” حي الهلك ” واقع خدمي يحتاج معالجة .. الأهالي يشتكون من سوء واقع النظافة وتجمعات الأنقاض والآليات المهترئة .. خدمات السليمانية : نقص في عمال وآليات النظافة
الجماهير – انطوان بصمه جي
تنتابك الدهشة عندما تدخل حي الهلك لتجد غياب أغلب الخدمات عنه بدءاً من تراكم حاويات القمامة وانتشار الحشرات ووجود هياكل السيارات المحترقة مروراً بغياب الكهرباء منذ تحرير تلك الأحياء نهاية عام 2016 وليس أخيراً تراكم الكثير من الأنقاض ، سرعان ما ترتسم في ذهنك إشارات استفهام كثيرة ، من المسؤول عن غياب غالبية الخدمات الأساسية التي يحتاجها سكان ذلك الحي؟ كيف يستطيعون العيش في منازلهم رغم غياب الحاجات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء.
ذكريات مؤلمة
تعود بنا الذكريات إلى ما قبل عام 2011 فنقف برهةً نستذكر منزلاً لصديق أو ورشة صناعية اجتمع عمالها وراء آلاتهم ليصنعوا أجود أنواع الأحذية (المخصصة للتصدير) ومعها نستذكر مشفى زاهي أزرق ” الحميّات ” بدهاليزه ” العتيقة ” والقريب من محالج القطن وأحياء الفلاحين القادمين الجدد إلى المدينة، وصولاً إلى أوتوستراد شركة المياه، لتجوب عيناك بناء يقطنه طبيب أسنان، واليوم يبقى البناء موجوداً لكنه فارغاً من قاطنيه، وبما أن هذه الذكريات كانت تلحّ على الذاكرة فإن لإلحاحها هذا ردة فعل مؤلمة، إذ يعتصر قلبك الألم والحزن عندما تفارق الحي لمدة عشر سنوات وتعود لزيارته والاطلاع على واقعه الأليم.
شكاوي بـ “الجملة”
حين زارت ” الجماهير” حي الهلك بعد ورود شكوى خطيّة مقدّمة من أهالي حي الهلك الفوقاني علمنا أنّ الحي يعاني من كثرة الحشرات الموجودة الناتجة عن تراكم القمامة والأنقاض، بالإضافة إلى وجود هياكل سيارات تالفة تشكل عائقاً أمام مرور السكان في الشوارع الضيقة، إضافة إلى انتشار ظاهرة الكلاب الشاردة ، الأمر الذي يشكّل حالة رعب للأهالي خصوصاً في فترة الليل بسبب غياب التيار الكهربائي، وطالب أهالي الحي في الشكوى المقدمة إلينا بإنارة الشارع الممتد من مطعم البرج إلى مشفى زاهي أزرق.
جالت “الجماهير” في الحي المذكور واطلعت على واقعه البعيد نسبياً عن مركز المدينة، إذ يقع شمال شرق قلعة حلب، يجاوره من الغرب حيّا بعيدين والشيخ مقصود، ومن الشمال عين التل التي تضم محالج القطن، ومن الشرق حيّا الحيدرية والشيخ خضر، ومن الجنوب يلاصقه حي بستان الباشا. بدأت الجولة من جانب شركة الهرم للشحن مما يسمى الشارع العريض، حيث يوجد مركز عيادات الحي ويجاوره كمية كبيرة من الأنقاض. ولدى سؤالنا لأهالي الحي عن مكان تجمّع الأنقاض تبين أنه كان كنيسة تعرضت للدمار وبقيت الأنقاض كما هي عليه إلى اليوم بمساحة تقدر 35×25 متر.
أنقاض تغلق شوارع
في حين كان شارع جامع عمر بن الخطاب أكثر سوءاً، فوجود بناء مهدم كلياً أغلق الشارع الفرعي بشكل تام إضافة إلى وجود سيارة نوع بيك آب مهترئة تعود ملكيتها إلى أحد القاطنين في الحي، إذ يقول الشيخ أحمد الذي يقطن خلف شارع الفافيني لـ “الجماهير” إن السيارة المهترئة موجودة في الحي منذ 6 سنوات مضيفاً : تجمع العديد من أنواع الحشرات والقوارض بالإضافة إلى غياب الكهرباء حيث تم الاستعاضة بتركيب الأمبيرات بأجور 1800 ليرة سورية مقابل تشغيل حوالي 8 ساعات يومياً.
بينما قال زكريا العبو من سكان حي الهلك إنه يقطن الحي منذ عام 1970 ونقوم بإجراء عمليات الترميم والتصليح لمنازلنا للتخلص من المصاريف الإضافية كإيجار المنزل، متمنياً تحسن الأوضاع الخدمية ووصول الكهرباء التي تشجع عودة الكثير من أهالي الحي.
السوق “مشلول”
جانب ثانوية (عبد المنعم قصاص) والتي تبدل اسمها إلى (ابن سينا)، يجلس أمام محله المختص للوساطة العقارية، ينتفض ليتحدث عن هموم حيّه، علي الطويل يقول لـ “الجماهير” إن الحي يشهد عودة الكثير من الأهالي لكن انعدام الكهرباء تخفف من سرعة عودتهم إضافة إلى وجود الأنقاض التي تحتاج إلى إزالتها من قبل القطاع الخدمي المعني بترحيلها، في حين يوضح الطويل أن الحي يشهد حركة سكانية خصوصاً مع تواجد مصانع الأحذية التي تنتج أفخر الأنواع التصديرية، بينما تكاد حركة إيجار المنازل تكون معدومة بسبب انعدام التيار الكهربائي إذ يرغب المستأجر بتعويض فروقات أسعار الأمبيرات عن طريق استئجار منزل في حي مجاور يحتوي على خدمات إضافية، في حين أن حركة البيع والشراء متوسطة بسبب ارتفاع أسعار المنازل وقلة الطلب.
ازدحام على الأفران
وأوضح نويران تركمان أحد سكان الحي أن غالبية الصعوبات التي تواجه الأهالي غياب الكهرباء وغياب الإنارة في الطرقات الفرعية الأمر الذي يساهم بتواجد الكلاب الشاردة خصوصاً في الأوقات المسائية وتراكم الأنقاض والأتربة، مؤكداً وجود تقصير من قبل القطاعات الخدمية المسؤولة عن نظافة الحي والعمل بشكل أكبر تجاه مكافحة الحشرات ورشح المبيدات، مضيفاً أن فرن الحي يعمل بطاقات كبيرة ويقدم الخبز بنوعية جيدة لكن الازدحام يشكل أحد الصعوبات الفرعية.
ترحيل أنقاض
مختار حي الهلك خليل العيسى قال لـ “الجماهير” : إن قطاع السليمانية المسؤول عن الحي يعمل بشكل يومي لترحيل النفايات وامتناع تكدسها، أما وضع الكهرباء فقد تم التواصل مع مدير المؤسسة العامة للكهرباء الذي وعدنا بزيارة الحي والاطلاع على مشاكله، وفيما يتعلق بالأنقاض المتراكمة التي أغلقت بعض الطرقات الفرعية أوضح مختار الحي أنه تم التواصل مع القطاع الخدمي المعني وتم تحويلها إلى فرع الإنشاءات ، وبالانتقال إلى موضوع السيارات المهترئة في الحي وعد “العيسى” العمل على معالجتها بأقرب وقت.
الحاجة لدعم أكبر
وفيما يتعلق بمكافحة الحشرات والقوارض بيّن مختار حي الهلك أن مديرية خدمات السليمانية تقوم برش المبيدات الحشرية مرتين في الأسبوع في يومي الأثنين والخميس لكن الحاجة الفعلية لمساحة الحي لا تكفي، أما بخصوص باصات النقل الداخلي كشف مختار الحي أنه تم التنسيق مع مدير النقل الداخلي لتخديم الحي ورسم خط مسيره وسيتم تخديمه بأقرب وقت.
خدمات السليمانية : حملات نظافة وتعقيم
بدوره قال مدير خدمات السليمانية المهندس انطوان أيغو لـ “الجماهير” إن المديرية تتألف من 13 حي بمساحة 900 هكتار أي ما يعادل 9كم2، بالنسبة لما يتعلق بواقع النظافة في حي الهلك بيّن أيغو أن لكل حي مايعادل 3 عمال نظافة حيث يتم تعويض النقص في الكادر البشري بغسيل الشوارع في 13 حي بشكل شبه يومي بواسطة صهريج مياه، ونصيب حي الهلك منها مرة كل أسبوعين، بالإضافة لذلك قامت مديرية خدمات السليمانية بـ 7 حملات تعقيم ونظافة بوجود مخاتير وأعضاء لجان الحي وإحدى هذه الحملات كانت بالتنسيق مع الهلال الأحمر، وبخصوص الشكوى المقدمة لتجمع أكياس القمامة حول حاوية في الشارع العريض بالهلك بين المهندس أيغو وجود عطل طارئ في الضاغطة رقم 2441 والتي تخدم الأحياء المحررة منها حي الهلك وتم إرسالها فوراً بعد القيام بأعمال الصيانة.
98% من الشوارع سالكة
فيما يتعلق بالمناطق التي تم تحريرها والتي تعرضت للدمار حيث كان يوجد العديد من الشوارع المغلقة بسبب تراكم الأنقاض وتم العمل على إزالتها وبالتالي استطاعت المديرية فتح الطرقات، حيث تم توقيع عقود لفتح الشوارع وتم فتح ما يقارب 98% من الشوارع المغلقة في الأحياء التي تم تحريرها نهاية عام 2016 وهي 8 أحياء (الشيخ خضر، الهلك، الشيخ فارس، بعيدين، بستان الباشا، عين التل، الشيخ أبو بكر، وجزء من حي سليمان الحلبي) .
عقود لترحيل الأنقاض
وأضاف المهندس أيغو أنه بقي جزء بسيط من الشوارع المغلقة بسبب تراكم الأنقاض سيتم فتحها من خلال العقود المبّرمة مع شركات القطاع العام هذا الصيف، منوهاً أن بعض الشوارع في أحياء الهلك مغلقة (الواردة في الشكوى جانب الشارع العريض) لا يمكن ترحيلها بشكل فوري بسبب وجود أنقاض إنشائية وأعمدة مسلحة يتطلب ترحيلها معدات هندسية خاصة لتجنب حدوث انهيارات في الأبنية المجاورة لها.
وبخصوص موضوع الحشرات الذي ورد في الشكوى المقدمة لجريدتنا أوضح المهندس أيغو أن عمليات رش المبيدات تكون ضمن جدول دوري ويوجد حملة تعقيم ونظافة بعد منتصف الشهر الحالي في عدة أحياء بالتعاون مع إحدى الجمعيات الأهلية.
ترحيل 15 سيارة
وعن ترحيل السيارات المهترئة الموجودة في حي الهلك بيّن مدير خدمات السليمانية أنه تم عقد اجتماع مع الضابطة العدلية في المديرية وتم توجيههم بجرد كافة السيارات المهترئة في حي الهلك، مبيناً أن المديرية حتى الآن إحالة 15 سيارة من الأحياء 13 التابعة لها وترحيل باص جانب شركة الهرم في حي الهلك، لكن بعض السيارات طلب اصحابها عدم نقلها لحين كتابة ضبط أضرار بها ممهلاً أصحاب السيارات بالإسراع في إجراء الضبوط خلال الشهر الحالي وإلا سيتم ترحيلها في نهاية الشهر الحالي.
صعوبات بـ “الأرقام”
في حين تكمن الصعوبة في مديرية خدمات السليمانية العجز الحاصل في الكوادر البشرية بوجود كادر شعبة النظافة المؤلف 65 عاملاً منهم 45 عامل نظافة فعلي أي (بمعدل 3عمال للحي الواحد) ونغطي العجز المطلوب في الكوادر البشرية بزيادة ورديات العمل والقيام بحملات دورية في الأحياء التابعة للمديرية وبالتالي فإن كل حي ينال نصيبه من حملات النظافة مرتين في الاسبوع على الأكثر، بالإضافة لوجود آليات متوقفة منها تركس بوك عدد 2 وتحتاج لقطع غيار بعضها غير متوفر وسيتم إصلاحها من قبل مديرية الآليات في مجلس مدينة حلب في خطة العام الحالي، وأحياناً تظهر أعطال طارئة كما حدث في الضاغطة رقم 2441 في الأسبوع الماضي والتي تخدم الأحياء المحررة حديثاً منها حي الهلك وتم إصلاحها ووضعها في الخدمة لتقوم بحملة نظافة وترحيل بشكل يومي وبإشراف مختار الهلك.
وكشف مدير خدمات السليمانية أن الحاجة الفعلية للأحياء لا تقل عن 20 عامل نظافة لكل حي أي (ما يقارب 260 عامل) وهو العدد الفعلي للعمال الذين كانوا متواجدين في المديرية قبل بداية الأزمة، حيث طالبنا في الاجتماعات المتكررة في مجلس مدينة حلب بإجراء مسابقات لتوظيف عمال نظافة ذكور.
ت: هايك أورفليان
رقم العدد 16069