الجماهير- بيانكا ماضيّة
منذ أيام قرأت منشوراً لأحدهم لم تعجبني تفاصيله، وجدتها (علاك بعلاك) ومقالاً لايسمن ولايغني من جوع، وبدأت بتجهيز الرد الناقد له، ولكني وجدت أن هناك بعض الجمل التي ذكرها لم يصلني معناها الحقيقي فشككت في أمور عديدة، أرسلتها لأخي ليؤكد صوابيّة تحليلي لها، فنصحني بألا أدخل في هذه المهاترات، وأن أضع يدي ورجليّ في ماء بارد، وأنا أتلهّى بالعصافير والقطة “لوسي” لأن غداً أحلى! طيب.. لكن لابد من الكتابة، فإليكم ماكتبته:
يوم الجمعة بالنسبة للكثيرين يوم استراحة، لكنه بالنسبة لآخرين هو يوم عمل، وأنا من هؤلاء الآخرين، اليوم بعد شرب فنجان القهوة الذي تفوح منه رائحة تتغلغل إلى الدماغ فتُسكره، تترافق مع سحبة السيكارة، وزقزقة عصفور يحطّ خارج القفص، وصفنة في برنامج العمل، كانت الساعة قد بلغت الواحدة، وهذا موعد شطف الدرج في البناية، وبالنسبة لي لا أحب تحديد مواعيد كهذه، لأني لا أحب الالتزام بقرارات يأخذها غيري، وخاصة إذا كان الموضوع متعلقاً بي أيضاً، لذا لا بد من كسر هذا القرار، نصف ساعة أخرى لابأس لضرورة التمرّد!..
أبي الذي يحب المياه كثيراً، يبدي رغبة في مساعدتي في شطف الدرج، يلا بيتسلى معنا، وبدل أن يبدأ من الطابق الذي نسكن فيه، يبدأ من الطابق تحت السطح، لأن السطح نظيف، هواء ربّاني يجعله نظيفاً دائماً، وبما أن لا أحد يسكن فوقنا فقد أخذ راحته بالشطف، يابابا خلصنا عندنا عملية تنظيف داخلية أيضاً… يلا خلّصت.. ولكن من ياحزركم يكون هناك عند الباب ينتظره ليعرف ماذا يفعل أبي في البناء؟! “لوسي” القطة ، جلست بخبث شديد تتربصه، بعد قليل بدأت بالمواء الشديد، تشعرك بأنها تناديه، أنه “وينك طالع لفوق، شو عم تعمل؟ ماعم تسمع أنه بدي آكل”؟!” مع أني قد وضعت لها السمّامي يسمّها في المطبخ، إلا أنها أدارت ظهرها وركضت باتجاه الباب لتعرف ماذا يفعل أبي في البناء.
لا أحب شطف الدرج بمياه (الخرطوم) أحب أن أعبئ سطلا كبيراً و(أدلقه) على الدرج، فتجرف المياه كل الأوساخ إلى الأسفل، هذه المياه أضع لها نوعاً من أنواع المنظفات للتنظيف الصحيح.. وفيما كنت أتابع الشطف لتحت كنت أفكر بالقطعة الأدبيّة وبالزاوية الصحفية اللتين سأكتبهما، وكدت أتابع غسيل الدرج إلى ماتحت تحت طابقنا، فتوقفت وعدت.
نعود للوسي فما إن بدأت بعملية التنظيف الداخلية، حتى بدأت بحقارتها المعتادة، وعادة ما إن تراني أرتب الغسيل حتى تبدأ ببعثرته، قطعة قطعة، وما إن تراني أضع الشرشف النظيف على السرير حتى تبدأ بنكش أجزائه الخارجية المحشورة تحت الفرشة، وك ياملعونة … اتركينا نشتغل، لأ، راسها وألف سيف إلا بدها تلعن أبو الشغل. اضطررنا لأن تكون “لوسي” بيننا، ولكن يبدو أننا كفرنا!..
أبي يستعجلني بالانتهاء من عمليات التنظيف للجلوس على الشرفة وشرب فنجان القهوة معه على رواق، أؤجل بقية التنظيف لبعد الاستراحة الأولى، أخرج إلى الشرفة ومعي فنجانا القهوة، فأراها تصوّب نظراتها لي، في استعداد للمعركة معي، غالباً ماتعاركنا فهبشتني وهبشتها، ومن ثم تنسحب بالتهديد برشها بالماء الرذاذ، ما في غير التهديد بالماء يبعدها لهالعنزة الجربانة “لوسي”.. لكنها مع أبي متل القملة المفروكة، تكون جالسة في حضنه فتبدأ بعضّه وخرمشته، ويا ويل اللي يفكر بعضّ أبي أو خرمشته، ما إن يرفع يده حتى تخفض رأسها وتغمض عينيها وتتكور على نفسها، ومن ثم تنزل من حضنه وتتربصه من البعيد، تراقبه وعيناها تظهران خبثاً لاحدود له، أشعر وكأنها تريد الانقضاض عليه، فأقول لها: عيونك بدّي شيلها.. فترفرفهما لي على نفاق وخبث وحقارة. من يوم يومها هيك “لوسي” وأحياناً أناديها (فشتكة) وفشتكة كبيرة كمان، لأنه لا صفة تليق بها إلا هذه الصفة، مابعرف من وين الله بلاني فيها، لم تبقِ قطعة في البيت إلا ونشبت أظافرها فيها، وإن سمحنا لها بالتمادي معنا لنهشت أجسادنا ومزّقتها.
البارحة بعد عملية التنظيف للمنزل، لم يحلُ لها إلا أن (تفعلها) في المكان الذي لاتفعلها فيه عادة، في وسط الصالون، يلعن … ، لسه هلأ خلصنا تنظيف، بابا خود ربّيها، تخفض رأسها وتغمض عينيها وتتكور على نفسها..العمى ما أحقرها! وبابا مو فاضيلها كل يوم يقعد يربّيها، عنده مخططات وأفكار للضيعة (ريف إدلب)، ومن ثم ما الذي يجب أن يقوم به من تنظيف وترتيب وبناء وزراعة وما إلى ذلك..شو كل يوم هو فاضيلها لبنت الحرام “لوسي”؟!.
معركتنا لم تنتهِ معها…ويتبع..