الجماهير- بيانكا ماضيّة
وحلمٌ يأتي على جنحِ غيمةٍ يرسلُ ذبذباتِه في كل هذا الفضاء الذي يتراءى في عالمٍ آخر، وتغلي التساؤلات في داخلها: لمَ هو؟! ولمَ أنا؟! ولمَ كلُّ هذا الرنين؟!
من تلك العتمةِ التي أتيتها منها، لاح ضوءٌ متسربلٌ بالأغنيات، بالأمنيات، وعلى وقعِ أجراس التواصل فرشتْ لك كلَّ الأوراق؛ لتختارَ منها..ونسلتَ ورقةً كانت الأقرب إلى مافي داخلها، ثم لذتَ بالصمت! .
في ليلِك الطويل، كنتَ تتقلّب فيها على هسيسِ الحروف، وينتابك الأرقُ من كل الجهات، وتسائل نفسك: أيُّ طريق هذا الذي لابد من أن أمشي فيه؟! أهو قدرٌ، أهو تواردُ أفكارٍ، أهي الحقيقة أم الوهم؟!
في تلك الطريق التي مشيت فيها لم يكن كل شيء واضحاً تماماً، الطريقُ طويلةٌ وذاتَ منعرجاتٍ والتواءاتٍ كثيرة، ستشعرُ بالتعبِ وأنتَ سائرٌ في حدودِها الضيقة، فوقَ حصاها التي ستتعثرُ بها، ولكن موسيقا في داخلك تجعلك تقفز من جانب إلى آخر؛ لتمسك بكل المعاني، فأية معان تلك التي تريدها واضحة كشمس أيامك؟!
قدماكَ لاتزالان في خطواتهما الأولى، في حبوك الطفولي نحوها، تصنعكَ في خيالها ، وتَوَدّ أن تأتيكَ الأحلامُ في غفلةٍ منك، أنت تحبو وهي تطير، وتَود أن تصنعَ لكَ أساطيرَ من عشقٍ وولهٍ واخضرار..
تجترحُ لكَ المعجزاتِ وتلوِّن حنينَها إليكَ، فتصنع لوحاتٍ من روحِها لم تخطر على بالكَ قطّ، وتخالُ أنك تدري جوهرَها، لكنكَ لم تبلغْ مداها لتدرِكَ سطوحَ ماسِها.
ألم تأتِها في أحلامِها؛ لتصنعَ عالماً ضبابيَّ الملامح، مفعماً بالتساؤلات؟! ولكن الكواكبَ التي رسمتْها في مداراتكَ، كانت هي في مساراتها قمراً مغتسلاً بماء روحِك!.
رقم العدد ١٦٠٣٦