حوار مع الشاعرة رضوان : وجدت نفسي وشخصيتي في القصيدة العمودية .. قصائدي دائماً تناصر قضايا المرأة

 

الجماهير – أسماء خيرو

تكتب الغزل العفيف والعشق السامي، شعرها يفوح بعبق المعاني الراقية، فتارة تراه يترنح بالوجد والألم والحرمان ولوعة الفراق، وتارة تراه يترنم بالشوق واللقاء. قيل عن نصوصها الشعرية:إنها مرايا صافية عميقة تكشف للمتلقي ماوراء الصورة المنعكسة عليها حين تشي بألوان من الانفعال الشفيف والترقب الراعش والتشظي المتماسك والحزن الأخاذ..لها العديد من المشاركات في الأمسيات الأدبية والثقافية صدر لها ديوانان شعريان (صدى الاشتياق – وطيور النار) إنها الشاعرة رنا رضوان، “الجماهير” التقت بها وناقشت معها بعضاً من المحطات في الحياة والشعر.
– كبشر في حياتنا محطة أولى اسمها البداية هي تكون بمثابة منارة تنير لنا الطريق نحو المستقبل تحدد لنا المصير الذي نحن عليه اليوم حدثيني عن المحطة التي انطلقت منها نحو عالم الشعر.
-المحطة التي انطلقت منها إلى عالم الشعر كانت في منزل خالي الذي كان لديه عشق غريب للشعر، شغف لاحدود له بالشعر العباسي والجاهلي، صاحبته في كل جلساته الشعرية منذ نعومة أظفاري، كنت ألقي خلال الجلسة الكثير من القصائد لشعراء عدة (كالعباس بن الأحنف -المتنبي- وإيليا أبي ماضي) كان هناك شيء مجهول يشدني نحو هذا الشعر الراقي، وظل عالقا في ذهني إلى أن أصبحت شابة، وبدأت بالاجتهاد على نفسي بأن أقرأ الكثير من كتب الشعر، ثم اشتريت كتب تعلم نظم الشعر، وبدأت بكتابة بعض قصائد النثر وأبيات بدون وزن، وعندما أحسست بأني أملك الموهبة بدأت بكتابة الشعر الموزون. وفي ٢٠١٢ ولدت لي أول قصيدة اسمها ( اعتراف ) وهي قصيدة غزلية، ثم تطور الأمر لدي، وأصبحت أكتب القصائد (الاجتماعية – الوطنية – والدينية – والرومانسية) إلى أن صدر لي ديوانا شعر، نعم لقد حققت حلم خالي الذي شجعني، وكان منارتي للسير في طريق الأدب والشعر .


– يقولون من يريد أن يصبح كاتبا أو شاعرا أو أديبا عليه أن يقرأ الكثير من الكتب حتى يصقل موهبته ويثري قريحته اللغوية لمن تقرئين؟ وأي من هذه الكتب تحظى لديك بمكان عزيز على القلب؟ ومن من الشعراء الذين كان لهم الأثر الكبير الذي لايمحى؟
-نعم هذا الكلام صحيح لقد قرأت الكثير من الكتب حتى أني ثابرت للحصول على كتب الأدب العربي من قريبة لي كانت ابنة عمتي؛ كي أدرس الأدب العربي، واستطعت أن أدرس هذه الكتب في البيت وباجتهاد شخصي رافقتها حتى التخرج ، وكنت أحفظ كل قصيدة أحس أن فيها روحا وكلمات تدخل القلب دون استئذان، أقرأ للكثير من الأدباء، ولكن لايهمني الكاتب أو الشاعر، المهم أن تكون كلماته فيها إبداع وجمال. والكتب التي تحظى لدي بالمكان العزيز هي كتب نجيب محفوظ، ومن كان له الأثر الذي لايمحى من الشعراء هو الشاعر العباس ابن الأحنف .
– في شعرك المرأة لها النصيب الأكبر من كلماتك الراقية فأين ترين نجاح المرأة اليوم في قصيدة النثر أم في القصيدة الموزونة؟ وهل للمرأة دور وحضور في الساحة الأدبية التي يطغى عليها الحضور الذكوري؟!.
-أولاً المرأة توسعت في قصيدة النثر أكثر من القصيدة الموزونة وسبب ذلك يعود لأن شعر النثر لايحتاج إلى جهد، بالإضافة إلى أن فيه مساحة من الحرية أكبر لايتقيد الكاتب بقافية أو وزن، والمرأة نعم وبكل تأكيد لها حضور كبير وواسع في الساحة الأدبية فرضت نفسها بقوة أصبحت كلمتها مسموعة، والشعر الذي تكتبه له متابعة وجمهور لايستهان به .
– اليوم نحن نعيش في عصر الانترنت نجول في مواقعه، الأغلبية أصبحوا شعراء، إلى أي مدى تعتقدين أن مواقع التواصل الاجتماعي لها دور في نجاح وانتشار القصيدة ؟!.
– لها دور كبير وطاغ وأنا لا أنكر دورها المؤثر والكبير في انتشار الأديب ونجاحه، ولكن ليس كل من كتب بيت شعر أو كلمات متناسقة هو شاعر! لقد أوجدت مواقع التواصل الاجتماعي نوعاً من الفوضى، واختلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح، واليوم هناك حملة بصدد أن تضع كل شخص بمكان، وتحدد لكل إنسان هويته، فلا يجوز أن نطلق على كل من كتب كلمات نثرية لقب شاعر.
– بعد هذا المشوار في مجال الشعر هل تعتقدين كامرأة أن الإعلام أعطاك حقك؟! وهل استطعت أن تفرضي نفسك في الساحة الأدبية؟!
– بعد هذا المشوار الطويل أعتقد أني فرضت نفسي بقوة كشاعرة، وأصبح لي أثر كبير، وأنا وبلا فخر، وبتواضع “الله أكرمني” وأصبح لدي مكانة لابأس بها ، أما بالنسبة للإعلام حتى وقتنا الحاضر فلم يعطني حقي! وأنا لا أعرف السبب، فأنا أكتب الشعر لأن لدي هدفاً ورسالة أريد إيصالها.. يكفيني أن تصل رسالتي لقارئ واحد، يكفيني أن يحس البعض بكلماتي، وهذه هي مكافأتي، الشهرة لاتعنيني بشيء، مايعنيني وصول المعنى .
– عندما تكتبين ماهي الطقوس الخاصة بك التي تستدعي إلهام الشعر أو شيطانك الشعري على حد قول الكثيرين؟!.
– دائماً أحرص على أن يحيط بي الهدوء والسكينة – الوحدة تلهمني كثيرا والظلام والعتمة تحركان الخيال لدي تجعل شيطان الشعر نشيطاً، حتى أن زوجي في كثير من الأحيان ينتبه علي عندما أكون مستغرقة في النوم، فجأة يجدني أصحو من نومي؛ لأدون أبيات من الشعر في الظلام على الموبايل ثم أعود للنوم مرة ثانية. مصدر إلهامي الرئيسي ووحي الشعر يأتيني في العتمة والهدوء.
– لكي نكتب لابد لنا من مثير سواء موقف أو حدث أو ربما أغنية معينة أو كلمات تستدعي مابداخلنا من مشاعر فنوثقها إما بالشعر وإما بكتابة رواية أو خاطرة.. ماهي أكثر المواضيع التي تثيرك كي تكتبي وتدافعي عنها في الشعر ؟!.
– دائما في شعري أركز على موضوع العتاب تثيرني تناقضات المجتمع من تفكك أسري – عدم الوفاء – العنف الذي تتعرض له المرأة – أنا مدافعة قوية في شعري عن حقوق المرأة التي تتعرض للعنف والتهميش، حتى أني سلطت الضوء في العديد من قصائدي على المرأة المغيبة والمهمشة، المهضوم حقها .. دائما أتساءل لماذا هذا التهميش والمرأة هي الأم- والأخت- والزوجة – والصديقة- والمحاربة والمناضلة في وقت الأزمات . وبالمجمل أغلب قصائدي تستهويها قضايا المرأة وتناصرها حتى أني عندما سمعت قصيدة “أنا وليلي” للشاعر حسن المرواني تقمّصت دور الفتاة وحولت اللوم من الفتاة الملامة على تركها الحبيب إلى الفتى العاشق الذي تركها على استعجال ووجه اللوم إليها أمام الناس..
– النقد سواء كان إيجابي أو سلبي يعتبر المحرك الأساسي للذات لتطور من نفسها ومن المؤكد أنك تعرضت للنقد على غرار كل مبدع أخبريني ما أكثر نقد أزعجك؟
– الحقيقة وبعد هذا المشوار وتعبي لسنين طويلة، وأنا أجتهد لكتابة الشعر العمودي ووصلت إلى ماوصلت إليه من نجاح في القصيدة العمودية، يأتيني أحد النقاد الذي لا أريد أن أذكر اسمه ويقول لي: عودي إلى كتابة شعر النثر.. وأنا اليوم أقول له: لقد وجدت نفسي في الشعر العمودي. لقد جربت النثر ولم أفلح به وجربت أن أكتب شعر التفعيلة، فجاءت الأبيات ركيكة، أنا مكاني في الوزن والقافية (معه وجدت نفسي وشخصيتي) .
– والآن حدثيني عن طموحك على المستوى الشخصي والأدبي؟! وعن أصعب لحظة صمت فيها شعرك ؟
-على المستوى الشخصي أتمنى أن تتحسن الأوضاع ، وأن أرى النجاح والتوفيق يصاحب أولادي، أما على المستوى الأدبي فأمنيتي أن يعم الأمن والأمان والسلام على وطني الحبيب.. ثم أن أشارك بالمهرجانات الثقافية العربية حتى يصل شعري لكل أرجاء الوطن العربي. وأصعب لحظة لم أستطع أن أعبر فيها هي لحظة مرض أختي التي أصيبت بمرض عضال، وأجرت عملية خطيرة في الدماغ، وقتها فقط أحسست أني وحيدة كتمت حزني في قلبي فاختنق قلمي وصمت الشعر .


– وقبل أن أنهي معك هذا اللقاء وتقولي كلمتك الختامية..حدثيني بقصيدة تصاحبك دائماً ولها مكانة عزيزة على قلبك!.
– الصراحة هناك العديد من القصائد التي لها مكانة خاصة على قلبي، وهذه إحداها، وهي من ديوان طيور النار / رفعت كفي للأعلى أودعه – فليتها قطعت يوم الوداعِ يدي – وددت من كل قلبي حين ودعني – أن لاأرى الشمس فجراً بَعْدَه بغدي – ماتت فراشات عمري وهي ظامئة – وأحرقتها طيور النار في كبدي – والليل بعدك بحر لاانتهاء له – وليس يعلم مافي القلب من أحد .
أما الكلمة التي أريد أن أختم بها هذا اللقاء فهي الشكر الجزيل لصحيفة الجماهير التي رافقتني في كل لحظات نجاحي، وأقول لكل من يريد أن يكتب الشعر: أن “يقرأ ثم يقرأ ثم يقرأ “.. فالشاعر المتمكن عليه أن يحفظ على أقرب تقدير ٣ آلاف بيت من الشعر، فنحن أمة اقرأ المفروض أن نقرأ حتى نستطيع أن نبدع .
رقم العدد 16068

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار