاريخ كل يوم. الذين كانت بوصلتهم فلسطين، ومنهم المطران الراحل كبوجي، وشهداء أمتنا، وأسرانا، سيخلدهم التاريخ، أما المهرولون نحو التطبيع لعيون المال والشهرة والرضى الصهيوني، فسوف يحرقون في مزابل التاريخ. إن كثرة المطبعين لا يخيف هذه الأمة، فهم كبعوض الصيف سرعان ما يختفون عندما تتساقط حبات المقاومة على رؤوسهم.
رقم العدد ١٦٠٣٢